وسط أزمة دستورية معقدة… الأمور تزداد غرابة في مصر

في حدث مفاجئ أعلن الناشطون المنادون بالديمقراطية (موسى وصباحي والبرادعي) دعمهم للسلطة القضائية التي تُعتبر من بقايا نظام مبارك الفاسد، وتحتاج إلى أقصى درجات الإصلاح، على الرغم من وجود بعض القضاة الإصلاحيين في صفوفها.

لم تشارك سارة عبيد البالغة 34 عاماً في أي احتجاج سابق ضد النظام.
كانت سارة تؤيد الدكتاتور المصري المخلوع حسني مبارك وقد عارضت الثورة في عام 2011.
لكن تغيّر هذا الوضع كله عشية يوم الثلاثاء حين انضمت إلى عشرات آلاف المصريين خارج القصر الرئاسي احتجاجاً على الصلاحيات الجديدة والواسعة التي حصل عليها محمد مرسي.

قررت عبيد التي تعمل في شركة “نوكيا” البقاء ضمن التظاهرة عشية يوم الأربعاء أيضاً، فاتخذ ذلك الاحتجاج منحىً عنيفاً، واندلعت الاشتباكات بين الموالين لمرسي والمعارضين له، ما أسفر عن مقتل ستة أشخاص وجرح 650 آخرين.
شهد ذلك اليوم أشرس معركة شوارع عرفتها مصر منذ أن وصل مرسي إلى السلطة في شهر يونيو. يوم الخميس، أرسل مرسي دبابات لتفريق الحشود.

قالت عبيد: “لم أنزل إلى ميدان التحرير يوماً للاحتجاج مع الثوار لأنني كنتُ دوماً من الفلول، لكننا نصبو إلى الهدف نفسه اليوم. أريد أن يرحل مرسي”.
يعكس تحوّل عبيد إلى معسكر المحتجين تبدلاً غريباً في تاريخ الانتفاضة المضطربة في مصر، ومع زيادة المعارضة الشرسة ضد مرسي، بدأ يتشكّل تحالف غير متوقع بين الثوار المنادين بالديمقراطية والكتلة المعادية للثورة التي رفضت انتفاضة عام 2011.

دعمت الفئة الثانية حملات القمع الأمنية ضد المتظاهرين في ميدان التحرير في تلك الفترة، وصوّت الكثيرون منهم لمصلحة المرشح الموالي للجيش أحمد شفيق خلال انتخابات الصيف الماضي.
نجمت هذه الموجة الأخيرة من الاحتجاجات عن مواجهة بين مرسي (زعيم سابق في “الإخوان المسلمين”) والسلطة القضائية المحلية التي تتعاطف مع مبارك والجيش. في شهر يونيو، صوّتت المحكمة الدستورية العليا لمصلحة قرار حل البرلمان الذي سيطر عليه الإسلاميون بعد الانتخابات الديمقراطية.

سرعان ما رد مرسي على هذه التطورات من خلال توسيع صلاحيات الرئاسة، ما يسمح له بالتحرك خارج سيطرة السلطة القضائية، فاعتُبر ذلك القرار خطوة تراجعية تمهّد لإنشاء نظام دكتاتوري جديد فاندلعت الاحتجاجات، ثم زاد الوضع سوءاً بسبب صدور مسودة دستور ضبابية لا تحظى بدعم القوى العلمانية والكنيسة القبطية المصرية.

أصبح التحالف بين مناصري مبارك والناشطين الليبراليين شبه رسمي يوم الأربعاء حين انضمت ثلاث شخصيات عملاقة في السياسة المصرية إلى معسكر المعارضين لمرسي.
يبدو أن عمرو موسى (مسؤول سابق في عهد مبارك) وحمدين صباحي (خصم مبارك منذ فترة طويلة) ومحمد البرادعي (حائز على جائزة نوبل للسلام) سيشكلون الآن أحد أغرب التحالفات السياسية غير المتوقعة.

في حدث مفاجئ آخر، أعلن الناشطون المنادون بالديمقراطية دعمهم للسلطة القضائية التي تُعتبر من بقايا نظام مبارك الفاسد وتحتاج إلى أقصى درجات الإصلاح، على الرغم من وجود بعض القضاة الإصلاحيين في صفوفها.

توقف معظم القضاة المصريين عن عملهم احتجاجاً على مرسوم مرسي الذي يهمّش السلطة القضائية. أعلن البعض أنهم سيقاطعون الإشراف القضائي على الاستفتاء الدستوري في 15 ديسمبر، وهو أمر ينص عليه القانون.
اعتبرت مرفت سامح، المحاسبة منذ 15 عاماً، التي كانت بين المحتجين خارج القصر الرئاسي عشية يوم الثلاثاء أن الوقت حان لتنحية الانقسامات القديمة بين الثوار ومناصري مبارك جانباً.
أوضحت سامح: “هؤلاء الناس يقفون معنا الآن. في ظل هذا الوضع، يجب أن نثق بهم بما أنهم يجازفون بحياتهم ومعيشتهم”.

لكن يبقى هذا التعاون الشائك مثيراً للجدل طبعاً. يقبل بعض الناشطين على مضض بمشاركة من رفضوا أهداف الانتفاضة ضد مبارك في السنة الماضية، وذلك لزيادة الأعداد المشارِكة في التظاهرات المعادية لمرسي، لكن بالنسبة إليهم، ينتهي التحالف عند هذا الحد.
كتب الناشط المصري وائل إسكندر على موقع تويتر في 28 نوفمبر: “مناصرو الفلول هم مصريون قاموا بخيار سيئ. يجب أن نضمّهم إلى صفنا لكن من دون أن ندعم أهدافهم”.

أدت مشاركة مناصري مبارك في احتجاجات هذا الأسبوع إلى إضافة بعض المصداقية على الادعاءات التي أطلقها “الإخوان المسلمون” حين اعتبروا أن الموالين للنظام والجيش يتآمرون لإسقاط الإسلاميين المنتخَبين ديمقراطياً.

سارع قادة “الإخوان” والمتحدثون باسمهم إلى تصوير الاحتجاجات على أنها من تدبير “العصابات المسلحة” التي يدعمها ويموّلها مناصرو مبارك.
قال إبراهيم العراقي، أحد قادة “الإخوان” في محافظة الدقهلية المصرية: “تجاوزت المحكمة الدستورية الحدود التي ينصّ عليها القانون واضطر مرسي إلى الرد. اليوم، تقوم القوات المعادية للثورة وبقايا النظام السابق بتحريض الشعب للتحرك ضد مصالح مصر”.

تشمل المطالب السياسية للمعارضة الجديدة، التي طرحها ائتلاف البرادعي وموسى وصباحي، تراجع مرسي عن الإعلان الدستوري، إلغاء الاستفتاء الدستوري، وتأليف جمعية تأسيسية جديدة أكثر شمولية.
لكن المتظاهرين الموالين لمبارك، أمثال عبيد، يؤكدون أنهم يريدون في مطلق الأحوال إبعاد الإسلاميين عن كراسي السلطة.


تذكر عبيد: “لا أودّ التحدث عن الدستور، فلا تفاوض في هذا المجال. أريد سقوط مرسي والإخوان المسلمين، وأرفض أن يكون أي دين مقربًا من الدولة أو مرتبطًا بها

Similar Posts

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *