لقاء صحفي مع الإبراهيمي: خطر انهيار سوريا ،وتشكيل أمراء حرب، يهددها وليس التقسيم

ما أصعب أن تجري حواراً صحافياً مع وسيط دولي – عربي في أزمة دامية تتداخل نزاعاتها الداخلية مع الخلافات الإقليمية والدولية. أطراف الأزمة يرصدون كل كلمة تصدر من الوسيط وبينهم من يتربص. تزداد الصعوبة حين يكون الحوار عن الأزمة في سورية ومع المبعوث الدولي والعربي الأخضر الإبراهيمي الذي سبق وكلّف مهمات شاقة كثيرة في أفغانستان ولبنان والعراق وأفريقيا.قبالة النيل المنشغل هذه الأيام بأسئلة كثيرة، سألت الإبراهيمي عن جهوده، والأفكار المطروحة والصعوبات، وما يُحكى عن افتقار تحركه إلى مشروع جاهز. اتسع صدر الديبلوماسي العريق لأسئلة «الحياة» وهنا نص الحوار:

 هل المقصود الخوف على وحدة سورية مثلاً؟

– لا شك في أن وحدة الشعب السوري الآن مهددة. حين يقاتل الأخ أخاه، هذه مشكلة، مشكلة كبيرة جداً، أما الحديث عن تقسيم سورية إلى كيانات أصغر فلست خائفاً منه.

 يعني تستبعد ذلك؟

– أنا أستبعد ذلك، لكن الذي أخاف منه أسو

 وهو؟

– انهيار الدولة وأن تتحول سورية إلى صومال جديدة.

 تقصد أن تصبح خطراً على نفسها وعلى جيرانها؟

– بكل تأكيد. كل مشكلة بهذا الحجم إذا لم يتم التحكم بها وبدء معالجتها معالجة صحيحة تنتهي إلى أن «تسيح»، أي تمتد خارج الحدود وأحياناً تذهب إلى أماكن بعيدة جداً عن الجوار المباشر بأشكال مختلفة. المثل الأبرز هو الذي حدث في أميركا في 11 أيلول (سبتمبر) 2001 بسبب أفغانستان، يعني ان سقوط الدولة في أفغانستان وتعثر الوضع الداخلي أديا إلى أن هوجمت أميركا.

 أنت خائف على سورية من الصوملة والأفغنة معاً؟

– خطر الصوملة هو الأقرب إذا لم تعالج هذه المشكلة المتفاقمة.

 هل أفهم أنك تحذر الجميع من أن سورية على طريق الصوملة إن لم يتم إيجاد حل؟

– لا أريد الذهاب بعيداً في التشاؤم، لكن الوضع في سورية خطر جداً. الشعب السوري يعاني معاناة كبيرة جداً. الناس تتحدث عن خطر تقسيم في سورية. أنا لا أرى تقسيماً. أعتقد أنه إذا لم تعالج هذه القضية معالجة صحيحة، الخطر هو الصوملة وليس التقسيم، أي انهيار الدولة وظهور أمراء حرب وميليشيات وتشكيلات متقاتلة.

هل تشعر أحياناً بالندم لأنك قبلت هذه المهمة؟

– لا لا.

 وعلى رغم الصعوبات؟

– لا أشعر بالندم لأنني فكرت مطولاً قبل أن أقبل بهذه المهمة. قبلتها كواجب إنساني. الأمم المتحدة تحديداً وأيضاً جامعة الدول العربية لا يمكن ألا تهتما بهذا الموضوع مهما كان صعباً ومعقداً. كان من الصعب عليَّ ألا أقرر بدء محاولة. وسأستمر أحاول طالما هناك إمكانية مهما كانت قليلة لتخفيف المعاناة عن الشعب السوري.

 هل يمكن مثلاً أن يمتد النزاع في سورية سنة أو سنتين؟

– إن شاء الله لا.

 إن شاء الله لا ولكن هذا السؤال مطروح؟

– على الجميع مواجهة الحقيقة الصعبة المُرّة المخيفة وهي أن مثل هذه الأزمات إذا لم تعالج معالجة صحيحة يومياً نعم يمكن أن تمتد سنة وسنتين وأكثر. هذا هو جوابي على سؤالك، أتمنى ألا تمتد لهذه المدة. يمكن ألا تمتد إذا كان كل واحد في الداخل والخارج قام بما يجب أن يقوم به، لكن إذا كان الوضع غير ذلك فالأزمة يمكن أن تطول.

 إذا أردنا أن نعطي وصفاً للنزاع الدائر في سورية، هل هو حرب أهلية أم يشبه الحرب الأهلية، أم أنه ربيع عربي مختلط بأزمة مكونات؟

– دعنا نرى كيف يصف السوريون الأزمة. الدولة وصفها بسيط وواضح كامل الوضوح: هذه مؤامرة مدبرة اخذت شكل أعمال إرهابية والدولة تقوم بواجبها لمكافحة الإرهاب والقضاء عليه وإبقاء الدولة على حالها. لا أعتقد أننا نظلم الدولة في اختزال وصفها للوضع بهذه الطريقة. المعارضة أيضاً على اختلاف ألوانها ترد هذا ربيع عربي وهذا الشعب ثار ضد دولة ظالمة مستبدة مرفوضة ومنبوذة يجب إسقاطها كما سقطت أنظمة في بلاد أخرى. في المعارضة من يعتبر أنها ثورة، ثورة شعبية شاملة ضد هذا النظام ترمي إلى إسقاطه. هذا يعني أن الطرفين يتحدثان عن موضوعين مختلفين، وبالتالي لا بد من إيصالهما إلى تعريف واحد للمشكلة في حين أظن أن المشكلة واضحة. الأولاد الذين بدأوا كتابة الشعارات في «درعا» على الحائط يصعب اتهامهم بأنهم جزء من المؤامرة العالمية ضد سورية.

 يعني تشكك في رواية أن أطفال درعا جزء من مؤامرة عالمية في سورية؟

– شك كبير جداً. وما سمعته في دمشق من كثيرين يعني مؤيدين ومعارضين للدولة على أنه ارتكبت غلطة كبيرة جداً في معالجة هذا الحادث الصغير وهو ما أدى إلى ما يحدث الآن. الحديث عن ربيع عربي يعني مطالبة بالتغيير، أظن أن هذا شبه مقبول أنه لا بد من تغيير، لكن البعض يتكلم عن إصلاح والبعض الآخر يتكلم عن إصلاح شامل، أي تغيير شامل. أنا مع القول إن الإصلاح فات وقته وأن المطلوب الآن تغيير حقيقي وشامل وكامل. يعني دعني أذكرك بما قلته في شباط (فبراير) 2011 من أن كل شعوب الوطن العربي من دون استثناء تطالب بتغيير حقيقي وكامل، وأن كل حكومة قادرة إذا أرادت وبصدق أن تقود هذا التغيير وإن لم تفعل ستكون ضحيته. رأينا أن هذا كان صحيحاً في تونس ومصر وليبيا واليمن، وهو صحيح في الحاضر بالنسبة الى سورية وصحيح في المستقبل بالنسبة الى الآخرين، أي أن على الحكومة التي تريد أن تتجنب الذي حصل في مصر وتونس واليمن وليبيا أن تقود تغييراً حقيقياً وليس تجميلياً. إن لم تفعل الحكومة ذلك ستكون ضحية المطالبة المشروعة للشعوب العربية بتغيير حقيقي. نحن في مرحلة جديدة مختلفة عن السابق.

 هل فات الوقت على الحكومة السورية لتقود هذا التغيير؟

– الله أعلم، لكن أنا أتصور أنها إن قبلت ضرورة التغيير يمكن أن تساهم في تحقيقه.

 هل راودتك فكرة الحل اليمني لسورية أو شيء من الحل اليمني لسورية؟

– ليست هناك وصفة يمكن نقلها من بلد إلى آخر. طبعاً أنت تحتاج في المعالجة إلى إطار إقليمي ودولي وهذا ما حصل في اجتماع جنيف في حزيران (يونيو) الماضي. أظن أن جنيف قدمت وصفة جيدة يمكن أن تكون أساساً لمعالجة الوضع السوري.

 يقال إنك تنتظر موافقة روسيا والصين لتأخذ مبادئ جنيف وتحولها قراراً من مجلس الأمن، استناداً إلى البند السابع وأن الصيغة تتضمن أيضاً إرسال مراقبين للسهر على التنفيذ؟

– الكلام دائماً فيه شيء من الصحة. مبادئ جنيف تقول إنه في البداية يجب وضع حد للعنف وتشكيل حكومة انتقالية لها صلاحيات كاملة، وفي النهاية انتخابات تنظمها الأمم المتحدة وتضمن شفافيتها ونزاهتها. هذه الحكومة الانتقالية ذات الصلاحيات الكاملة تُشكل بالتوافق بين جميع الأطراف السورية. أعرف أن الشياطين في التفاصيل. وهناك شياطين كثيرة يجب إبعادها عن الطريق إذا قبلت الأطراف. الموضوع يحتاج إلى حديث طويل ومفاوضات ونقاش. وهذا هو الطريق السليم، حكومة كاملة الصلاحيات وانتخابات يعني تبدأ بتشكيل هذه الحكومة وتنتهي في انتخابات. الحكومة عندما تتشكل أو حقيقة أثناء تشكيلها سيكون هناك حديث طويل عريض، أولاً كيف تشكل هذه الحكومة، من يكون رئيسها، ماذا تكون صلاحياتها؟ على أية حال هناك موضوع روسيا والصين ولهما رأي يستحق الاحترام، والنظر فيه. نعم ان مجلس الأمن منقسم والمطلوب أن يترجم هذا الاتفاق الخاص بجنيف إلى قرار، لكن لا بد من الوصول إلى ذلك.

 المقترحات الصينية التي لم يرد فيها ذكر الرئيس بشار الأسد هل تعتبر شيئاً جديداً؟

– والله لا أدري هي أفكار عامة جيدة. في أي حال مبادئ جنيف أيضاً لم تشر إلى الأسد، جنيف ليست فيها إشارة إلى الأسد، لكنها تحدثت عن حكومة بصلاحيات كاملة.

 أريد أن أسأل سؤالاً مباشراً، هل هناك في الأزمة السورية شيء اسمه عقدة مصير الأسد؟

– عند السوريين نعم، هناك فريق يعتبر بقاءه ضرورياً وفريق يعتبر رحيله شرطاً مسبقاً. علينا أولاً أن نتفق على الهدف ثم نحدد الوسائل.

 هل يُسهّل توحد المعارضة الخروج من الأزمة؟

– آمل أن يحدث ذلك ويصبح لديهم عنوان واحد نتوجه إليه، وأن تكون لهم رؤية مشتركة.

يضم المعارضة السياسية والعسكرية؟

– حتى ولو كانوا مجموعات عدة المهم الاتفاق على اناس يتحدثون باسمهم.

 لوحظ أنك لم تجتمع بنائب الرئيس فاروق الشرع؟

– كلّمته في الهاتف، لكن أظن أن ظروفه لم تسمح بذلك.

 ماذا بحثت مع الأسد في لقائك الثاني معه؟

– تكلمنا على الوضع القائم ومواضيع السجناء والمساعدات وعلى الحلول الممكنة في المستقبل والأفكار التي يمكن أن تؤدي إلى حل.

 السلطة السورية تقول إنها أنجزت إصلاحات؟

– أعتقد أن الخروج من الأزمة يستلزم تغييراً حقيقياً يرضي الشعب السوري. الترقيع لم يعد ممكناً. أعرف أن الشعب السوري منقسم، لهذا لا بد أيضاً من مصالحة وطنية. أشير هنا إلى ما جرى في جنوب أفريقيا على رغم الفوارق.

 يعني هل هناك جهد خاص لطمأنة الطائفة العلوية في سورية حتى تمشي بالتغيير؟

– نحن لا نستخدم تعبير أقليات. في الأمم المتحدة وافقوا على استخدام كلمة مكونات. الحل يجب أن يطمئن الجميع وعلى قاعدة المواطنة. من يحتاج إلى طمأنة يجب أن توفر له، وهنا للمجتمع الدولي دور يلعبه. هذا يصدق على العلويين وعلى المكونات الأخرى وهي كثيرة.

> هل طرأ تغيير على الموقف الروسي خصوصاً أنك ستلتقي وزير الخارجية سيرغي لافروف بعد ساعات من حديثنا هذا؟

– التقيته في نيويورك والتقيته في موسكو وإن شاء الله سنلتقي الليلة (الأحد). لدى الروس موقف وهناك من يقول إن الروس وحدهم هم العقبة. الأدق هو أن ثمة خلافاً والروس طرف فيه. عندهم منطق وعندهم رأي. هناك من يعتبر أن الموقف الروسي كله خطأ وأن موقف الآخرين كله صح. أنا لا أنظر إلى الأمر بهذه الطريقة وإلا لن نستطيع حل القضية. هناك اجتهاد روسي وهناك اجتهاد غربي وبينهما اختلاف وخلاف. ولا بد من تجسير الهوة بين الموقفين وليس هناك حل آخر. لروسيا علاقات قديمة مع سورية ولها حضور هناك وربما كانت مطلعة على بعض الخبايا. إننا نحتاج إلى مزيد من العمل.

 هل هناك تطابق بين الموقفين الصيني والروسي؟

– دعنا نقول إن الموقف الصيني قريب جداً من الموقف الروسي.

 هل روسيا متمسكة ببقاء الأسد أم أنها يمكن أن تقبل حلاً يوفر لها بعض الضمانات؟

– يخيل لي. لا أريد أن اتكلم باسم روسيا لكن اعتقد ان موقفهم ليس بهذه البساطة التي نراها وهي أنهم يصرون على بقاء فلان أو ضد فلان. من الأفضل أن تسألهم.

 يقال أيضاً إن إيران لا تستطيع احتمال سقوط النظام السوري الحالي، هل هذه عقدة كبرى تواجه مهمتك؟

– الإيرانيون يعبّرون عن مواقفهم يومياً. الكلام الذي سمعته منهم هو الآتي: هناك طرفان في سورية، هناك حكومة وهناك معارضة وأن الحل يجب أن يأخذ في الاعتبار الرأيين والتوصل الى توفيق بينهما وينتهي الأمر بنهاية العنف وانتخابات حرة ونزيهة، هذا هو الموقف الذي يعبّرون عنه.

 لكنهم يطالبون بحوار برعاية الرئيس السوري؟

– لم أسمع شخصياً منهم هذا الكلام.

 هناك تباين بين الموقفين الأميركي والروسي في تفسير بيان جنيف؟

– الحقيقة كل المواقف فيها ما لها وما عليها. في نيويورك قابلت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون وقابلت وزير خارجية روسيا لافروف والحقيقة الحديث مع الاثنين كان حديثاً مسؤولاً ومبنياً على حقائق. يمكن ان الاجتهادات مختلفة لكن الإرادة في الحل موجودة عند الاثنين.

> هل يمكن أن أستنتج من كلامك أن التغيير في سورية يجب أن يكون كاملاً وشاملاً؟ وأن سورية الحل ستكون مختلفة عن سورية ما قبل شرارة «درعا»، وأن جهود الحل تحاول الإبقاء على المؤسسات قبل تفككها، الجيش والأمن والإدارة؟ وأن سورية ستحتاج الى حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات؟

– نعم كما هو منصوص عليه في بيان جنيف.

 لا تزال تعتبر بيان جنيف هو الاساس الملائم للحل؟

– هو الوحيد الموجود.

 هو الوحيد الموجود؟

– المشروع الصيني نفسه مبني على مبادئ جنيف كأساس. إنه الشيء الوحيد الموجود وحظي بموافقة من دول المنطقة والدول الكبرى. دولتان إقليميتان لم تشاركا، هما إيران والسعودية، وأظن أنهما عبّرتا عن تأييدهما، لست متأكداً مئة في المئة، يعني أين تجد اتفاقاً مثل هذا والسؤال هو متى سيكون مجلس الأمن جاهزاً لتبني ما اتفق عليه في جنيف في صورة قرار؟

 برأيكم نتقدم باتجاه هذا الموعد؟

– لا استطيع أن أجزم بذلك، لكننا نعمل. أنا تكلمت مرتين أمام مجلس الأمن وقبل نهاية الشهر سأذهب الى مجلس الامن مرة جديدة وبالتالي الحديث مستمر بحثاً عن الوضع الذي يمكّن من استصدار قرار وتحويل مشروع بيان جنيف الى قرار مُلزم.

انتقدك كثيرون لأنك لا تحمل مشروعاً متكاملاً؟

– أنا كنت أقول ليس لديّ مشروع، المهم ليس مشروعي أنا، أنا لا أبحث عن مشروع حتى يقولوا هذا مشروع فلان الفلاني، الأهم من ذلك أن يكون هناك مشروع سوري. جنيف يتكلم عن «عملية مُقادة من جانب السوريين».

> تقصد الحكومة الانتقالية؟

– أي باتفاق وبالتالي ان الذي نبحث عنه الآن بالحديث مع الاسد بالحديث مع المعارضة بالحديث مع اصدقاء المعارضة وأصدقاء الاسد هو أن يكون هناك مشروع سوري. هذا هو المهم. هذا هو الحل. اذا لم يوجد مشروع سوري لن يكون هناك حل. كوفي أنان أعد مشروعين لكن ذلك لم ينفع. لا بد من مشروع سوري. أي كلام يطلع مني او من غيري اذا لم يجد طريقه الى قلوب السوريين والى عقول السوريين فلن يؤدي إلى حل.

> في ظل مبادئ جنيف؟

– مبادئ جنيف تساعد في رأيي على بناء المشروع السوري.

> هل أنت قلق من هذا الوجود الذي يقال إنه كثيف للجهاديين في سورية؟

– معلوم… معلوم. أنا لا أعرف ما إذا كان كثيفاً. المهم ليس رأيي. إنه مقلق للسوريين، مقلق للدولة لأنها تواجههم، لكنه مقلق للمعارضة ايضاً. المعارضة مستفيدة من وجودهم من ناحية لأنهم يحاربون الدولة، ولكن من ناحية ثانية يثيرون لها مشاكل كثيرة. ولهذا أنا أحذر. لا نريد، لا صومال ولا أفغانستان ولا مالي في سورية.

> هل بحثت مثلاً وقف تزويد النظام من جهة والمعارضة من جهة أخرى بالاسلحة هل هي من الافكار التي طرحت؟

– نعم، الأمين العام للأمم المتحدة يكررها كل يوم ويتحدث عن وقف إطلاق النار ووقف تدفق الاسلحة إلى كل الاطراف في سورية. ليس هناك شك في أن هذا الأمر مهم جداً لأنه لو اتخذ مثل هذا القرار فإنه يعني وجود إرادة قوية عند الدول المعنية في البحث عن حل سلمي.

> قيل إنك تبحث عن طائف سوري، هل صحيح انك تبحث عن حل شبيه بالحل الذي اعتُمد في لبنان؟

– بعض السوريين يبدأ حديثه معي بالقول نحن لا نريد طائفاً سورياً ولا محاصصة طائفية. لا يمكن نقل الحلول من مكان إلى آخر وكل قضية لها خصوصيتها حتى ولو كانت هناك دروس يستفاد منها من تجربة لبنان أو اليمن. الحل في سورية يجب أن يكون سورياً.

> هل يمكن القول إن سورية تعيش أزمة مكونات كتلك التي عاشها لبنان؟

– الحقيقة ان المنطقة كلها تعيش ازمة مكونات. كل المنطقة تواجه سؤال من نحن؟ ولأسباب مختلفة هناك مثلاً نظرات إسلامية تتصارع وليس نظرة واحدة، وأسئلة تتعلق بالإسلام والعروبة ومواقع الدول وعلاقاتها. هناك أسئلة عن الهوية.

> هل من الصعوبات أمام مهمتك أن النزاع في سورية لا يمكن فصله تماماً عن النزاع السنّي – الشيعي في المنطقة؟

– لا شك في أنك تطرح هنا قضية كبيرة جداً ومعقدة. قبل سنوات قلت لآية الله السيستاني، وكنت آتياً من أفغانستان وباكستان إن السُنّة والشيعة هناك يتقاتلون حتى في المساجد، وأن انتقال الفتنة إلى العراق سيكون بالغ الخطورة. أبدى تفهمه وعبّر عن رفضه لهذه المواجهة، لكننا نعرف ما شهده العراق لاحقاً. أتمنى أن تقاوم الوطنية السورية مشاعر الفتنة وألا تنزلق سورية نحو الهاوية. لا شك في أن جانباً من الأزمة في العراق كان يتعلق بتدهور العلاقات بين السُنّة والشيعة.

> هل تخشى فعلياً من تسرب النزاع في سورية إلى الدول المجاورة؟

– العراقيون واللبنانيون والأردنيون يتخوفون من ذلك. هناك خوف شديد في الجوار. لهذا لا بد من حل.

> والأتراك؟

– الاتراك لم أتكلم معهم بما يكفي حتى نعرف ما هي مخاوفهم، لكن لا شك في انهم خائفون من الوضع في سورية بكل تأكيد.

> كيف كانت محادثاتك في السعودية؟

– جيدة جداً مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، كان لقاءً استمر نحو الساعة. كان لديه اطلاع كامل على الوضع وكان مهتماً بأن يسمع.

> سمعنا رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم ينتقد إشارتك إلى الحرب الأهلية في سورية؟

– ليس هو فقط. أنا لا أتصور أن هناك معارضة قطرية لمهمتي. هناك اجتهادات مختلفة. ليس هناك شك في انها موجودة. الغريب أن نقطة الاتفاق الوحيدة بين الحكومة السورية والمعارضة هي عدم وصف ما يجري بأنه حرب أهلية. لكن هناك امرأة تحدثت عن ولد لديها في الجيش النظامي وآخر في «الجيش الحر»، فماذا نسمي الاقتتال بين هذين الأخوين؟

> أنت تعتقد أنها حرب أهلية؟

– أكيد. أحد الإخوان في المعارضة يقول، هل تتصور أننا سعداء حين نحاول إسقاط طائرة أو تفجير دبابة وهي سورية. ومن الناحية الحكومية تسمع من يقول، هل تتصور انه قرار سهل على دولة أن تستخدم طائرات ضد شعبها، لكن هذا حصل.

> بحثت موضوع الطيران مع الأسد؟

– أنا تحدثت في كل المواضيع التي يجب أن أتحدث عنها.

> هل كنت تتوقع نجاح هدنة عيد الأضحى؟

– كويس انك طرحت هذا الموضوع، أنا سمّيتها عملية توقف. هذا كان مجرد نداء عبر الاعلان يا ناس يا سوري يا من تحمل سلاحاً سواء كنت طياراً أو جالساً في دبابة أو حاملاً بندقية في جيش الدولة أو كنت معارضاً مسلحاً في «الجيش الحر» أو أي مجموعة أخرى… ما هو رأيك في أن تعطي فرصة لشعبك أقاربك أهلك أن يحتفلوا بالعيد ثلاثة أيام. راحة العيد. كان نداء عبر الأثير لدفع المتحاربين إلى التفكير بأسرهم وأهلهم.

> هل ستكرر المحاولة في عيد الأضحى المقبل؟

– آمل ألا نحتاج، لكن إذا كنا في هذا الوضع نعم، نعم وفي أي مناسبة. سمعت انتقادات لكنني لا أعتقد أن مثل هذا النداء كان خطأ.

> هل تنزعج حين يرفع متظاهرون لافتات من نوع «أين الأخضر الإبراهيمي»، «ماذا فعل الأخضر الإبراهيمي»؟

– لا أنزعج ابداً لأنه شيء طبيعي. طبعاً يشعر المرء أنه لم يفعل ما فيه الكفاية كي يريح الناس، لكن في الوقت نفسه هل يتوقع أن تنتهي الأزمة بكلمة مني أو حركة؟ التوقع هو الخطأ. أزمة كبيرة جداً وتُركت لكي تستفحل.

> هل تراهن على شعور الفريقين بالإنهاك؟

– بدأنا نرى شيئاً قليلاً من ذلك.

> من الإنهاك؟

– من التعب والملل وأنا لا أتصور أن الطيار السوري يكون فرحاً حين يرمي قنبلة على مدينة من مدن بلاده. أعتقد بوجود شعور بالتعب والإنهاك ولكن لا أعتقد أنه عام أو قد وصل إلى درجة كالتي سمعتها في لبنان بعد 15 سنة من الاقتتال.

> هل اقترحت دول عليك استقبال الرئيس الأسد إذا قرر المغادرة؟

– لم يفاتحني أحد بهذا الموضوع ولم أبحثه مع أي جهة.

> إلى متى يمكن أن تستمر في مهمتك هذه؟

– قوتي ليست من شخصي بل من الدعم الذي أحصل عليه في عملية البحث عن حل. أتمنى من كل قلبي أن يكون الحل قريباً مع إدراكي لحجم التعقيدات. سأستمر في العمل ما دمت أرى بصيص أمل. كنت على اتصال بكوفي أنان أثناء عمله ونحن على اتصال الآن. لا يمكن القول إنه استقال. لقد رفض تجديد مهمته. لكن مهمة الأمم المتحدة والجامعة العربية مستمرة. أتمنى ألا تحتاج إلى شخص يأتي بعدي. طالما كان هناك بصيص أمل مهما كان ضئيلاً وما دمت قادراً على الاستمرار وهناك من يستمع ويحاور، سأستمر ستة شهور أو سنة أو أكثر، مع العلم أنني لست صغيراً جداً في السن.

> هل تعتقد أن الحل انطلاقاً من جنيف يستلزم إيفاد مراقبين مسلحين؟

– أتصور أن الأفضل هو أن تكون هناك عملية حفظ سلام.

> هل تخشى تدهوراً إنسانياً مريعاً في سورية يؤدي إلى تدخل عسكري خارجي؟

– التدهور وارد لكنني لا أرى تدخلاً عسكرياً. مجلس الأمن لن يوافق بسبب مواقف روسيا والصين ودول أخرى أيضاً. أشك في وجود تفكير من هذا النوع لدى أميركا أو الغرب. طبعاً هناك من ينتقد مهمتي لاعتقاده بأنها تؤخر التدخل العسكري، علماً أنه غير مطروح.

> وإيجاد مناطق آمنة للنازحين؟

– كيف ستطبق ذلك؟

> تحتاج إلى قدر من التدخل العسكري؟

– عدنا إلى الموضوع نفسه، أنا لا أرى حلاً إلاّ الحل السياسي للأزمة.

> يحكى عن دور ميداني لإيران في سورية؟

– قرأت تصريحات إيرانية تتحدث عن وجود لـ «الحرس الثوري» في سورية ولبنان.

> هل تتمنى النجاح للقاءات المعارضة السورية في الدوحة؟

– نعم سيكون ممتازاً إذا بلوروا إطاراً موحداً وجهة محددة تتحدث باسمهم.

> كيف تصف ما يجري في سورية؟

– كارثة عظمى. الناس لا يجدون رغيفاً في حمص، وفي حلب حصل قتال داخل المسجد. وأسواق حلب، وهي جزء من التراث العالمي، احترقت.

> وفي النهاية إما الحل وإما الصوملة؟

– نعم. يجب التحرك نحو سورية الجديدة. وهي بالضرورة يجب أن تكون مختلفة عما كانت عليه عشية اندلاع شرارة درعا.

> مختلفة برموزها؟

– سورية الجديدة لا بد من أن تكون مختلفة.

> هل لنتائج الانتخابات الأميركية تأثير في مهمتك؟

– إذا بقي الرئيس باراك أوباما ستستمر السياسة الحالية. إذا انتخب ميت رومني قد يحدث فراغ لأربعة شهور. شهران قبل تسلمه السلطة وشهران لبلورة الإدارة الجديدة

Similar Posts

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *