أين المسؤولون مما يخطط لسوريا؟

يقحم رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو نفسه في القلق الاميركي المتزايد من امكان استعمال النظام السوري الاسلحة الكيميائية ضد المعارضة، بدافع اليأس، وفقاً لتعبير وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون. ويعرض استعداده للمشاركة في اي تدخل عسكري بقوات برية لمصادرة تلك الاسلحة أو تدميرها. وأرفق نتنياهو هذا الاستعداد بتعزيز حشود اضافية من قوات جيش بلاده على الحدود المحاذية للبنان وسوريا، مع رفع حالة التأهب لمواجهة اي تطور.

 واللافت ان حكومة الرئيس نجيب ميقاتي والقوى السياسية الاخرى الغارقة في قضايا داخلية والعاجزة عن حل أي منها، غير مدركة لما يمكن ان ينتج من خطر حقيقي على لبنان ويعرّضه لضربات عسكرية اسرائيلية محتملة، اذا أعطى اوباما اوامره بتنفيذ الضربة، وما ستكون ردة فعل روسيا والصين وعلى الأخص روسيا وايران والحزب. هل يأتي الرد من جنوب لبنان فقط ام سيكون أشمل؟ في المعلومات الديبلوماسية المتوافرة من موسكو وبيجينغ ان التحذيرات الاميركية ومن يؤيدها من الدول الاوروبية هي مجرد تهويل وفي حال لم تكن كذلك، فإن واشنطن مدركة ان إشراك اسرائيل في اي هجوم استباقي على المخزونات الكيميائية في سوريا مرفوض من الدول العربية، حتى الاشد مناهضة للنظام، وتلك التي توظّف ثقلها السياسي والمالي لاسقاطه

 

. وهناك جس نبض اميركي للعاهل الاردني الملك عبدالله الثاني لاشراك قوات برية من جيشه في العملية العسكرية التي خططت لها القيادة العسكرية، ووضعت لها “خطة طوارئ” قوامها 75 ألف جندي من وحدات الكومندوس والمشاة، لكن المشكلة التي تواجه تلك الخطة هي الحاجة الى الآلاف من القوات البرية للاستيلاء على مخازن الاسلحة الكيميائية العشرة الموزعة في اماكن مختلفة من البلاد، وهذا ما جعل اوباما يطلب من الدولتين المجاورتين لسوريا، الاردن وتركيا، المشاركة في العملية، اذا تقررت، بقوات برية. رفض الملك عبدالله الثاني العرض ولم يبقه سراً، بل جاهر به مؤكدا ان ” اي تدخل عسكري (في سوريا) يتناقض مع مواقفنا ومبادئنا ومصالحنا الوطنية العليا”. أما الموقف التركي من المشاركة البرية فبقي طي الكتمان، ولم يعرف ما اذا كان انشاء شبكة صواريخ “باتريوت” في تركيا في هذا الوقت له علاقة بما يعدّ اميركيا ضد النظام في سوريا .

والسؤال: لماذا هذه “الصحوة الاميركية ” الآن بعد الولاية الثانية للرئيس باراك اوباما، واظهار مخاوفه من استعمال الاسد اسلحة الدمار الشامل ضد المعارضة، على الرغم من التوضيح الرسمي السوري ان القيادة السورية الحالية لن تستخدم هذه الاسلحة في حال وجدت؟ اضافة الى ان اجهزة الاستخبارات الاميركية ليس لديها اي دليل حتى الآن على انه يتم نقل تلك الاسلحة من مواقع تخزينها الى مواقع قريبة من تجمعات المعارضة، وكل ما ُسجّل هو فقط “نشاط” قرب تلك المواقع لم تعرف طبيعته. كما ان اجهزة المخابرات الفرنسية لا تملك معلومات في هذا الصدد، انما هي قيد التحقق.

وفي آخر المعلومات الديبلوماسية المتوافرة أن اوباما لن يترك مخزونات الاسلحة الكيميائية في سوريا من دون معالجة، اما بمصادرتها واما بتدميرها في عملية مجوقلة، واذا لم تتوافر القوات البرية من غير الاميركيين، فانه سيأمر بقصف مواقعها بصواريخ “كروز” الموجهة، في ضوء تقارير استخباراتية يتلقاها عن تدفّق مقاتلين من تنظيمات متطرفة كـ”القاعدة”، ومن اهدافهم السيطرة على تلك الاسلحة، مما سيعرض مصالح اميركا الامنية للمخاطر، وخصوصاً قواعدها العسكرية في الخليج، اضافة الى امكان تعرض اسرائيل لخطر استخدام تلك الاسلحة ضدها في حال ساعدت سوريا “حزب الله”. وسيعمد سيد البيت الابيض الى تنفيذ “خطة طوارئ” اعدتها القيادة العسكرية الاميركية تحت عنوان تحالف دولي تشارك فيه بريطانيا وربما فرنسا وتركيا، لاتهام سوريا بأنها تخرق القانون الانساني الدولي، لأن مجلس الأمن لن يوافق على مثل هذا الهجوم بسبب الفيتو الروسي والصيني

 ومن المتوقع ان تنشأ حالة جديدة خاضعة لمتغيرات جذرية، سواء لاستمرار قوة النظام على حالها او لإعطاء المعارضة دفعاً جديداً سياسياً وميدانياً.

Similar Posts

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *