تراشق إعلامي بين الصدريين وتيار المالكي ــ اتفاق مبدئي بين أربيل وبغداد
أتفاق مبدئي بين أربيل وبغداد
تتجه الأزمة بين الحكومة الاتحادية العراقية وحكومة إقليم كردستان نحو التهدئة، بعد اتفاق الجانبين «مبدئياً» على تنفيذ مبادرة رئيس البرلمان أسامة النجيفي القاضية بتولي الشرطة المحلية الأمن في كركوك والمناطق المتنازع عليها، وانسحاب القوات العسكرية التابعة للجانبين التي تحشدت أخيراً.
وكان رئيس الوزراء نوري المالكي أعلن أول أمس أن الأزمة في المناطق المتنازع في طريقها إلى الحل. وهناك اقتراحان للحل. وأضاف أن الوضع سيستمر كما هو إلى أن يقر البرلمان قانون ترسيم حدود المحافظات. وأكد القيادي في كتلة «التحالف الكردستاني» النائب حسن جهاد أن «الأجواء المشحونة بالتوتر بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان تراجعت مع بوادر اتفاق الطرفين على حل الأزمة في كركوك والمناطق المتنازع عليها».
وأشار إلى أن «اقتراح النجيفي القاضي بإحالة الملف الأمني في هذه المناطق على الشرطة المحلية وتنفيذ انسحاب كامل لقوات الجيش الاتحادي وقوات البيشمركة تتم بلورته للبدء في تنفيذه خلال أيام».
وأضاف: «على رغم أن اقتراح النجيفي يفتقر إلى تفصيلات دقيقة وجاء متعجلاً ولكن في الإطار العام فإن القيادة الكردية وافقت عليه، رغبة منها في حل الأزمة بأسرع وقت بما يضمن عدم تطورها وانفتاحها على خيارات صعبة لا تخدم الطرفين».
وكان النجيفي زار أربيل الأربعاء الماضي لطرح مبادرته، وسبق الزيارة لقاؤه رئيس الوزراء نوري المالكي الذي وافق عليها أيضاً.
إلى ذلك، قال مقرر البرلمان النائب محمد الخالدي إن «مفاوضات جديدة ستجري بين وفود فنية وعسكرية من بغداد وأربيل لتشكيل لجنة عليا مشتركة تنفذ الجزء المتعلق بانسحاب قوات الجيش والبيشمركة التي قدمت إلى المنطقة مع اندلاع الأزمة». وأضاف الخالدي أن «الجزء الثاني من الاتفاق يتضمن تولي قوات الشرطة المحلية الملف الأمني في كركوك وباقي المناطق المتنازع عليها»، ولفت إلى «رغبة المالكي في تطوير قوات الشرطة المحلية من خلال فتح باب التطوع لكل سكان هذه المناطق».
وكان الأمين العام لقوات «البيشمركة» الكردية جبار ياور قال في تصريح سابق إن «حكومة إقليم كردستان كانت تطالب في الأصل بأن تتولى قوات الشرطة المحلية في كركوك والمناطق المتنازع عليها إدارة الملف الأمني في مناطقها من دون تدخل قوات الأمن الاتحادية أو قوات حكومة الإقليم».
إلى ذلك، يواصل رئيس الجمهورية جلال طالباني لقاءاته مع قادة الكتل السياسية والبرلمانية وعدد من الشخصيات السياسية لاحتواء الأزمة بين بغداد وأربيل. ولوحظ أنه لم يلتق المالكي حتى الآن، على رغم انه في بغداد منذ الثلثاء الماضي.
وجاء في بيان لطالباني امس انه استقبل رئيس «المؤتمر الوطني العراقي» النائب احمد الجلبي، وبحثا في آخر المستجدات وسبل تفكيك الأزمة».
وشدد طالباني على «ضرورة أن يعي الجميع أبعاد التأزم وضرورة تطويقه واتخاذ خطوات عملية لحل المشكلات وفق مبادئ الدستور والاتفاقات المبرمة بين الأطراف السياسية كافة».
وحض ممثل المرجعية الدينية عبد المهدي الكربلائي أثناء خطبة الجمعة امس الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان على تجنب الصدامات والمواجهات التي تؤدي إلى إراقة الدماء. وشدد على «أهمية اللجوء إلى الحوار والاحتكام إلى الدستور والابتعاد عن التصريحات المتشنجة لحل الخلافات وإيجاد آليات تحكيمية لحسم النزاعات الدستورية».
تراشق إعلامي بين الصدريين وأئتلاف القانون
تصاعدت حدة التصريحات الاعلامية بين تيار الصدر ورئيس الوزراء نوري المالكي الذي اتهم الصدريين بـ «اعتماد الاساليب غير المشروعة لتحقيق مكاسب سياسية وانتخابية»، ورد هؤلاء باتهامه بـ «حرمان كل عائلة عراقية من نحو 1000 دولار من فائض عائدات النفط».
وانتقد مكتب المالكي بشدة اعتراض بعض النواب على حكم المحكمة الاتحادية القاضي بالغاء 25 في المئة من واردات النفط المدرجة في الموازنة العامة لعام 2012.
وجاء في بيان لمكتب رئيس الوزراء ان «بعض النواب يعمد الى اعتماد اسلوب الحملات التحريضية في محاولة لإستمالة المواطنين وإستدرار عطفهم او تعبئتهم ضد هذه الجهة او تلك، وما اعتراض مجموعة من النواب على حكم المحكمة الاتحادية سوى محاولة لتحقيق مكاسب انتخابية وتضليل الرأي العام».
وأضاف ان «هذه الحملة الاعلامية المضللة لا تكشف عن اعتماد الاساليب غير المشروعة في تحقيق المكاسب السياسية او غير السياسية والتعتيم على المخالفات التي يقومون بها فحسب، انما تعبر عن إستهانة بذكاء المواطنين وبقدرتهم على تمييز الصادق من الزائف، وبين من يعمل حقيقة من اجل مصالحهم ومن يحاول إستخدام عواطفهم جسراً لتحقيق مكاسب معينة».
وزاد: «إننا ندعو الجميع الى مراعاة قيّم التنافس الحر النظيف وكسب رضا المواطن من خلال العمل الجاد لخدمته ودعم التشريعات التي تصب في صالح بناء البلاد وتطوير الخدمات ومحاربة الفساد وسيادة القانون.
نود توضيح عدد من الحقائق حول المادة 23 من قانون الموازنة العامة التي تتضمن العديد من الفقرات وليست خاصة بتوزيع فائض الموازنة على المواطنين».
وأوضح انه «لم يكن في الموازنة اي فائض وادعاء وجود نسبة 20 في المئة عار عن الصحة تماماً».
وكانت المحكمة الاتحادية العليا أصدرت الأربعاء الماضي قراراً قضى بعدم دستورية تعديل قانون الموازنة بشكل يتضمن توزيع فائض الواردات النفطية.
واتهمت «كتلة الأحرار» التي تمثل «تيار الصدر» في البرلمان، المالكي برفع دعوى قضائية لوقف صرف فائض إيرادات النفط على الشعب العراقي الذي كان قد جرى الاتفاق عليه في موازنة 2012.
وأكد نواب الكتلة ان «المالكي كسب الدعوى، على رغم وجود فائض قدره 20 بليون دولار، ما كان يقضي بتوزيع 5 بلايين منها على الشعب، بواقع أكثر من 250 دولاراً لكل فرد عراقي».
واعتبرت الغاء المحكمة توزيع الفائض بانه «حرب شنها رئيس الحكومة نوري المالكي على فقراء العراق».
بدوره دعا مقتدى الصدر اول من امس «القضاء غير المسيس» إلى «إعادة النظر في قرار المحكمة الاتحادية» وحض المالكي على «تحمل مسؤولياته أمام الشعب».
وذكر الصدر في بيان، حصلت «الحياة» على نسخة منه، أنه «يمكن لبعض النواب الطعن في قرار المحكمة الاتحادية القاضي بإلغاء فقرة من الموازنة لتوزيع واردات النفط على المواطنين».
بدوره رأى رئيس «كتلة الأحرار» بهاء الاعرجي أن «الحكومة حرمت العائلة العراقية من 1000 دولار».
وأشار الى ان «رئيس الوزراء منع الشعب العراقي من حقه في فائض النفط العراقي، ولو كانت هذه الأموال مخصصة لحزب معين أو لدولة غير العراق لكان وافق عليها».
الأحزاب العربية ترفض أنتشار الشرطة
رفضت الاحزاب العربية في محافظة كركوك إقتراحاً لنشر قوات محلية في المناطق المتنازع عليها، فيما ارتفعت حصيلة قتلى تفجير مزدوج في محافظة ديالى الى 14 شخصاً، بينهم مسؤول حكومي.
وأوضح رئيس المجموعة العربية في مجلس المحافظة محمد خليل الجبوري ان «المكون العربي يتحفظ عن الاتفاق المبدئي بين الحكومة الاتحادية واقليم كردستان، والداعي الى نشر قوات من الشرطة المحلية في المناطق المتنازع عليها ومنها كركوك».
واوضح ان « القوات المحلية فشلت في ادارة الملف الامني، فضلاً عن كونها قوات تابعة للاحزاب السياسية الكردية، والموقف العربي الداعي إلى تسلم قوات دجلة الملف الامني في تلك المناطق ثابت».
واعتبر «تولي الشرطة المحلية الأمن في محافظات ديالى وكركوك ونينوى غير مجد كون هذه القوات غير قادرة على حفظ الامن بدليل الخروقات التي شهدتها وتشهدها تلك المناطق».
وكانت الاحزاب العربية أعلنت انسحابها من مؤتمر للمصالحة الوطنية الأربعاء الماضي، على خلفية تصريحات كردية انتقدت رئيس الحكومة نوري المالكي ورفضت تشكيل عمليات دجلة.
وجاء موقف الاحزاب العربية في وقت حذر الرئيس جلال طالباني، من مخاطر الحشود العسكرية المتبادلة على مشارف كركوك، مشيراً إلى أن هذه «التحركات خطر يهدد صميم أمن وطننا الذي ناضلنا جميعا من اجله ويواجه أزمة ليست بالهينة تستدعي منا وقفة مراجعة وتفحص لما نحن فيه ولما ينبغي أن نتفاداه».
في غضون ذلك، اكد التحالف الوطني ان التصعيد الكردي غير مبرر ضد الحكومة، داعياً حكومة اقليم كردستان الى احد خيارين: «إما أن يكون الإقليم جزءاً من البلاد او الانفصال كما ترغب العائلة الحاكمة في كردستان».
وقال النائب محمد الصيهود
ليس امام الاكراد سوى القبول بأن يكون الإقليم جزءاً من العراق على ان يلتزم الدستور الاتحادي، او الإنفصال، وهذا سيستدعي موقفاً اقليمياً ودولياً». واتهم رئيس الإقليم مسعود بارزاني بالعمل «على هدم الوحدة الوطنية بين مكونات المجتمع». واعتبر « نشر قوات البيشمركة في المناطق المتنازع عليها غير شرعي ولا دستوري».
».