أنحس من بصقة مسيلمة!!

كلام سادة البيان دوما يذهب مثلا ، وليس للبيان سادة أعظم من محمد وآل محمد(ص) ، ولهذا المثل قصة قصيرة تلخص بمساحتها على السطر وحيزها الصغير قصة معاناة بلد لعبت به دبور (المؤسسة الدينية) حتى صار من رطوبتها وثقلها بلدا لزجا كل ما فيه ثقيل (حتى عبارات التهاني والمجاملات) تشعرها عبارات لزجة ثقيلة تمجها القلوب وإن لصقت بالآذان التصاقا ، ناهيك عن عبارات الوعود السياسية والخطابات النارية فضلا على الأحكام القضائية التي لا يقص مقص العدالة فيها إلا من كان بلا ريش ولا عشيرة!

مسيلمة ساقه حظه العاثر إلى أن يكون في زمن سيد البشر وبركة الله النازلة على الأرض محمد(ص) ولا ينعم بتلك البركة النازلة من السماء ، بل فضل لنفسه المنحوسة أن تسبح في فضاء النحس وتدعي أمرا لا يدعيه من ليس من أهله إلا فضحه الله سبحانه ساكنا ومتحركا ، فهذا المنحوس مسيلمة اختار أن يدعي النبوة في زمن خاتم الأنبياء(ص) ، فاتبعه أصحاب الأهواء المتمردون على أمر الله سبحانه ، وليس هنا محل الشاهد ، بل محله هو : إن هذا المنحوس دعاه أتباعه ليظهر بركاته المزعومة في بئر يستقون منها وهي مصدر مائهم في تلك الأرض القليلة الماء ، فجاءه الاتباع وطلبوا منه أن يبصق في البئر عسى أن يزداد ماءها وتظهر بركاته!!!!

استجاب مسيلمة لطلب اتباعه وبصق في البئر فجف ماؤها وانعدمت بركتها ، وزاد بلاء الناس فالبئر التي كانت قليلة الماء صارت بعد بصقة مسيلمة أثرا بعد عين ، وكان الناس يسوقون هذه الحادثة دليلا على بطلان نبوة مسيلمة وكذبه ، ولكن لم نجد أحدا التفت إلى نحوسة تلك البصقة التي جف منها عطاء الله سبحانه وذهبت بركته حتى جاء اليوم الذي تبينت به الحقيقة للناس ـ بغض النظر عن قبولهم لها أو رفضهم إياها فهي واقع قائم ـ وهذه الحقيقة تقول أن مسيلمة في زمنه كان يمثل الدين الباطل والمزاعم الكاذبة ، ولذلك كل فعلة وسكنة له هي نحس في نحس ، فحيثما يكون مقبولا تحل النحوسة وتنعدم البركة. اليوم ونحن نمر بمناسبة عيد الغدير الأغر حقيق على الناس أن تستفيد مما فيه من عبر ، قبل أن تفكر في إقامة المهرجانات والاحتفالات لتجير هذه الواقعة التاريخية ـ التي وضعت حجر الأساس لحاكمية الله سبحانه وبينت أركانها ـ لصالح المؤسسة الدينية ورموزها ، وكأن في رموز الدين اليوم من هو مثل علي صلوات الله وسلامه عليه ، وكأن أولئك الذين ينشدون ويتغنون ويصفطون ويدبجون الكلمات هم أتباع لعلي صلوات الله وسلامه عليه؟؟!!!

لا تعني الأفراح والموائد العامرة التي يقيمها من يقيمها رياء وسمعة (ولاية لعلي صلوات الله وسلامه عليه) فولاية علي هي ولاية الله سبحانه وهي حاكمية الله ، والحق سبحانه بين خلفاءه على الأرض بعد محمد(ص) إلى يوم القيامة ، فليس هناك زمن خال من حجة لله سبحانه من آل محمد(ص) ، ولعل هذا لا يختلف فيه الشيعة الذين كانوا يسيرون على درب حاكمية الله وكانوا اتباعا لعلي(ص) ، أما اليوم بعد انعقاد سقيفة الزوراء (بغداد) التي هي نظيرة سقيفة المدينة التي فيها تم اغتيال بيعة الغدير ونكث العهود والمواثيق التي أخذت في ذاك اليوم الأغر ، لم تعد المؤسسة الدينية التي تدعي اتباع علي(ص) زورا وبهتانا هي من يمثل سبيل علي(ص) لأنها تخلت عنه وتركته ، وركبت قطار الديمقراطية الامريكية ، فصح أن نسميها المؤسسة الدينية الديمقراطية التي لا علاقة لها بعلي(ص) لا من قريب ولا من بعيد. ولكن ما يهمنا هنا ونحن نعيش تلك المناسبة العزيزة على قلب كل مؤمن بحاكمية الله سبحانه ، وأن الحاكم لابد أن يكون خليفة لله سبحانه منصب من الله جلت قدرته تنطبق عليه أركان القانون الإلهي في التنصيب وهي : أن يكون صاحب نص الهي باسمه (أي وصية باسمه من خليفة من خلفاء الله) هذا الركن الأول ، والركن الثاني : أن يكون أعلم الناس بدين الله سبحانه وأعلمهم بالحلال والحرام فلا يدخل الناس في باطل ولا يخرجهم من حق ،

 والركن الثالث : أن يرفع راية البيعة لله ويدعو الناس إليها جهارا وإعلانا ، ويدعو إلى نبذ حاكمية الناس بكل صورها وألوانها لأنها الحاكمية التي اشاعت الظلم والجور بين الناس وخربت البلاد والعباد. ولذا بات من الضروري سؤال هذه المؤسسة التي تدعي تمثيل علي(ص) عن علاقتها بالدين أصلا بعدما تركت سبيل الدين وركبت قطار الديمقراطية الامريكية وقطعت كل وشائجها مع علي(ص) ومبادئ علي(ص) التي هي مبادئ الدين الإلهي الحق ، وبعدما صرنا نرى ونسمع ـ جهارا عيانا ـ خطباءها ليوم الجمعة وهم يتوسلون بالديمقراطية للتوليف بين قلوب الكتل السياسية المتصارعة على هذه الدنيا التي وصفها علي(ص) بأنها جيفة طلابها كلاب!!

 لقد أراد ساسة هذا الزمان من المؤسسة الدينية أن تبارك هذه العملية الديمقراطية التي هي صناعة أمريكية بامتياز ، ولكي يتجاوز الساسة مأزق العمل مع الامريكان الذين كل الفقهاء قبل هذه العملية يحرمون التعامل معها بل وأن موقفهم المعلن كان (إن من ترضى عنه أمريكا فليراجع دينه) ولكن بعد سقوط الطاغية ودخول الامريكان أرض العراق تبدلت الأحوال وصار الحرام حلالا بعد أن شرعت المرجعية الدينية لوجود الامريكان على ارض العراق (ولا ندري ما عدا مما بدا) هل صار الامريكان اليوم رسل الرحمن بعد أن كانوا هم الشيطان؟؟!!

 وبالفعل حصل ما أراده الساسة وباركت المرجعية ديمقراطية امريكا التي أدخلت البلاد والعباد في نفق لا نهاية له إلا الظلام (ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها) ، ولولا تدخل المرجعية ومباركتها للوجود الامريكي ولهذه العملية لما كان لأولئك الساسة مكان بين الناس ولما صار حال الناس اليوم أسوء من حال أولئك القوم الذين بصق في بئرهم مسيلمة.

 فلا أحد يشك بأن أرض العراق هي ارض الخير والبركة والنعمة حتى تكاد لا تدانيها بقعة على وجه الأرض بذلك ، فنعمتها موفورة ، ولكنها اليوم تبكي الجوع وتشتكي العوز وملوحة الماء والأمراض والتناحر والتباغض و… و… والقائمة تبدأ ولا تنتهي وكل ذلك سببه النحس الذي جلبته تلك المؤسسة على الناس بمشاركتها الفاعلة بتلك العملية السياسية التي من (بركاتها) : القتلة يسبحون في فضاء الحرية ، وأهل الدين والكلمة الحرة في مطامير السجون ، بل تحول البلد كله من شماله إلى جنوبه إلى سجن كبير ، لا يدري الصغير ولا الكبير فيه متى تمتد يد المادة (أربعة إرهاب) لتأخذه بين أحضانها فلا يرى بعدها الشمس وتصير الحرية عنده مثل حال البئر الذي بصق فيه مسيلمة. كان أحد الناس في زمن الطاغية المقبور يعلق على كل مكان تقع فيه مصيبة بالقول : (امتدت يد الثورة إليه) ، واليوم كل مصيبة تقع لابد أن ترى وراءها بصقة مسيلمة في هذا الزمان ، حتى على مستوى العلاقات الاجتماعية بين الناس ؛ ألسنتم تتغنى بالوحدة والتوحد ، وأقدامهم وأفعالهم تسعى حثيثا إلى الفرقة والتناحر والتباغض ، فلا تجد بين الناس اليوم مصداقية لا في عهد ولا في كلمة ، فضلا على أن الفساد في كل مفصل من مفاصل الحياة استشرى ، وإلا بماذا يعللون أن يستحدثوا هيئة للنزاهة لولا استشراء الفساد؟؟! وكيف يستشري الفساد في دولة تديرها المؤسسة الدينية؟؟!!

وعلينا أن لا نكذب على أنفسنا ونقول أن المؤسسة الدينية دورها تقديم النصيحة وما إلى ذلك من التبريرات المضحكة المبكية ، بل الواقع يشهد بأن هذه المؤسسة الدينية هي صانعة القرار ، وإلا ما معنى أن يقف خطباءها في كل جمعة من باب ينتقدون ويتحدثون عن الفساد ، ومن باب آخر يمتدحون المسؤولين عن العملية السياسية؟؟!!

نعم لقد اصابت البلد لعنة بصقة مسيلمة وصار كل شيء فيه خاليا من البركة منحوسا أشد النحس ، وهذا الواقع يشهد فمتوسط دخل الفرد العراقي دال على وفرة المال ، فضلا على ما يعلن من سرقات وفساد بالمليارات ، والبلد مفتوح على كل من هب ودب ، فهو سوق البائرات في هذا الزمان ، كل شيء فيه ولكن كل شيء لا قيمة له ، وفوق هذا وذاك معارك الساسة التي لن تنتهي ببركة بصقة مسيلمة!

Similar Posts

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *