الشعب يريد الاصلاح
هذا الشعار رفع في المظاهرات السلمية التي جرت في ساحة التحرير في بغداد من العام الماضي ( شباط 2011 ) وكانت بحق صوت شعبي مدوي بجماهيره الغفيرة , ليعبر بحق وحقيقة عن الاوضاع المؤلمة التي أ لت أليه العملية السياسية من تراجع كبير وخطير في المسار السياسي , ومن تخندق طائفي كلف العراق وطوائفه الدينية والسياسية خسائر فادحة , ونكوص وانعدام الاصلاح بكل ميادينه
.وزيادة رقعة الظلم والاجحاف لاغلب فئات الشعب , وكانت حقا محاولة جدية من المتظاهرين , بان تعيد النخب السياسية حساباتها وتقيمها للواقع السياسي المتدهور وتحويله الى الطريق الصواب ليخدم اهداف وتطلعات الشعب في الحرية والكرامة وانصاف المظلوم والمحروم , بعد سلسلة من الاخفاقات في ادارة شؤون البلاد , وكانت فرصة ثمينة للنخب السياسية بالشروع الجدي لمرحلة الاصلاح والبناء , وتخطي الازمة السياسية الطاحنة الى مرحلة الانفراج لصالح الشعب , وانقاذ المواطن من ثقل الازمات ,وقلة الخدمات الضرورية
. وكان فرصة ملائمة لتطوي هذه النخب السياسية من الدوران في دائرة الفشل والاخفاق والتقديرات التي اضرت بالمسار السياسي , والتي ادت قطع جسور الوصل والثقة مع المواطن . لكن تعنت واصرار هذه الاطراف السياسية في اختيار طريق يعج باللالغام والانحراف , والتفرد بالسلطة والنفوذ والمال الحرام , ضيعت هذه الاطراف الفرصة الثمينة للاصلاح الذي ينشده ويطلبه الشعب , فقد تفوقت مصالح حفنة قليلة من السماسرة والمنتفعين الذين يمارسون العهر السياسي بجدارة واقتدار , رجحت كفة هؤلاء الطارئين على كفة غاليبة الشعب .
بذلك شنت هجوم ارهابي وبوليسي لاخماد هذه التظاهرات السلمية بالعنف والدم , مما اثار موجة غضب واستنكار عارم من الاطراف السياسية الاخرى ومن عامة الشعب , وامام هذا المد العارم من الاستهجان , اضطرت الحكومة على لسان رئيس الوزراء ان يوعد الشعب والرأي العام بالاصلاح المطلوب خلال مئة يوم , وانتظرت الجموع المتضررة والمحرومة من نعمة الاصلاح والانصاف , فمرت المئة يوم و خمسمائة يوم ووصلنا الى ( 600 ) يوم دون ان يلوح في الافق بشائر امل او ريحة تفاؤل , بل سارت الاوضاع العامة من سيء الى أسوأ وتعقدت الازمة السياسية اكثر تعقيدا , ودخلت العملية السياسي في نفق مظلم ومسدود , اما الاوضاع الامنية فقد تدهورت بشكل خطير , وصار المواطن على موعد مع الموت ( عزرائيل ) اسبوعيا , اما الفساد المالي والادراي فسار بخطوات متسارعة نحو تضخيم ارصدة قطط السمان , بسبب عمليات الاحتيال والابتزاز والنهب المبرمج لاموال الدولة دون حسيب او رقيب ونوم السلطات القضائية , كأن الامر ليس من اختصاصها .
والفقر والعوز يتفاقم بدرجات خطيرة . وبدأت تكثر اموج التسول وعصابات الخطف والابتزاز والاحتيال , وتكثر الاعداد التي تصارع من اجل الحصول على رغيفها اليومي في مقالع القمامة والازبال , وتوسعت بيوت الصفيح والسكن العشوائي , وقفز الفقر من نسبة 23% الى نسبة 30% , رغم ان ميزانية الدولة تتضخم بالمليارات الاضافية دون ان يكون لها صدى ايجابي على الواقع , وبدأ العراق ينزلق الى اسفل القائمة من البلدان الاكثر فقرا وتعاسة ,واقذر بلد من ناحية انعدام النظافة وتقديم الخدمات البلدية واكوام النفايات في الاماكن العامة , وبغداد الحبيبة اقذر عاصمة من عواصم العالم , بهذا الواقع المزري والمأساوي , بدأ النضج والوعي السياسي يكبر عند عامة الشعب , ونكفشت الاقنعة والدجل السياسي والتضليل الاعلامي , وبدأت النشاطات الجماهيرية تتحرك باتساع متزايد
. والنهوض الشعبي يكبر والرفض المعارض للنخب السياسية المتنفذة يتعاظم وما الحملات الجماهيرية التي حققت نتائج باهرة فاقت التوقعات مثل حملة ( لاتسرقوا صوتي ) وحملة ( انا عراقي .. انا اقرأ ) وان تصاعد المد الشعبي الرافض لسياسات النخب السياسية المتنفذة التي خانت الوعود والعهود , لذا فان الحاجة الملحة الان تتطلب بمبادرة جديدة تهدف الضغط على هذه الاطراف السياسية على انصياعها الى طلبات الاصلاح السياسي والاقتصادي الذي يصب لصالح العام , لذا يتطلب احياء ملحمة ساحة التحرير من جديد .
لانه المخرج الوحيد بان تتفهم هذه النخب السياسية ما يعانيه الشعب من مرارة العيش , ومن اجل ايقاف التدهور السياسي الخطير , وارسال رسالة واضحة تدق جرس الانذار باصلاح الوضع المرير والمأساوي قبل فوات الاوان
جمعة عبدالله