المالكي لصحافة الكويت //..الخرائط رُسمت… وبات ضرورياً الإيمان والاعتراف بأن الكويت دولة
أشاد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بتوجه سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، في تحقيق أجواء إيجابية في العلاقات بين البلدين، مشددا على «ضرورة الايمان بالاعتراف بأن الكويت دولة وهذا ما كنا نذكره للبعث يوم كنا في المعارضة»، لافتا إلى أن العرق «لا يريد تنازلا عن دينار واحد من الاخوان في الكويت، الامر ليس مشكلة أموال، وهناك نحو 13 مليار دولار متبقية نلتزم بتسديدها».
وقال المالكي خلال اجتماعه بالوفد الصحافي الكويتي الذي يزور العاصمة بغداد في اطار سلسلة من الزيارات المتبادلة بين البلدين، ان إنهاء ملف الخطوط الجوية العراقية يعد بادرة إيجابية، يمكن ان تسرع في طي كافة القضايا والانتقال بالعلاقات الثنائية الى مرحلة جديدة، داعيا الى ان يتعاون الجانبان لفتح آفاق جديدة في العلاقات الثنائية وتطويرها في جميع المجالات، مشيرا الى ان بلاده تواصل العمل على حل جميع المشاكل التي خلفها النظام السابق مع دول العالم والدول المجاورة.
من جانبهم اكد أعضاء الوفد الكويتي استعدادهم للعمل على تعميق العلاقات بين الشعبين على مختلف الصعد خصوصا في المجالات غير الرسمية.
وأكد المالكي في حديثه ان جهد بلاده منصب على إعمار العراق وحسم المشاكل العالقة مع الكويت والتي لخصها بثلاث، قال انها «امور معلقة وهي العلامات الحدودية وصيانتها ومن ضمنها تعويض المزارعين والأرشيف الكويتي ورفات الشهداء»، مؤكدا ان الكويت دولة جارة، وان سياسة بلاده اليوم هي الايمان بعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
واستهل المالكي كلامه بالقول «نحن بلد نريد ان نبني ونريد ان نستقر، ومنذ عقود نحن مهجرون ومهاجرون. حروب ومغامرات وسجون واعدامات. حرب مع ايران دامت ثماني سنوات اهلكت البلاد، ثم غزو الكويت وما تبعها من تدمير للبلدين، ناهيك عن الاضطهاد والاعتقالات على الظن والشبهة».
واعتبر ان «هذه صورة العراق حتى وقت قريب. العراق تأخر اعماره وتأخرت زراعته وتأخرت خدماته. نريد ان نبني ولا نريد مشاكل مع الآخر. وجهدنا منصب على حسم كل مشاكلنا مع الكويت ومع ايران»، مشيرا الى ان «نظام صدام خلف لنا مشاكل مع ايران ايضا اذ ترك لنا اتفاقية عام 1975 وذهب.. وغير هذا ايران تطالبنا اليوم بتعويضات أيضا».
واوضح ان «النظام السابق خلف لنا مشاكل كثيرة ونحاول ان نحلها بالتي هي احسن مستفيدين من تفهم اخوتنا في الكويت لحرجنا»، لافتا الى ان «السياسة العامة للبلد هي الابتعاد عن المشاكل مع الاخر». وحذر المالكي دولا لم يسمها من تصدير خطاب الطائفية الى بلاده، وقال «نحن لم يكن عندنا مشاكل السنة والشيعة، وقد صدرت الينا من الخارج. عشائرنا من مكونات مختلفة فيها سنة وفيها شيعة، مثل الجبور وعنزة وشمر وغيرها، فاتركونا نتفاهم في ما بيننا».
وسلط المالكي الضوء على الملف العراقي الكويتي، قائلا «لا نريد ان نوقف التعويضات التي ندفعها الى الكويت، ولا نريد تنازلا عن دينار واحد من الاخوان، فهناك نحو 13 مليار دولار متبقية نلتزم بتسديدها، فالكويت ايضا دمرت وخربت والامر ليس مشكلة اموال».
واشاد بدور الشيخ صباح الاحمد. وقال «نأمل من سمو الامير ألا يقصر باتجاه تحقيق الحلول، كما نعول على الحكومة الكويتية والبرلمان الكويتي الجديد، وهم لم يقصروا في هذا الاتجاه».
وحول زيارة سمو رئيس مجلس الوزراء الى العراق، والتي تأتي في ظل نوايا صافية باتجاه تحقيق الحلول، قال المالكي «انا اشيد بهذا الرجل واشعر بطيبته وصدقه، وهذا لا يعني ان الشيخ ناصر المحمد لم يكن كذلك وقبلهما سمو الامير.. عموما الحكومة كانت مع ايجاد مخارج.. لديكم مشاكل مع مجلس الامة، ونحن ايضا لدينا مشاكل مع مجلس النواب».
وعن الاصوات النشاز التي تعيق ذلك التقدم قال المالكي «نحن بلد لم يتخلص من حسابات داخلية وخروق خارجية تؤثر علينا.. وحتى الآن ثمة من يحمل افكارا كانت سائدة في النظام السابق ونحن نروض هذه الحالات.. بصراحة موقفنا صعب، لأن حزب البعث صنع عقلية مغلقة على حقائق غير قابلة لأن تكون مواقف».
واشار المالكي الى اثر تأويل الخطاب بين البلدين. وقال «اليوم نخاف ان نقول ان الكويتيين اهلنا وعندنا عشائر.. سينبري احد ليقول عندكم اطماع بالكويت، ولكن نحن اعمام وعشائر مشتركة، وهذا تواصل موجود، والنتيجة ما كان على الارض باعتباره حقائق وخرائط رسمت واقرتها الامم المتحدة، فلا سورية تستعيد الاناضول (يقصد لواء الاسكندرون) ولا العراق يفرط بالموصل الى تركيا، ولا ايران تعطي عبادان الى العراق».
واضاف «ولكن ظل صدام وحزبه ينفث تلك الافكار في عقول الناس حتى نما عليها الطفل ولعب بها السياسي وصارت موردا للمتاجرة والبيع والشراء»، مشددا على ضرورة الايمان والاعتراف بأن الكويت دولة «وهذا ما كنا نذكره للبعث يوم كنا في المعارضة».
وتابع قائلا «تبقى تفاصيل نريد تعاونا بها.. ما مصلحتنا في ألا نسلم رفات الشهداء الكويتيين، اذا كنا نعرف اين هم الان.. فينبغي ألا تتوقف كل قضايانا الا بعد العثور على آخر شهيد كويتي… فأنا لم اعثر على عشرات من اقربائي الذين قتلهم نظام صدام».
وانتقل الى الحديث عن الارشيف الكويتي قائلا «كل ما نحصل على ارشيف نشتريه بأموال. وهناك قطعة زيتية اشتريناها قبل فترة من اجل اعادتها. وما حصل ان جيشا همجيا آنذاك دخل الكويت وربما حرق الوثائق او عبث بها… ما مصلحتنا بأرشيف الاذاعة والتلفزيون ولو كانت عندنا مصلحة بالارشيف كنا صورناه وسلمناكم اياه». ومضى الى القول «هما قضيتان لا نستطيع الايفاء بهما لصعوبة تحقيقهما، اذ ليس من المعقول ان نعرف برفاة كويتي ولا نقوم بتسليمه، فيما مئات الآلاف من ابناء شعبنا لا نعرف اين دفنهم نظام صدام واين ذبحهم».
وتحدث عن ايجابية حسم ملف الخطوط الجوية. وقال «انه امر جيد اننا نجحنا في المضي باتجاه حسم ملف الخطوط الجوية العراقية. وأنا متفائل جدا بهذا التوجه الجديد لدى سمو الامير وكذلك لدى سمو الشيخ جابر المبارك ومتفائل اكثر بالنمو الجيد في الوسط الشعبي العراقي وكذلك الكويتي… نحن نجحنا في محاصرة السلبيين»، مشيرا الى «ان الشعب العراقي قد مل اليوم ويقول كفى لنحل المشاكل فإلى متى نظل نعيش في ظلها».
واضاف «ان الامور الثلاثة المعلقة هي الدعامات الحدودية وصيانتها وبضمنها تعويض المزارعين والارشيف الكويتي ورفات الشهداء» ،مشيرا الى ان «الاخوة الكويتيين يريدون منا شارعا على الحدود… نحن ايضا نريد ذلك الشارع ولكن هذا مكلف فأصبروا علينا.. نريده مع سورية ومع السعودية، وهذه اموال ضخمة، ونحن اليوم نتفاوض مع شركات فرنسية لتزويدنا بأجهزة متطورة ومركز اشراف في بغداد، بيد ان حدودنا تبلغ نحو 3200 كيلومتر وهذه كلها بحاجة الى مليارات الدولارات». وضرب مثالا بموقف بلاده من الاحداث في سورية، وقال «هذه هي الحالة مع سورية… ارسلنا جيشنا الى الحدود وقلنا لهم، قفوا هنا لا تدعوا احدا يعبر الى سورية من العراق ولا تسمحوا لأحد ان يعبر باتجاه العراق»، مضيفا «لم نقف لا مع المعارضة السورية ولا مع النظام السوري، لأننا نتفهم معاناة الشعب السوري، وهي تشبه معاناة الشعب العراقي ولا تختلف عن معاناة العراقيين سابقا، ونتمنى للشعب السوري ان تكون له ديموقراطية وانتخابات، وان يحصل على حريته وان يكون له نظام جديد».
واكد ان «كل جهدنا هو ان نحمي بلدنا من التدخلات. نحن عندنا اثار صدام واثار الحرب الطائفية التي قتل فيها نحو 70 ألف شخص، ونريد اليوم ان نلملم الجراحات ولكن لملمتها امر صعب لتشابك الملفات…قضايا المياه متشابكة مع المياه والبر مع البر وملفات الأمم المتحدة ايضا».
واعتبر المالكي ان الاتهامات كثيرة بهذا الشأن «واذا فتحنا باب الاتهامات لا احد يتخلص منها ولا اي دولة تنجو منها… ولكن نريد حقائق على الارض».
واضاف «الاتهامات كثيرة واذا التفتنا اليها ستختلط الاوراق»، نافيا ان يكون ثمة سلاح يمر عبر العراق الى سورية، موضحا «نعم نسمح بمرور مواد غذائية وخاطبنا الايرانيين بذلك، واجابنا الايرانيون بالقول نحن لسنا بحاجة الى ان يمر السلاح عبركم… نحن أوصلنا السلاح الى غزة وهذا السلاح الذي ضرب تل ابيب سلاح ايراني وصواريخ فجر 5 اسلحة ايرانية، حتى ان حماس خرجوا وقدموا الشكر لايران».
وبشأن موقفه من نظام الرئيس السوري بشار الاسد قال المالكي «انا لم اتهم بشار… انا قدمت شكوى ضده في مجلس الامن ودافعت عنه انظمة عربية… كان يصدر لنا الموت والمفخخات والقتل وحزب البعث، وكان يدرب المقاتلين الذين يفجرون في العراق، حتى ان اميركا دافعت عنه، وفي هذا المجلس». واكد ان بلاده تقف على الحياد بشأن الموقف السوري. وقال «اذا سمحت للسنة ان يعطوا سلاحا للمعارضة، فإنه سيتاح للشيعة دعم النظام وبشار، وبالتالي نصطدم بيننا ونرجع للمربع رقم واحد».
وعبر عن شكره لموقف بعض الدول الخليجية التي اشادت بموقف الحياد الذي اتخذته حكومته. ومضى الى القول «انا ضد الحصار. وهذا ما قلته للاميركان. الحصار الاقتصادي والانساني مدمر ونحن ضحيته. لأن منظومة القيم حينها يهتكها الحصار». واضاف «حاسبوا بشار عسكريا حاسبوه سياسيا… فصدام حسين قام ببناء معظم قصوره اثناء الحصار. وبشار الاسد لن يتضرر اليوم بالحصار على سورية»، مشيرا الى ان «من سيتضرر اليوم هو الشعب السوري».
ورأى المالكي ان دخول السلاح الى سورية يعني اذكاء الحريق فيها وقال «انا اليوم لا امنع اي شيء انساني يدخل الى سورية، ولكن اقولها بجد امنع كل سلاح يمكن ان يدخل الى سورية عبر العراق سواء كان الى المعارضة او الى النظام لأني اعتقد ان دخول السلاح الى سورية يعني استمرار الحريق»، واصفا ما يجري في سورية «بأنه حرب بالنيابة بين قوى اقليمية ودولية متصارعة في ما بينها»، متسائلا «الى اين ماضية سورية؟ قبل سنتين قال الاميركان: بعد مرور شهرين سيسقط بشار… فقلت بعد عامين ولن يسقط… وها هو لم يسقط لأن الحرب اليوم في سورية اصبحت حربا طائفية وتخندقا وحربا بالنيابة.. اليوم هي بين روسيا واميركا في اراض سورية… وزير خارجية روسيا اليوم كأنه وزير خارجية سورية». واضاف «الان النزاع بين تركيا وايران على الارض السورية والان هناك صراع سني شيعي في سورية الى اين ماضية سوريا لا احد يعرف… فهل تأمن من هذا الوضع تركيا… بالطبع لا ولا تأمن منه ايران ولا السعودية». وبين «نحن الان في العراق يساورنا قلق من الازمة السورية وخطابنا متواصل مع اهلنا في السنة داخل العراق ونقول باستمرار لا تتورطوا في هذا النزاع وكذلك مع الشيعة احذروا من التدخل فإنها فتنة ستعود علينا ولا تضعوا اصبعكم فيها».
واكد ان «لا سياسة للعراق حيال الازمة في سورية لا تحت الطاولة، ولا فوقها ومبادرتنا واضحة قدمناها الى السيد كوفي عنان، وقدمناها الى الاخضر الابراهيمي حين اتى الى العراق. وقال الاثنان انها مبادرة ناضجة تنتهي بالحل السلمي باجراء انتخابات وبارادة شعبية تنهي بشار تنهي النظام ومن يأتي اهلا وسهلا».
وعن الوضع الداخلي في بلاده وتوتر الاحداث وتسارعها في ما يتعلق بالازمة بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة الاقليم في كردستان العراق، قال المالكي «ان موضوع الأكراد قضية داخلية ومسعاهم لتأسيس دولة، ولكن دولة تريد ان تعيش على دولة هذا امر ليس بصحيح»، معتبرا ان «هذه القضية فيها دفع خارجي ونحن لن نسمح له ان يصل الى مرحلة القتال اذ رفعنا شعارا واحدا مفاده بأنه لا مشكلة مع احد وانما هذا الدستور هو الحكم».
وحذر من نتائج لا تحمد عقباها مؤكدا «قلنا للاكراد اذا حصل القتال هذه المرة سيصبح قتالا عربيا كرديا، لأن المناطق المختلطة هي في الاصل مناطق عربية وتركمانية، واذا تفجر القتال لن نصل الى نتيجة، وفيها تركمان وعرب لن يقفوا مكتوفي الايدي، ويندلع قتال عربي كردي لن يتوقف. فيا اخوة لا تستمعوا الى من يدفعكم بهذا الاتجاه لأنه سيورطكم». واضاف «هناك قسم من الاخوة الاكراد يعون خطورة هذه الازمة وقسم اخر في رؤوسهم هوى، ولكن ان شاء الله لن نسمح ان تصل الى القتال، بشرط ان يلتزموا بالدستور ويكفوا عن الضغط على الناس في تلك المناطق».
وذكر بشرعية الدستور العراقي في منح حق التملك للعراقي في اي مكان بالعراق قائلا «الدستور العراقي يقول ان من حق المواطن العراقي ان يسافر ويمتلك بيتا في اي جزء من العراق، وان يسكن في اي جزء من العراق. ويقول ان الجيش العراقي جيش اتحادي له الحق في ان يتحرك في أي جزء من العراق».
وتساءل «كيف تعترض على تحريك الجيش في كركوك او تشكيل قيادة عمليات دجلة… هذا ليس من حقك. ومن حق الجيش ان يدخل الى اربيل و(يقعد يمك)»، محذرا من مسار الازمة بعيدا عن غطاء الدستور، بقوله «نقول باستمرار تعالوا الى الدستور، لأنه من دون الدستور تذهب الى طابع آخر وليس ثمة مصلحة».
واعرب عن اسفه لما يحدث من انهيار للاقتصاد في منطقة كردستان العراق وقال «ما الذي حصل في كردستان الان… بعد كم الهزات التي حصلت اخير… اقتصادهم نزل الى الصفر… رئيس الجمهورية جلال طالباني، ابلغني ان الاقتصاد نزل بنسبة 70 في المئة، وانا لدي معلومات انه هبط الى ادنى من هذا المستوى، اذ من سيجازف بأن يستثمر في منطقة على كف عفريت، من الشرق ايران ومن الشمال تركيا ومن الجنوب العراق، فضلا عن المشاكل الداخلية في الاقليم».
كما عبر عن اسفه لسعي قوى في الاقليم الى التفريط بالاستقرار الذي يعيشه الاقليم، محذرا من تحشيد تركيا ونفوذ اسرائيلي في تلك المنطقة.
وقال «صار هناك امان في الاقليم افضى الى حركة اقتصادية جيدة، فلماذا تخسرونه.. الشركات لا تدخل في منطقة فيها تحشيد. تركيا داخلة بعمق. واسرائيل ايضا. الشركات لن تدخل ودافع الثمن الوحيد الشعب الكردي فالبصرة والنجف وبغداد بعيدة عن هذا».
وخاطب المالكي في ختام حديثه القوى الكردية، قائلا «انتم من ستتأثرون حين تحولون الاقليم الى ساحة صراع اقليمي. لا نحن نقبل بأن تركيا تمتد ولا ايران تقبل ولا تركيا تقبل بهذا الصراع
».