من هي “جبهة النصرة” السورية ولماذا تتمسك بها قوى المعارضة؟

قد يكون من اللافت أن الولايات المتحدة الأميركية اختارت موعد إعلان إعترافها بالإئتلاف السوري المعارض ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب، مع موعد إدراجها أقوى الفصائل المسلحة على أرض الواقع على قائمة المنظمات الإرهابية. لكن من المستغرب هو المعارضة الكبيرة التي لاقتها هذه الخطوة من قبل معظم الفصائل السورية المعارضة، لا سيما وأنها كانت قبل مدة تؤكد أن وجودها محدود ودورها ليس كبيراً، فما الذي تغير بين الأمس واليوم، ولماذا التمسك بمنظمة قامت بالعديد من العمليات التي أدت إلى سقوط ضحايا أبرياء من المدنيين؟

 من هي جبهة “النصرة” السورية؟

قبل أشهر قليلة، كانت قوى المعارضة السورية تؤكد أن وجود المجموعات التكفيرية بين صفوفها ليس بالشكل الذي يتم الحديث عنه في وسائل الإعلام، وكانت تشدد على أن هذا الموضوع مضخم إلى حد كبير، لا بل أن معظمها كان يعتبر أن النظام السوري هو من يقف وراء هذه المجموعات، لا سيما جبهة “النصرة”.

في البداية، يجب التوضيح أن جبهة “النصرة” هي من الجماعات السلفية “الجهادية” التي نشأت في أواخر العام 2011 في غمرة الأحداث السورية، وهي لم تكن معروفة قبل ذلك الوقت، ودعت في بيانها الأول الذي أصدرته في كانون الثاني 2012 السوريين إلى “الجهاد وحمل السلاح” في وجه النظام، مشيرة إلى أن الهدف من تشكيلها “إعادة سلطانِ الله إلى أرضه وأن نثأر للعرضِ المنتَهك والدم النازف ونردّ البسمة للأطفالِ الرضّع والنساء الرُّمل”.

ومنذ تشكيلها، تبنت الجماعة العديد من الهجمات والتفجيرات التي إستهدفت العديد من المراكز الأمنية والعسكرية والمدنية، لا سيما في مدينتي حلب ودمشق، وتنتشر على مواقع الإنترنت العديد من البيانات وشرائط الفيديو التي توضح ماهية العمليات التي تقوم بها الجبهة.

 

وفي هذا السياق، يوضح نائب قائد “الجيش السوري الحر” العقيد مالك الكردي أن “الجبهة بدأت بالظهور مع تحول الثورة السورية إلى ثورة مسلحة نتيجة ممارسات النظام”، ويشير إلى أن “المجتمع السوري بطبيعته مركب، وفيه جماعات من كل الإتجاهات الفكرية والدينية”، لكنه يكشف أن “الدعم المادي الذي كان يأتي إلى الثوار كان يتوجه إلى المجموعات ذات التوجه الديني المتطرف بشكل كبير”، ويشير إلى أن “قيادة الجيش الحر كانت تحذر منذ البداية من هذه التصرفات”، لكنه يؤكد أنها “كانت تحصل بتوجيه إستخباراتي منظم من قبل العديد من الدول”.

ويوضح العقيد الكرديأن “كل الراغبين في الدفاع عن أهلهم باتوا يتوجهون إلى هذه المجموعة بسبب سهولة الحصول على الدعم العسكري والمادي”، ويشير إلى أن “الجبهة بدأت تتحول مع الوقت الى حالة كبيرة، وهي اليوم من أكثر المجموعات قوة على أرض الواقع”.

على صعيد متصل، توضح مصادر سورية معارضة أن معظم أفراد الجبهة هم من السوريين بنسبة 95%، وتلفت إلى أن الكثيرين منهم شاركوا في القتال في وقت سابق في العراق وأفغانستان والشيشان وغيرها من الدول التي كانت تعتبر من وجهة نظرهم “أرض جهاد”، وتؤكد أن وجودها على الساحة السورية كبير، خاصة وأنها الأشرس في القتال، والأقوى من حيث التنظيم والتسليح.

لماذا تتمسك بها المعارضة السورية؟

على الرغم من إعتراف معظم قوى المعارضة السورية بأن “جبهة النصرة” لديها إيديولوجية متطرفة إلى حد بعيد، ترفض هذه القوى القرار الأميركي الذي يصنفها إرهابية، لا بل أنها تتمسك بها كجزء من الثورة.

وفي هذا الإطار، يؤكد العقيد الكردي أن لدى الجبهة إيدلوجية متطرفة، لكنه يعتبر أنها لم تخرج في أعمالها من الحدود السورية، كما أنها لم ترتكب أفعالاً مخالفة للقانون الدولي، ويرى أن الخطأ كان بتوجيه الدعم بشكل كبير نحو هذه المجموعات على حساب “الجيش السوري الحر”.

ويلفت العقيد الكردي إلى أن الجبهة باتت أمراً واقعاً على الأراضي السورية من غير الممكن عدم الإعتراف به، ويشير إلى أنها موجودة في كل المدن، لكن التواجد الأقوى هو دمشق وحلب.

من جهة ثانية، كان من اللافت أن جماعة “الإخوان المسلمين” كانت من أول القوى التي رفضت القرار الأميركي، ويشير القيادي في الجماعة ملهم الدروبي، في حديث لـ”النشرة”، إلى أن لدى “الإخوان” في هذه المرحلة عدوا واحدا هو الرئيس السوري بشار الأسد، ويلفت إلى أنه من غير الضروري أن يكون هناك إتفاق بين كل القوى الثورية.

بالنسبة إلى الدروبي فإن هذه الأمور تعالج بعد سقوط النظام، فهو يعرب عن ثقته بأن “سوريا المستقبل ستكون ديمقراطية حرة، والضامن لهذا الموضوع هو أن الشعب ثار ضد الإستبداد ولن يرضى بالعودة إليه من جديد”، ويوضح أن الحوار سيكون سيد الموقف بين مختلف مكونات المعارضة السورية في المستقبل، ويعتبر أن عليها جميعها الإحتكام إلى صناديق الإقتراع.

وفي ما يتعلق ببعض الممارسات التي تقوم بها جبهة “النصرة”، يكتفي الدروبي بالقول: “عندما يتخلى المسؤولون عن القيام بواجباتهم لا يجب أن يلوموا الآخرين”، في إشارة إلى المجتمع الدولي.

الخطوة الاميركية والمبادرة السياسية

 على صعيد متصل، تفتح الخطوة الأميركية هذه أبواب الحديث عن تسوية ما يجري العمل عليها، ولدى قوى المعارضة السورية مخاوف من هذا الأمر باتت واضحة.

في رأي العقيد الكردي المجتمع الدولي “منافق”، يتحدث عن الشيء ويقوم بالعكس، يقول أنه يدعم الإعتدال ويحارب التطرف لكنه لا يقوم بذلك، ويعتقد أن هناك توجهاً باتجاه عملية سياسية معينة في ما يتعلق بالأحداث السورية لم يتم التعرف على كامل تفاصيلها بعد.

ومن جهته، يؤكد الدروبي أن “هناك مبادرة سياسية ستطرح لكننا ننتظر أن تتبلور”، لكنه يشدد على أن “أي مبادرة لا تنص على رحيل الأسد أو ترحيله لن تكون مقبولة نهائياً من قبل الشعب”.

ويعترف الدروبي أن ما يجري من أحداث في كل من مصر وليبيا وتونس يؤثر على نظرة المجتمع الدولي إلى سوريا، ويشير إلى أن “الإخوان” يتعاملون مع جميع الدول لما فيه مصلحة الشعب السوري.

وفي ما يتعلق بالعلاقة مع الولايات المتحدة، يشير إلى أنها دولة عظمى لا بد أن يكون لها رأي في أي قضية في العالم، لكنه يؤكد أن الحركة لا تتلقى تعليمات منها.

 

Similar Posts

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *