اسرائيل: مرسي كنزنا الاستراتيجي
بدأ وسطاء مصريون الاثنين محادثات مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل كل على حدة لوضع تفاصيل وقف إطلاق النار الذي تم الاتفاق عليه الاربعاء وأنهى قتالا استمر ثمانية أيام في قطاع غزة وأودى بحياة 167 فلسطينيا وستة إسرائيليين.
وتأتي هذه المفاوضات في وقت تنهال فيه عبارات الثناء الاسرائيلي والغربي على جهود مرسي من أجل التهدئة في قطاع غزة.
وقال مسؤول مصري إن المحادثات ستناقش المطالب الفلسطينية المتعلقة بفتح مزيد من المعابر الإسرائيلية المؤدية إلى غزة وهي خطوة من شأنها أن تساعد في إنهاء الحصار المفروض منذ ست سنوات على القطاع.
ويقول مراقبون إن حماسة القاهرة لمهمة الوساطة بين حماس واسرائيل جعل منها الحدث الأبرز، أكثر من حتى المفاوضات في حد ذاتها.
ووصفت الإذاعة الإسرائيلية مرسي بأنه “كنز استراتيجي” جديد أكثر تعاونا من مبارك الذي كان الإخوان المسلمون يتهمونه بالعمالة لأميركا وإسرائيل.
وأشاد الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز الذي وصف مرسي بأنه “رجل دولة يتحلى بالمسؤولية”، وتوسعت دائرة “المديح” للدور المصري لتشمل الولايات المتحدة ودول غربية، وهذا ما يعتبره مراقبون رضا غربيا عن مرسي، وتحضيرا له ليقوم بالدور الذي كان ينهض به مبارك بخصوص التنسيق الأمني لمحاصرة “الإرهاب”.
ويثير دور الوساطة المصري بين حماس واسرائيل، عددا من الأسئلة بشأن علاقة الود الظاهر بين الرئيس الإخواني محمد مرسي واسرائيل.
وكانت مصادر “مخابراتية” إسرائيلية قد كشفت عن قبول تل أبيب لاتفاق الهدنة مع “حماس” برعاية مصرية أميركية، بعد تعهد الرئيس باراك أوباما شخصيا لبدء نشر قوات أميركية في سيناء المصرية، بالإضافة إلى مجسات وأجهزة تجسس إسرائيلية على طول الحدود المصرية.
ويقول مراقبون إن قبول مرسي المفترض، بوجود قوات مصرية لحماية حدود اسرائيل سيكون سابقة في تاريخ العلاقات مع الكيان العبري وتطور مذهلا ترك خلفه كل التنازلات، التي اتهم الرئيس المصري الراحل انور السادات بتقديمها له عندما قرر أن يعقد معه اتفاق كامب ديفد للسلام في نهاية سبعينات القرن العشرين.
ويرى هؤلاء أن الرئيس الإخواني محمد مرسي جازف كذلك بقبول ما امتنع عن قبوله حسني مبارك (قبول وجود قوات أجنبية على أراضي مصر) وهو الذي كانت له علاقات متطورة مع إسرائيل.
وبدورهم، اعتبر معلّقون مصريون أنه من المحتمل أن يكون مرسي قد قبل بتواجد أميركي في سياق مناورة محسوبة تجنبه التبعات السياسية الخطرة داخليا وإقليميا لأي دور مباشر محتمل للجيش المصري في مراقبة معابر الأسلحة الى قطاع غزة.
وترى سلطات الأمن الإسرائيلية وقادة المخابرات أن مصر ليس لديها القدرات الأمنية والاستخباراتية اللازمة لإجراء هذه العمليات، الأمر الذي فرض التدخل الأميركي لتجاوز سوء التفاهم.
وأكدت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون أن نتنياهو والرئيس الأميركي باراك أوباما قررا الإسراع في بناء نظام أميركي متطور من الأسوار الأمنية الإلكترونية على طول قناة السويس وشمال سيناء، لمنع تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة.
ورحب نتنياهو باقتراح الرئيس الأميركي للإسراع في مشروع الأسوار الأمنية، لكنه عبر عن خشيته أن يستغرق الامر زمنا لاستكماله من الجانب المصري، يتيح للفلسطينيين الوقت لتجديد مخزونات أسلحتها.
وتعهد أوباما في مكالمة مع نتنياهو بضمان أن يكون الجنود الأميركيون في سيناء الأسبوع المقبل، بعد أن حصل على موافقة الرئيس مرسي في اتخاذ إجراءات فورية ضد شبكات التهريب الإيرانية.
وكشفت مصادر عسكرية عن احتمال هبوط القوات الأميركية الخاصة في مطار شرم الشيخ جنوب سيناء خلال 48 ساعة القادمة للعمل ضد مهربي الأسلحة الايرانية لحماس من دون تأخير.
لكن المحللون يتوقعون أن يعجز الرئيس المصري عن مسك العصا من الوسط، أي أن يكون مع المقاومة على مستوى الخطاب، وأن يتولى تجفيف منابعها والتخابر ضدها في السر، وأن هذا الدور المزدوج ستكون حماس أكثر المتضررين منه ما قد يدفع إلى ظهور انشقاقات صلبها.
ويضيف هؤلاء المحللون أن الوجود الأجنبي على الأراضي المصرية لن تقف نتائجه الأمنية عند مهمة منع المقاومة من الحصول على السلاح وتهريبه، وإنما ستمتد للتجسس على مصر ذاتها، ومدى التزامها بتنفيذ تفاصيل الاتفاق، وستتولى كشف خفايا العلاقات بين إخوان مصر وبين مختلف الفصائل وخاصة حماس ما يوفر لإسرائيل معطيات دقيقة تسهل عليها عمليات الاغتيال.
وفرضت اسرائيل قيودا على قطاع غزة عام 2006 بعد فوز حماس التي ترفض الاعتراف بإسرائيل في الانتخابات. وشددت القيود بدعم من مصر بعد أن سيطرت حماس على القطاع في حرب أهلية.
وخففت بعض قيود التصدير والاستيراد بعد ذلك لكن اسرائيل لا تزال تمنع دخول قائمة طويلة من السلع إلى القطاع بما في ذلك كثير من مواد البناء قائلة إنها يمكن أن تستخدم في صنع أسلحة.
وقال القيادي في الحركة محمود الزهار للصحفيين السبت إن الحركة تريد فتح كل المعابر الأربعة الخاصة بمرور السلع مع إسرائيل والتي كانت تعمل قبل عام 2006.
ولا يعمل سوى معبر واحد فقط في الوقت الراهن مع تخصيص نقطة عبور واحدة للأفراد للعدد القليل من الفلسطينيين والأجانب الذين تسمح لهم إسرائيل بدخول القطاع والخروج منه.
وقال المسؤول المصري الذي تحدث عن رعاية مصر للمفاوضات الجديدة بين حماس واسرائيل ان القاهرة ستحث أيضا الطرفين على تأكيد التزامهما باتفاق وقف إطلاق النار.
ويقول رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو “ان حكومته لن تتوقف عن قتال حماس حتى يتم الاستجابة لهذا الشرط القاضي بتوقف تدفق الأسلحة الايرانية اليها”، وهي اسلحة يزعم أنه يتم تهريبها إلى القطاع من السودان وليبيا عن طريق مصر وجنوب سيناء.