توجه حكومي لبناني لإعلان صيدا منطقة عسكرية

كأنّها على «فوهة بركان». هكذا بدا الوضع في عاصمة الجنوب صيدا غداة «بروفة» الفتنة التي شهدتها بين مناصري الشيخ احمد الأسير وأنصار «حزب الله» على خلفية شعارات حزبية وعاشورائية اعترض عليها إمام مسجد بلال بن رباح وفجّرت مواجهات في تعمير عين الحلوة ادت الى مقتل اثنين من مرافقي الاسير وفتى مصري الجنسية وجرح ستة أشخاص بينهم مسؤول قطاع صيدا في «حزب الله» زيد ضاهر.

وفي حين شيّعت صيدا مرافقيْ الأسير امس وسط حداد عام في المدينة، بدا الوقع السياسي لهذا الحادث الدموي «مدوياً» وعكستْه ما يشبه «حال الطوارئ» الامنية التي أُعلنت لحصْر تداعيات الإشكال ومنع «انفلاشه» كما الاتصالات على أعلى المستويات التي استمرّت لقطع الطريق على تحويل بوّابة الجنوب مدخلاً لإخراج الوضع اللبناني برمّته من حال الـ «لا سلم ولا حرب» هو الذي يبدو وكأنه «برميل بارود» لا يحتاج الا الى «عود ثقاب» لـ «تفجيره» نتيجة الاصطفافات الحادة التي يعيشها على خلفية الموقف من الأزمة السورية وما خلّفه اغتيال اللواء وسام الحسن من تداعيات سواء بعد الهجوم على سلاح «حزب الله» او المطالبة بإسقاط الحكومة.

ووسط «سلّة خيارات» يجري بحثها للحؤول دون ان تكون صيدا 2012 كما كانت صيدا 1975 الشرارة الاولى للحرب الاهلية التي استمرت 15 عاماً، وبينها اعلانها منطقة عسكرية وهو ما سيبحثه مجلس الوزراء يوم غد بناء على طلب وزير الداخلية مروان شربل، كانت لافتة المؤشرات الآتية:
* تحميل رئيس التنظيم الشعبي الناصري النائب السابق اسامة سعد «تيار المستقبل» (بقيادة الرئيس سعد الحريري) والشيخ الاسير «مسؤولية الدم الذي أريق في صيدا»، منبهاً الى انه «إذا لم تبادر السلطة إلى اتخاذ إجراءات مشددة وعاجلة ستفلت الأمور».

* اعلان أمين عام تيّار «المستقبل» أحمد الحريري أن الاضراب الذي نفّذته المدينة هو في اطار «بالمعركة المستمرة مع المحور الإيراني – السوري». معتبراً انه «كان على الدولة أن تتدخل في صيدا قبل حصول الحادث وليس بعده خصوصاً في ظل معلومات مسبقة بأن الحادث كان سيحصل»، متسائلاً عن «أسباب عدم إعلان صيدا منطقة عسكرية قبل وقوع الحادث، خصوصاً ان المنطقة التي وقع فيها الحادث حسّاسة وعلى خاصرة عين الحلوة»

.
* تأكيد الأسير «ان دماءنا ليست ماء والمناصرون يطالبوننا بالتسلح ولا استطيع ان ارفض هذا الرأي الا بعد مناقشتهم»، منتقداً «ان تقدر الدولة على كل المواطنين الا على «حزب الله» وشبيحته فهذه ليست دولة بل دولة محتلة من ايران، وسنقاوم هذه الاحتلال».

* اتهام مصادر قريبة من 8 آذار الاسير بانه تعمّد اختيار منطقة تعمير عين الحلوة المتاخمة لمخيم اللاجئين الفسطينيين ليقوم بـ «عرض قوة» تحت شعار إزالة شعارات وشعائر عاشورائية «مستفزة»، معتبرة أنه كان يريد من وراء ذلك افتعال مشكلة في هذا الحي، المعروف بأنه يضم غالبية من لون مذهبي معين (شيعي) بغية الدفع نحو مواجهة شيعية ـ سنية او شيعية ـ فلسطينية.

وفي ظل هذه الوقائع، أمّ الشيخ الاسير (وصل مع 25 مسلحاً) المصلين خلال تشييع مرافقيْه لبنان العزي وعلي سمهون (الفتى المصري علي الشربيني لم يُشيَّع معهما) في مسجد الشهداء في صيدا، قبل ان يتم نقل الجثمانين في مسيرة حاشدة غاضبة ليوارا في الثرى في دوار الكرامة (المدخل الشمال لصيدا) حيث كان امام مسجد بلال بن رباح اقام اعتصامه المفتوح في يونيو الماضي والذي استمرّ نحو شهرين تحت شعار «رفضاً لهيمنة سلاح «حزب الله».

 
وترافق ذلك مع تشديد الجيش اللبناني اجراءاته الامنية على الارض ولا سيما في تعمير عين الحلوة ومحيط مسجد بلال بن رباح، في حين افادت تقارير ان اجتماع مجلس الامن المركزي الذي ترأسه وزير الداخلية في صيدا تخلله اقتراح بإلقاء القبض على الأسير بعد الحصول على الغطاء السياسي اللازم لهذه العملية، فرد شربل متسائلاً: وماذا عن تداعيات مثل هذه الخطوة؟ هل يستطيع أحد أن يضمن ما بعدها نظراً الى رمزية الشيخ الأسير؟».

وبدت الخطوات الميدانية، التي واكبتها أوامر باجراء تحقيق سريع لمعرفة من أطلق النار وتكليف الجيش اللبناني توقيف المسلحين والردّ على أي إطلاق نار من زاوية أن لا أمن بالتراضي، في سباق مع المخاوف من ان يفلت زمام الامور من ايدي الجميع، وهو ما عبّر عنه حرص قيادة الجيش في ضوء المشاورات مع كبار المسؤولين، لا سيما الرئيسين ميشال سليمان ونجيب ميقاتي والقادة السياسيين المعنيين في صيدا، على نشر وحدات اضافية ولواء مقاتل مجهز بكل ما يلزم لفرض الأمن بالقوة وبسط سلطة الدولة على كل الموجودين من احزاب وتنظيمات في المدينة.

 
وقد دعا رئيس الجمهورية امس على خلفية احداث صيدا الى التنبه من خطر الانزلاق الى الفتنة في الداخل، محذرا من «انعكاساتها ونتائجها على مسيرة الاستقرار والسلم الاهلي في وقت توافق الافرقاء عبر اعلان بعبدا على تحييد لبنان عن صراعات الآخرين وعلى تخفيف لهجة التخاطب السياسي بين الافرقاء من اجل المحافظة على مناخات التهدئة التي تشكل المعبر اللازم والضروري لاجتياز هذه المرحلة الدقيقة»، طالباً الى المسؤولين الامنيين والقضائيين «اتخاذ التدابير اللازمة لضبط الوضع والتحري عن مسببي الاشكال الاخير واعتقالهم وإحالتهم الى القضاء المختص».

.
وقد تواصلت التحقيقات الاولية في هذه القضية امس باشراف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر تمهيداً لكشف مطلق النار على الحاجز واتخاذ الاجراء القانوني في حقه

.

Similar Posts

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *