معهد واشنطن: ما هي السياسة التي ينبغي على الولايات المتحدة اتباعها في سوريا؟
في الوقت الذي يتكثف النقاش حول الكيفية التي يجب أن ترد بها واشنطن على الأزمة المتصاعدة في سوريا، اجتمع بعض الخبراء حول مائدة مستديرة في مكتب “مجلس العلاقات الخارجية” لتقديم توصياتهم. وفيما يلي مساهمة السيد تابلر؛ إنقر هنا لقراءة النقاش بالكامل باللغة الانكليزية من على موقع “مجلس العلاقات الخارجية”.
لمدة عام تقريباً، وجدت واشنطن طرقاً جديدة ومبتكرة لعدم التعامل مباشرة مع الجماعات المسلحة في سوريا، وفضلت بدلاً من ذلك التعامل مع مدنيين في المنفى من أعضاء “المجلس الوطني السوري” وخليفته الأكبر – “ائتلاف المعارضة السورية”. ولكن في ضوء التقدم السريع للجماعات المختلفة التي تشكل “الجيش السوري الحر”، فقد بات واضحاً الآن أن أولئك الذين يواجهون الأسد عسكرياً هم الذين ستكون لهم الكلمة العليا عندما يغيب عن المشهد.
والسبيل الوحيد الذي يساعد على ضمان أن يلعب المدنيون دوراً قيادياً في سوريا ما بعد الأسد – ووقف تنامي المشاعر المعادية لأمريكا بسبب التصور بأن واشنطن وقفت متفرجة ولم تفعل سوى القليل عندما كان يتم ذبح السوريين، ومن أجل مساعدة الولايات المتحدة في تشكيل النتيجة السياسية – هو أن تتحول واشنطن من سياستها “الرخوة” غير العلنية بالتعامل مع الجماعات المسلحة عن طريق قطر والمملكة العربية السعودية وتركيا إلى التواصل السياسي العلني مع الجماعات غير المتطرفة في “الجيش السوري الحر”.
إن الجماعات التي تشكل “الجيش السوري الحر” – والتي استهين بقدراتها يوماً ما عندما نُعتت بأنها قوى معارضة سيبرانية – قد حققت مكاسب كبيرة في مواجهتها لقوات نظام الأسد حيث قامت بطردها من رقع كبيرة من الأراضي المتنازع عليها الآن في شرق وشمال البلاد. كما أن جماعات “الجيش السوري الحر”، وكذلك الجماعات الجهادية التي تقاتل إلى جانبه ولكنها ليست جزءاً منه، قد اجتاحت مخازن أسلحة تابعة للنظام واستطاعت أن تحصل منها على صواريخ SA-7 المضادة للطائرات المحمولة على الكتف.
كما أن المعارضة السورية المسلحة تُسقط حالياً بأعداد كبيرة طائرات مقاتلة تابعة للنظام مما يفضي إلى الخوف بأن يلجأ النظام السوري – الذي يستميت لوقف تقدم الثوار – إلى استخدام الأسلحة الكيماوية. وبغض النظر عن ذلك، فمن المحتمل أن تنجح المعارضة المسلحة قريباً في تحويل هذه الأراضي المتنازع عليها إلى أراضي “محررة”: وهي المناطق التي لم يعد بوسع النظام أن يبسط نفوذه وسيطرته عليها بأي شكل من الأشكال.
ونظراً لتشرذم المعارضة السورية المسلحة والمدنية على حد سواء، ستضطر واشنطن إلى التعامل مع سوريا، أو ربما مع عدة دويلات في سوريا، تحكمها مجموعات متعددة تترأسها قيادات متعددة. إن أفضل السبل للتأثير على هذه القيادة الناشئة هو التخلي عن حلم التعامل مع المدنيين فقط والانخراط مع الجماعات المسلحة أيضاً. ولتحقيق ذلك، تحتاج واشنطن إلى وضع معايير واضحة لتحديد الجماعات – مثل تلك المتطرفة – التي لن تتعامل معها الولايات المتحدة، وإشراك الجماعات الأخرى للتعرف على احتياجاتها الفورية، وإيجاد طريقة لتقديم هذه المساعدات.
وعلى الرغم من أن ذلك سيشمل بالطبع تزويد الأسلحة في بعض الحالات، إلا أن هناك فرصاً أخرى للتعاون أيضاً. فالجماعات المسلحة في البلاد تتصارع بالفعل للتعامل مع طلبات المدنيين في المناطق التي دمرتها الحرب، كما أن السوريين سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية واقتصادية واسعة مع بدء المعركة الأطول نحو بناء سوريا ما بعد الأسد تكون ديمقراطية وقابلة للحياة وتنعم بالسلام مع المنطقة والعالم.
أندرو جيه. تابلر هو زميل أقدم في معهد واشنطن