أردوغان ..يبتلع “الخازوق”

وحده أردوغان من بين كل رؤساء الحكومات في العالم دائم العصبية،دائم التوتر،دائم الصراخ،دائم الغضب.. وحده أردوغان المراهق الذي مدحوه قليلاً فخال نفسه رجل المنطقة عن حق..

 وحده أردوغان ينتمي كما يدعي إلى “الجماعة” إياها التي لاتعترف لابدول ولا بكيانات ولاتهدف إلا للسيطرة عبر التضليل بالدين..

 وحده أردوغان الذي يكذّب الواقع والتاريخ،فهو يقول إن سياسته هي “صفر مشاكل” عبر مهندسها داوود أوغلو وزير خارجيته،وفي نفس الوقت لم يبقى له صديق من دول الجوار ،وليس توتراً فحسب بل تصعيداً إلى درجة العداء ويكفي إلقاء نظرة على جواره لنعرف”سوريا-العراق-روسيا-أرمينا-اليونان-إيران –وحتى إسرائيل”،وإن كان ما يهمه من كل هذا الجوار المتعب هو “إسرائيل” التي اعتقد أردوغان أن ردحه كاف ليأخذها في الصراخ،لكنها عرفت أن هدفه هو تسجيل نقاط وهم أمام رعاع يسهل تهييجهم وأخذهم بالعنتريات في دول ثانية ومناطق ثانية تعيش قبل زمنها وخارج عصرها،هناك حيث تعشش في خبايا العقل التائه محطات سوداء قيل أنها بطولات،حيث يسود الظلام كنسيج عنكبوت ليلتقط أي فكرة سوداء ظلامية تكفيرية ليترجمها قتلا وذبحاً وردحاً على وقع صيحات “الله وأكبر”،وهناك حيث تبقر البطون وتؤخذ السبابيا من غزوات الأخ لأخيه وشريكه بالوطن..

 هناك حيث بدأت بعض الطوائف تدفع الجزية وهي ابنة المنطقة منذ الأزل وحتى الأزل…هناك في كل هذا الظلام الداكن في خبايا الشرق يأتي هذا العثماني ليسوق بذور كذبه والتي يبدو أنه قرأها بتمعن قبل أن يصحو على كابوس تحطم مركبه على أمواج سوريا ،حيث تسرع بتحليلاته وغيب قسم من واقعها،لم لا؟

 وهو الذي انطلى عليه الدور بعد أن نفخوه ورأوا كم هو “غزال” وبعد أن كذب وكذب حتى صدق نفسه .. وحده أردوغان عميل الناتو ورافع راية “صليب” الهجوم الموازي والمطابق لـ”معقوف” هتلر يبيعنا “إسلاميات” وفضيلة وأخلاقيات بالساعة والدقيقة والثانية..وهو يضرب مثلاً كل يوم أن لا أمان ولا جانب يؤمن له وأن الخيانة قد تكون غريزة أساسية كنباح الكلاب..

وحده أردوغان يتغنى بفضل أجداده على العرب وهو وريث غزاة لم يتركوا لنا من أرث إلا الخازوق،وطربوش مقزز كنظراته الحاقدة الغبية.

 *** وفي بلد هو الأعرق كانت سوريا ،التي وصلها بفعل المتباكين عليها أكثر من أمرئ القيس والذارفين لدموع التماسيح أملاً بخرابها كل موبقات الموت وخراب الحياة،نُسجت واحدة من أكبر لعبات الأمم حيث تتداخل فيها المصالح المعقدة في أوضح صورها،والتي تعكس أن العلاقات الدولية هي جملة مصالح وتوازنات لاتقبل الخلل وليس جمعيات خيرية ومشاعر ممزقة يتم استيرادها من رعاع الأرض،هناك في سوريا حيث يأكل أردوغان الخازوق اليوم ويأكله بكافة الوجوه ..فيوم أسقطت له طائرة حربية أرغد وأزبد ،ولكنه فهم أو هناك من أفهمه الرسالة ،أن أي مغامرة قد تكلفه أوجاعاً تعيد تركيا سنين إلى الوراء ،حتى لو كان على مبدأ “علي وعلى أعدائي” ،وعندما “عنتر” كان كل ما نجح فيه أن أنزل طائرة مدنية –وقيل إنها واحدة من اثنتين انطلقتا من روسيا بنفس /رقم الرحلة /رداً على ما اعتبره اختراقا استخباراتياً:

الأولى طارت عبر إيران –العراق إلى سوريا،والثانية تم إنزالها ليأكل خازوقاً آخر على الأرض.

فالطائرة التي أنزلها وصادر شحنتها يكفي أن يتابع أي مشاهد التخبط والتصريحات المتضاربة ليعرف كيف ابتلع أردوغان الطعم ،حتى لو سوق الإعلام العربي المنافق الخاسر كل القصص والتحليلات حيث: قيل منذ اللحظة الأولى لإنزالها أنها تحوي أجهزة مراقبة وتشويش وغيرها،ثم صباحاً قيل أنها مكونات من أجزاء لصواريخ قبل أن يطل أردوغان أفندي للقول إنها تحمل ذخيرة روسية،واختتمها ماكينة الردح مساء اليوم نفسه للقول إن تركيا استدعت خبيرا من “الناتو” لفحص الشحنة ومعرفة ماهيتها؟! أي 4 تصريحات متضاربة خلال اقل من 24 ساعة.

 ثم تبين الفصل النذل من البطولة العثمانية وكيف حاولوا إجبار الطاقم على توقيع إقرار أنه اضطر للهبوط اضطرارياً بعد أن شعر الأتراك بابتلاع الطعم مبكراً،وعندما رفض الكابتن تمت إهانته وضربه ،ونقلت مشاهد وتسجيلات لركاب كانوا على متن الطائرة ،كيف أن الأمن التركي قد اقترب من الطائرة وهو ملثم كعصابات المخدرات الذين تردنا صورهم من أمريكا اللاتينية ،وهم على أرضهم وفي مطار عاصمتهم.؟! لقد أكل أردوغان الخازوق نعم وابتلعه ليزيد حقده وحنقه حلقة في مسلسل مسامير جديد تلعبها دمشق رغم كل التعب بهدوء وثقة. ثم أعلنت سوريا وقف العبور لكافة الطائرات التركية،قبل أن ترد أنقرةمساء اليوم التالي استنادا إلى قاعدة المعاملة بالمثل،وكعادتها كذبت نشرات الأخبار العربية وقالت الخبر بالعكس/أن تركيا أوقفت عبور الطائرات السورية عبر أجوائها/في حين أن الخبر/سوريا تمنع وتركيا ترد بالمثل/.

 *** كل الذي يجري اليوم يريد من خلاله أردوغان إعادة المياه لمجاريها مع إسرائيل وإثبات أنه قوة ضاربة لاغنى عنها للناتو والولايات المتحدة،فبعد أن أوصدت ألمانيا وفرنسا الباب بوجهه ومنع من دخول الاتحاد الأوروبي،التفت لعنترياته في الجهة الثانية حيث تتحرك الرمال باستمرار وتبتلع كل من لايعرف طبيعتها،ويبدو أن أردوغان اكتشف الآن أن ما يقوم به ماهو إلا تعبير عن فصول الحقيقة التي بدأ يتكشفها وإن كانت ثمنها غال في سوريا،وعندما تجاهل هذا المنغولي لعبة الأمم التي هو فيها تفصيل وليس فاعل كما اعتقد،فقد لف أول الحبل على عنقه،وعندما صدق أنه يعاقب روسيا فمعناه أن جنون العظمة لديه قد جعله يبتلع الطعم بسهولة،والمباراة دخلت وقتها المستقطع الذي قد يطول ولكن الفوز الذي كان يمني نفسه بتحقيقه سريعا على غرار /تونس-ليبيا-مصر/ قد ذهب أدراج الرياح.. نعيماً لأردوغان وعشاقه الذين انتظروا قرابة العام و9 أشهر حتى يكتشفوا أن الانتصارات ليست بالردح..وقد قالها لافروف مدوية لوزراء خارجية القارة العجوز../الأسد باق باق باق/ وهي التي قالتها فئات ثانية وثالثة حتى ورابعة وهي تنزف دماً بفعل خفافيش الليل ومن استوردهم.

* كاتب سوري

Similar Posts

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *