ما وراء ابتسامة هولاند لنتنياهو

يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد نجح في إنشاء علاقة صداقة، متينة إلى حدّ ما، مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، وذلك بعد زيارته الأخيرة إلى فرنسا ولقائهما الأول في نهاية الشهر الماضي.
وليس واضحاً ما إذا كانت ابتسامة هولاند وترحيبه المبالغ فيه بضيفه يخفيان وراءهما كرهاً لرئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي طالما ابتسم له الرئيس السابق نيكولا ساركوزي برغم وصفه سراً بالـ”كاذب الذي لا يطاق”.

ما سبق تفسّره سياسة الاشتراكيين الفرنسيين، الممثلين بهولاند، والتي اتصفت دائماً بمهادنة سياسات إسرائيل، حيث عُرف فرانسوا ميتران، الذي كان أول اشتراكي يصل إلى سدة الحكم في فرنسا، بتقاربه مع الساسة الإسرائيليين.

ولذلك فقد أنهى نتنياهو زيارته الفرنسية مغموراً بالسعادة، إن صحّ التعبير. ونقلت مجلة “لو نوفل أوبسرفاتور” الفرنسية عن المحيطين بنتنياهو قولهم “إنه (هولاند) أفضل بكثير من ساركوزي”، وذلك لأن الرئيس الفرنسي، بحسب المجلة، أبدى موقفاً صارماً من الملف النووي الإيراني، ومن “الخطر الذي يمثله حزب الله في لبنان”، كما بقي متحفظاً على طلب فلسطين تحويلها إلى دولة غير عضو في الأمم المتحدة

.
بل يذهب هؤلاء إلى أبعد من ذلك، فسعادة نتنياهو العارمة كان مردّها الموقف الإيجابي الذي عكسه هولاند، مناقضاً الصورة السلبيّة التي كان يحملها رئيس الوزراء الإسرائيلي عنه. فقد لفت المحيطون بنتنياهو إلى المسألة قائلين إن “محللينا وآخرين من معارفنا في فرنسا قدّموه على أنه لا أحد، ولكن من وجهة نظرنا، كان حكماً خاطئاً”، وبالتالي فإنّ تلك العلاقة الجديدة “ليست إلا عكس العلاقة بين نتنياهو وساركوزي تماماً”، بحسب “لو نوفل أوبسرفاتور”.

الأمر الذي ناقضته صحيفة “لو فيغارو” حيث اعتبرت أن نتنياهو أبدى سعادته إزاء “استمرارية” السياسة الفرنسية من ساركوزي إلى هولاند في ما يخص محاربة معاداة السامية والمشروع النووي الإيراني.

وتوغل “لو نوفل أوبسرفاتور” في شرح أسباب العلاقة المتوترة على خط تل أبيب – باريس، وهي التي احتدمت، بحسب المجلة، بعد الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي أسرته حركة «حماس» في قطاع غزة في العام 2006، وتم إطلاق سراحه في تشرين الأول العام 2011.

 السبب كان رفض رئيس الحكومة الإسرائيلي أن يظهر أي دور للإليزيه في عملية شاليط، وهو “الأمر الذي لم يسامح عليه أبداً سلف هولاند” تل أبيب. ويعترف أحد المقربين من ساركوزي ونتنياهو للمجلة بأنه “ببساطة، لم يتحمل الطرفان بعضهما بعضا في نهاية الأمر”، واصفاً الوضع بينهما بالـ”مَرَضي”.

وإذا كان هناك أي شك في حقيقة التوتر الذي كان يشوب العلاقة بين ساركوزي ونتنياهو، تكفي مراجعة الحديث الخاص الذي أجراه الأول مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، لتأكيد التنافر بينهما. ففي تشرين الثاني من العام 2011، وبعد مؤتمر صحافي مشترك بين ساركوزي ونظيره الأميركي على هامش قمة الدول العشرين في كان، وصف ساركوزي رئيس الحكومة الإسرائيلي بـ”الكاذب”.

 ونتيجة لخطأ تنظيمي حيث كانت الميكروفونات في قاعة الاجتماعات مفتوحة، سمع العالم الرئيس الفرنسي وهو يشكو قائلاً “لا أستطيع أن أتحمله”، فما كان من أوباما إلا أن رد عليه بالقول “أنت سئمت منه، وماذا عني؟.. أنا مضطر للتعامل معه يومياً”.

إعداد: ربى الحسيني

Similar Posts

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *