أربيل كوردستانية مو عراقية

(أربيل كوردستانية مو عراقية): كانت هذه هي اللافتة التي حملتها الجماهير الكردية الكروية في ملعب (فرانسو حريري) بأربيل في اليوم الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر) 2012, وكانت مكتوبة بثلاث لغات, بالانجليزية والكردية والعربية, كتبوها بخط واضح, على لوحات قماشية صفراء, بطول ستة أمتار, وحملوها على رؤوس الأشهاد أثناء المباريات النهائية بكرة القدم بين نادي أربيل ونادي الكويت, بحضور كبار المسؤولين في إقليم كردستان, ومشاركة أعضاء اللجنة الأولمبية الوطنية العراقية السابقة واللاحقة, التي ضمت (الوطنيين) الجدد, فلم يكترثوا لأمر اللافتات اللاوطنية, التي امتلأت بها مدرجات الملعب بظلالها الصفراء, ولم تهتز مشاعرهم الوطنية لهذا التجاوز على وطن العراقيين كلهم من محطة قطار (ربيعة) إلى محطة قطار (المعقل). .

رب قائل يقول: انها رسالة إلى الحكومة الحالية للاحتجاج على أمر ما, فنقول له: إن العراق وطننا كلنا وليس وطنا لكتلة سياسية بعينها, ولا وطنا لمحافظة من المحافظات دون غيرها, ولا وطنا لطائفة من الطوائف, أو فرقة من الفرق, فالعراق وطن الكل, ويتعين على الأجزاء أن تتماسك, وتتمسك بارتباطاتها الجذرية العميقة, وتوثق علاقاتها مع بعضها البعض. .

ورب قائل يقول: إن أربيل ومدن إقليم كردستان كلها ستنفصل عن هذا العراق, فنقول له, ما الشيء المعيب بالعراق, الذي كان مهدا لكل السلالات الإنسانية, ومهبطا للرسالات السماوية, ودارا للخلافة والخلفاء, ومنارا للعلوم والفنون والآداب, وأقوم البلدان قبلة وأعذبها دجلة وأقدمها تفصيلا وجملة, فما الذي يعيب العراق الذي اختاره الله جل شأنه من بين أقطار السماوات والأرض, وخصه بالمزايا العظيمة, والخيرات العميمة ؟. .

ورب قائل يقول: إن الناس في كردستان لا ينتمون إلى الشعب العراقي, فنقول له: ما الذي بدر منا حتى يشمئزوا منا, ويعلنوا علينا العصيان والتمرد ؟, وما الذي ارتكبناه حتى ينسلخوا منا في هذه الظروف القلقة, التي صار فيها الانتماء إلى إسرائيل, والى واشنطن هو الانتماء الذي سلكته العرب المتأمركة, التي افتضح أمرها في الخنوع والخضوع والتبعية, والولاء لقوى الشر ؟. .

ورب قائل يقول انها دعوة مشروعة لتقرير المصير, فنقول له إن من يريد الانشقاق ينبغي أن يعتمد على نفسه منذ الآن, وأن لا يكون عالة على غيره, ولا يستنزف موارد البصرة القابعة في أقصى الجنوب, وان لا يكون متأرجحا في تطلعاته المستقبلية بين الرغبة في الارتباط والرغبة في الانفصال, ولا متذبذبا بين الالتصاق والتجزئة, ولا مشتتاً بين الالتحام والانقسام, وبين الوئام والانفصام. .

ورب قائل يقول: إن الجماهير الكردية الكروية حملت رسالة إلى الأشقاء الكويتيين تعلن فيها البراءة مما فعله بهم العراق قبل ربع قرن, فنقول له ما أسوأها من رسالة, وما أقبحها من لافتة, وما أسخفها من فكرة لا تعبر بصدق عن بشاعة المأساة, التي كانت فيها الكويت هي المحرض والمحشد والمؤجج والمنتقم والشامت والمتشفي, وكانت هي الطرف الفاعل في تدمير بنيتنا التحتية والفوقية من الشمال إلى الجنوب, وهي التي أخضعتنا تحت مقصلة البند السابع حتى يومنا هذا, من دون أن نقترف إثما, أو نرتكب ذنباً. .

يقول يحيى بن معاذ: ((القلوب كالقدور تغلي بما فيها, وألسنتها مغارفها, فأنظر إلى الرجل حين يتكلم, فإن لسانه يغترف لك مما في قلبه)), وهذا ما بينته لنا المشاهد الحية بالصوت والصورة.

http://www.youtube.com/watch?v=sRBwF4-fNVE&feature=channel&list=UL

فيلم واضح, يظهر فيه رجل من عناصر (الآسايش) وهو يجرد شاباً من العلم العراقي الذي كان يحمله على كتفه, ويمنعه بالقوة من التلويح به. .

لقد منعتنا إيران من التلويح بأعلامنا في ملعب (آزادي) بطهران عام 2011 بعد فوز منتخبنا الكروي على منتخبهم ضمن التصفيات الأولية لأولمبياد لندن. .

وقعت تلك الحادثة في طهران عاصمة إيران, ولم يحتج أحد, لكنها تكررت الآن على أرض عراقية خالصة بموجب بنود مسلة حمورابي وأحكام نبوخذنصر وشريعة أورنمو ووصايا آشور بانيبال, وإقرار خلفاء الدولة الأموية والعباسية كلهم, وبموجب الشهادة الرسمية لتاريخ وجغرافية ودستور أرض الرافدين, وبموجب مواثيق هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن والجامعة العربية, وبشهادة كل الأنبياء والرسل المدفونين بين الموصل الحدباء والبصرة الفيحاء, ابتداء من سيدنا (شيت) عليه السلام في جبال نينوى, وانتهاءً بسيدنا (العزير) عليه السلام على ضفاف الأهوار. .

فهل سيأتي اليوم الذي يُمنع فيه رفع العلم العراقي في المحافظات الأخرى ؟, وهل ستُقيد هذه الانتهاكات العلنية المسيئة ضد مجهول بعد مضي شهر عليها ؟, وما هي ردود أفعال أعضاء اللجنة الأولمبية الوطنية العراقية في التعبير عن وطنيتهم في الرد على الإساءات المتعمدة لعلم العراق ونشيده الوطني ؟, إلا يفترض بهم أن يغادروا ملعب (فرانسو حريري) بعد مشاهدتهم لتلك اللافتات, التي أعلنت عن انسلاخ أربيل من جسد العراق باللغة الانجليزية والعربية والكردية ؟. .

والله يستر من الجايات.

Similar Posts

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *