أوغلو غير خائف من “صواريخ سوريا” بل قلق من حرب “عربية – كردية” في العراق
في وقت تلقت فيه السياسة الخارجية التركية في العراق ضربة نفسية من خلال منع وزير الطاقة التركي تانر يلديز من الوصول جوا إلى اربيل وعودته وهو في الجو إلى أنقرة، نقلت صحيفة «راديكال» عن وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو خشيته من تطور الوضع في العراق إلى حرب عربية – كردية.
وقد اعتبرت وسائل إعلام تركية منع الوزير التركي من دخول العراق جوا بأنه رد على دخول داود اوغلو مدينة كركوك في وقت سابق من دون إذن السلطات العراقية المختصة. وقد حمّل نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري اردوغان طوبراق الحكومة التركية مسؤولية حادثة يلديز، وانها نتيجة طبيعية لسياسات الحكومة الخاطئة تجاه القضايا الخارجية، والتي قللت من احترام الآخرين لأنقرة. وقال إن «تركيا تتحول تدريجيا إلى بلد منحبس داخل حدوده».
وفي بروكسل، حيث شارك في اجتماعات حلف شمال الأطلسي لمناقشة الطلب التركي نشر صواريخ «الباتريوت» على الأراضي التركية، اعتبر داود اوغلو أن الوضع في العراق أكثر مدعاة للقلق من الوضع في سوريا. وقال: «يمكن توقع ماذا يمكن أن يفعل أو لا يفعل الرئيس السوري بشار الأسد، والتصرف على هذا الأساس، لكن الوضع في العراق ليس واضحا وهو ما يدعو إلى الخوف».
وأضاف داود اوغلو للصحافيين الأتراك المرافقين، إن تشكيل رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي لكتائب دجلة وحسن تسليح البشمركة الكردية يساهمان في تصاعد خطر الصدام.
وتذكر الصحيفة ان أوساط الوزير التركي تعتقد أن المالكي على قناعة انه إذا انهار النظام في سوريا فإن العراق سيشهد حربا أهلية، ولذا يتحضر المالكي لها منذ الآن.
وحول الموقف من سوريا وصواريخ «الباتريوت»، قال داود اوغلو إن «سوريا عندها أكثر من 500 صاروخ استراتيجي، وتركيا تعرف أين هم وكم عددهم وكيف يتم تحريكهم. وتركيا لا تتوقع أن يستخدمها النظام ضد تركيا. لكن إذا انهار النظام فإن خطر انتقال السيطرة على هذه الصواريخ إلى جماعات متطرفة خارج السيطرة قائم، ويجب ألا نغض النظر عن هذا الاحتمال».
ويقول مقربون من داود اوغلو إن تركيا «غير مستعدة ولا يجب أن تكون مستعدة للتعرض إلى خطر حتى لو كانت نسبته واحد في المئة أو 3 في المئة».
ويقول داود اوغلو إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان لم يناقشا أبدا مسألة صواريخ «الباتريوت» لا في الاجتماعات، ولا على الغداء.
ويرى داود اوغلو أن المحادثات مع الروس «أظهرت مؤشرين على سياسة روسية جديدة: الأول قول بوتين إن البلدين يلتقيان في الأهداف ويفترقان في الوسائل، والثاني أن بوتين ليس محامي النظام السوري. وهذا مهم لبدء تقارب في المواقف».
ونقلت صحيفة «ميللييت» عن أوساط حكومية في أنقرة قولها إن «تركيا تتخوف من حرب أهلية في سوريا، وإن السبيل لمنع ذلك هو بقاء الجيش السوري النظامي، خارج الكتلة العلوية فيه، موحدا. واذا انهار الجيش، فإن الحرب الأهلية حتمية». وتقول الصحيفة انه «في حال الوصول الى صيغ اسماء للمرحلة الانتقالية فإن أنقرة إلى جانب تكليف رياض حجاب رئيس الوزراء السوري السابق الذي انشق عن النظام وليس نائب الرئيس فاروق الشرع بذلك».
وفي تعليقات الصحف التركية على زيارة بوتين، لا سيما في شقها السوري، كتب سامي كوهين في «ميللييت» مقالة بعنوان: «معيار دقيق» قائلا: «مَن تراجع إلى الوراء، رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان أم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؟ هذا هو السؤال الذي شاع بعد انتهاء زيارة بوتين إلى أنقرة. ومع أن اللقاءات أظهرت اختلاف وجهات النظر حول الأزمة السورية، لكن يبدو انه كما تركيا كذلك روسيا قد رسما معيارا دقيقا تجاه هذه الأزمة. طبعا هذا لا يأتي بمعنى أنهما تخليا عن موقفهما الأساسي وأنهما تراجعا خطوة إلى الوراء، لكن أنقرة كما موسكو دخلت مرحلة من الليونة المتبادلة. وفي الحقيقة ان الطرفين امام مهمة صعبة، وسنرى في الأسابيع المقبلة اية نتيجة ستخرج منها».
وكتب محمد تزكان في الصحيفة نفسها عن «تباين عميق» في المواقف بين تركيا وروسيا، فقال إن «المناخ الذي أشيع هو أن المحادثات بين بوتين واردوغان قد مرت بصورة جيدة، وأن روسيا قبلت بالطروحات التركية وان موسكو وافقت حتى على أن تبدأ بالحديث عن مرحلة ما بعد الأسد. وما إن قال بوتين انه ليس محامي النظام السوري حتى قيل إن موسكو وافقت على وجهة نظر أنقرة». وأضاف: «مناخ متفائل جدا تم الترويج له، لكن الغالب أن الوضع ليس على هذا النحو. لم تترك روسيا لحظة شك أنها ترى ضرورة أن يكون الأسد جزءا من المرحلة الانتقالية. بل إن روسيا دعت أنقرة إلى الضغط على المعارضة لتغيير موقفها. اما موقف انقرة فليس هكذا، اذ تريد حلا من دون الأسد … أليس هذا تباينا عميقا؟».
وفي ما له علاقة بصواريخ «الباتريوت» نقلت صحيفة «حرييت» عن أمين عام حلف شمال الأطلسي أندرس فوغ راسموسن قوله ان «صواريخ الباتريوت، بسبب قصر مسافتها، ليست نظام دفاع شاملا بل نظام دفاع محدد. هي مصممة ضد الصواريخ، وليس الطائرات وهو ما يعني أن الخطر سيبقى قائما على تركيا».
وذكرت الصحيفة إن «الأطلسي سيرسل صواريخ الباتريوت إلى تركيا لحمايتها من الصواريخ السورية التي تحمل رؤوسا كيميائية. ولكن عدم رغبة بعض الحلفاء، مثل ألمانيا، بإرسال عدد كاف من بطاريات الصواريخ يضع 28 محافظة تركية، فيها 17 مليون نسمة، تحت خطر صواريخ سكود
».