الكويت : المواجهة بين الحكومة والمعارضة تجاوزت الخطوط الحمراء،
تقرير
تصاعد الأزمة بل تجاوزت الخطوط الحمراء
قال محللون الاثنين ان المواجهة بين الحكومة والمعارضة في الكويت تخطت العديد من الخطوط الحمراء وان الحلول الوسط تبدو غائبة حاليا مع تصاعد الاحتجاجات على تعديل نظام الدوائر الانتخابية قبيل الانتخابات المقررة الشهر القادم.
واستخدمت الشرطة الكويتية الغاز المسيل للدموع لتفريق مظاهرة شارك فيها الالاف مساء امس بعدما اصرت المعارضة على المضي قدما في المظاهرة في تصعيد جديد للازمة المستمرة منذ شهور.
واحتدمت المواجهة بعد اصدار الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت في 19 أكتوبر تشرين الأول الماضي مرسوما بتعديل نظام الدوائر الانتخابية وهو ما اعتبرته المعارضة “انقلابا على الدستور”.
واعتبر أمير الكويت في حينها خطوة تعديل النظام الانتخابي ضرورية لأن نتائج النظام الحالي “باتت تشكل خطرا جسيما على وحدتنا الوطنية وتهدد أمننا الوطني وتخل بثوابتنا وقيمنا”.
ورفضت المعارضة هذه الخطوة وردت في اليوم التالي بدعوة الشعب الكويتي لمقاطعة الانتخابات المرتقبة في أول ديسمبر كانون الأول المقبل وتنظيم احتجاجات سلمية حتى يتم اسقاط هذا المرسوم لكن السلطة أكدت في أكثر من مرة أنها ستعتبر هذه الاحتجاجات والمسيرات “غير قانونية” طالما لم تحصل على ترخيص من وزارة الداخلية.
وتقول المعارضة إن السلطة تهدف من وراء تعديل النظام الانتخابي لتفادي سيناريو الانتخابات التي جرت في فبراير شباط 2012 والتي جاءت بأغلبية معارضة في البرلمان قبل أن تصدر المحكمة الدستورية حكما بحل البرلمان وإعادة برلمان 2009 الموالي للسلطة مرة أخرى لأسباب وصفها المراقبون بالإجرائية.
وتعد مظاهرة أمس هي الثانية من نوعها بعد أن نجحت المعارضة في تنظيم مسيرات كبيرة في 21 من أكتوبر تشرين الأول الماضي وصفت بأنها لم يسبق لها مثيل في الكويت واعتبرها محللون اشارة على خروج المارد من القمقم.
وسقط خلال تلك الاحتجاجات عشرات المصابين واعتقل العشرات الى أن افرج عنهم قبيل عيد الأضحى.
ولم يعلن حتى اللحظة بشكل رسمي عن أية اصابات في صفوف المتظاهرين أمس أو صفوف رجال الأمن كما لم تعلن وزارة الداخلية عن أية اعتقالات وان كانت بعض تقارير المعارضة غير المؤكدة تشير إلى وجود معتقلين لم يتم تحديد أعدادهم.
وقال سياسيون ومحللون إن فرص الحلول الوسط تكاد تكون معدومة في اللحظة الحالية في ظل غياب الحوار بين السلطة التي تصر على إكمال الشوط لآخره وعقد الانتخابات البرلمانية طبقا للنظام الجديد الذي اعتمدته بينما تصر المعارضة على ضرورة إلغاء المرسوم والعودة للانتخاب بالطريقة القديمة معتبرة أن أي تعديل في النظام الانتخابي لابد أن يصدر من البرلمان وليس من خلال مرسوم أميري.
وقال أحمد الديين المنسق العام للجبهة الوطنية لحماية الدستور المعارضة إن الأمر تجاوز الآن مطلب تعديل المرسوم الأميري ووصل إلى تعديل النظام السياسي بأكمله.
واضاف “المعركة متصاعدة..القضية لم تعد هي الصوت الواحد.. السلطة تحاول أن تفرض واقعا والناس سوف تخلق واقعا جديدا”.
وقال إن “الناس تريد تطورا ديمقراطيا حقيقيا (وتريد) سلطة برلمانية.. (بينما) السلطة تريد الانفراد والحكم الفردي.. رؤيتان مختلفتان ولم يعد هناك مجال للتسويات”.
واضاف “نحن نركز حاليا على مقاطعة الانتخابات.. ونتوقع أن تكون المشاركة هزيلة.. نكاد نجزم (بذلك).. المجلس القادم سيفقد شرعيته السياسية”.
واختتم الديين بالقول “المعارضة تريد نظاما برلمانيا ديمقراطيا كاملا والسلطة تريد نظاما مشيخيا كاملا.. هذه هي الأزمة”.
ووصف بيان مجلس الوزراء اليوم خطوات المعارضة بأنها تجمعات ومسيرات مخالفة للقانون منتقدا ما شاب هذه التحركات “من مظاهر الشغب والفوضى وتعطيل مصالح المواطنين والمقيمين”.
وثمن مجلس الوزراء “ما قام به رجال الأمن من إجراءات تستهدف تطبيق القانون وحفظ الأمن وسلامة المواطنين وكذلك ما قام به منسوبو الجيش والحرس الوطني في أداء الدور المناط بهم”.
وقال الأكاديمي والنائب السابق المعارض فيصل المسلم إن السلطة مصرة على استخدام القوة الأمنية “والحل الأمني دمار للبلد ولن يحل المشكلة.. المشكلة لن تحل إلا بالخيار السياسي.. الشعب يريد أن يوصل صوته”.
وتسعى المعارضة لاستثمار حلول الذكرى الخمسين لاقرار الدستور الكويتي الأحد المقبل وتعتزم تنظيم احتفالات ومسيرات مضادة لاحتفالات الحكومة وذلك في نفس يوم ذكرى صدور الدستور.
وقالت حكومة الكويت السبت الماضي إنها لن تتهاون مع اي مظاهرات تخرج بدون تصريح وحذر رئيس الوزراء الشيخ جابر مبارك الحمد الصباح من أن الشرطة قد تستخدم القوة إذا استشعرت السلطات أن البلاد معرضة لخطر كبير.
وقال المسلم إن وزارة الداخلية ترفض منح مظاهرات المعارضة الترخيص اللازم مدللا على ذلك برفض وزير الداخلية الترخيص لمظاهرة أمس رغم تقديم طلب قبل موعدها بيومين.
وقالت صحيفة الوطن الكويتية إن طارق العيسى رئيس جمعية احياء التراث الإسلامي نقل تأكيد أمير الكويت عقب لقائه أمس أن تغيير قانون الانتخابات لا رجعة فيه. واضاف ان الأمير قال لزائريه أن بإمكان من أراد الاعتراض على القانون اللجوء للمحكمة الدستورية أو غيرها من الطرق والوسائل القانونية التي كفلها الدستور.
وقال شفيق الغبرا استاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت ان البلاد في ازمة سياسية وليس من الواضح كيف ستخرج الكويت منها.
وقال كريستيان أولريشسون الباحث في شؤون الخليج العربي في كلية لندن للاقتصاد إن أحداث الأسبوعبن الأخيرين “تخطت الكثير من الخطوط الحمراء”.
وتوقع أولريشسون ألا تنجح المحاولات المختلفة للسلطة لمنع المظاهرات مستشهدا بتجارب عربية عديدة شكلت فيها هذه المحاولات وقودا جديدا للمظاهرات.
وقال إن “المارد خرج الآن من القمقم في الكويت”.