البشمركة تهزأ من المالكي ـ والخلافات تصل للمقاهي والملاعب ــ وجدل حول صفقة أميركية بسبب “جهاز أسرائيلي”
مطالبات بإلغاء صفقة طائرات أميركية بسبب جهاز تسجيل إسرائيلي الصنع
طالبت «لجنة الأمن والدفاع» البرلمانية العراقية بإلغاء عقد شراء طائرات «إف – 16» الأميركية في حال رفض الجانب الأميركي استبدال جهاز تسجيل المعلومات الإسرائيلي الصنع الموجود فيها، فيما استبعدت لجنة العلاقات الخارجية إلغاء الصفقة ما لم يشرع قانون خاص بها.
وقال نائب رئيس اللجنة إسكندر وتوت:
إن «اللجنة في شكل خاص والبرلمان في شكل عام، يرفضان وجود هذا الجهاز الإسرائيلي في طائرات «إف – 16»، وفي حال بقائه سنسعى إلى إلغاء عقد شراء الطائرات الأميركية واستبدالها بطائرات من مصادر أخرى».
وأضاف أن «اللجنة ستستجوب المسؤولين عن إبرام الصفقة لمعرفة أسباب وجود جهاز تسجيل المعلومات الإسرائيلي الصنع في الطائرات التي سيستوردها العراق».
وكان ضباط في القوة الجوية العراقية كشفوا عن وجود جهاز تسجيل للمعلومات إسرائيلي الصنع في الطائرات من طراز «إف – 16» المصنعة من قبل شركة «لوكهيد مارتن» والتي تعاقد العراق على شرائها.
وأكدت عضو لجنة العلاقات الخارجية النائب أسماء الموسوي في تصريح إلى «الحياة» أنه «من غير الممكن إلغاء صفقة الطائرات الأميركية المستوردة لمصلحة العراق نزولاً عند مطالب شخصية».
وأوضحت أن «اكتشاف جهاز التسجيل ضمن تركيبة الطائرات الأميركية المتفق عليها أمر جيد يحسب لمصلحة القوة الجوية العراقية لكونها اكتشفت الأمر بمجرد استطلاع كشفي لإمكانات تلك الطائرة في حين عجز عن ذلك طيارو دول المنطقة التي تستورد تلك الطائرات وبالمواصفات نفسها منذ سنوات».
وزادت «باستطاعة العراق رفع تلك الأجهزة التسجيلية من الطائرات ولا دخل لجهة في ذلك، وما يشاع من ضغوط أميركية لمنع إزالة أجهزة التسجيل غير صحيح، باعتبار أن عقود صفقة الطائرات تختص بتجهيز البلاد بالطائرات فقط ولا علاقة لها بكيفية استخدامها أو التعديلات الممكن إدخالها على التركيب الفني والميكانيكي لها».
وأكد مصدر في ائتلاف دولة القانون :
أن «الترويج لمسألة أجهزة التسجيل في الطائرات الأميركية أمز سياسي أكثر منه فني أو تقني». وتابع أن «أميركا لم تفرض على العراق أي اشتراطات خلال إبرام صفقة الطائرات، وبالتالي لا يمكن إطلاق الاتهامات جزافاً».
وأصاف المصدر أن «المسؤولين في القوة الجوية العراقية شكلوا لجنة فنية لتحديد حجم الضرر الذي يسببه هذا الجهاز إلى جانب إيحاد آلية فنية محكمة تسمح برفع جهاز التسجيل من دون الإضرار بـــــخريطة تشكيل الطائرة وعملها فضلاً عن تزويدها بأجهزة أخرى تمنع التجسس».
وزاد أن «القائد الــــعام للقوات المســــلحة (رئيس الوزراء نوري المالكي) منح الفرق الهندسية والفنية التي تتابع موضوع الطـــائرات الأميركية صلاحيات واســــعة شرط الرجوع إليه قبل تنفيذ أي اقـــــتراح لتــــصحيح عمل الطائرات وتقويمه».
يذكــــر أن العــــراق أبرم العـــام الماضي صفقتي طائرات مقــــــاتلة من طــــراز «إف – 16» المـــــتطور، تتضمن شراء 36 طائرة تــــصل أولى دفــــعة منها في آذار (مارس) المقـــــبل، وأرسل مجموعة من طياريه للـــــتدرب عليــــها في الولايات المتحدة.
ومنذ إبـــــرام الصفقة لم يتــــــوقف الجدل العراقي حولها، حـيث اتهم مقـــــربون من الــــحكومة واشنطن بعــــرقلة تـــــوريد صــــــفقة الطائرات، فيما أعرب رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني عن مخاوفه من استـــــخدام الطائرات لقمع الشعب العراقي وطـــــالب بوقف الصفقة.
البشمركة تهزأ من المالكي: فلن نكون تحت أمرته
وصف مسؤول رفيع في وزارة البيشمركة في كردستان العراق مطالب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بإخضاع قوات البيشمركة إلى الحكومة الفيديرالية بـ «الوهم»، وتعهد برد رسمي خلال الأسبوع المقبل على الاتهامات التي وجهها المالكي، فيما اتهم نائب كردي رئيس الوزراء بالتصعيد لعرقلة المفاوضات الجارية بين بغداد وأربيل.
وأعلن المالكي في مقابلة مع فضائية «السومرية» مساء الاثنين عن استعداده للإفراج عن التمويل لقوات البيشمركة في حال خضوعها إلى السلطات الاتحادية، لأن الدستور يمنع تمويل البيشمركة التي هي من اختصاص الإقليم، متهماً الأخير بـ «مخالفة الدستور من خلال السيطرة على سلاح الجيش العراقي السابق من دبابات ومدفعية وراجمات، في حين أن الفيديراليات الأخرى تتسلح بالسلاح الخفيف»، وكشف عن امتلاكه «أدلة معززة بالأرقام ونسخ تعود للأشخاص الذين يتعاقدون ويشترون أسلحة في الإقليم».
كما اعتبر المالكي الاعتراضات على تشكيل عمليات دجلة بأنها «تخالف الدستور، لأن الجيش الاتحادي من حقه التواجد في البصرة أو زاخو ولا يحق لأحد بمنعه دستورياً، وهناك نوايا تحت الستار وعدم الرغبة بأن يكون للسلطة الاتحادية سيطرة أو وجود»، وأكد أن الجيش «هو الأولى من القوات التركية بالتواجد في كردستان»، متسائلاً عن «أسباب السكوت على بقاء القوات التركية في قاعدتين بالعمادية وبامرني منذ عام 1995 وحتى الآن، وهي مزودة بالدبابات والمدرعات والطائرات، فيما القوافل تخرج وتدخل من دون أن يتحدث عنها أحد». وحذر البيشمركة من «ارتكاب خطأ في حال التعرض إلى الجيش العراقي».
في المقابل قال الناطق باسم وزارة البيشمركة الفريق جبار ياور إن الوزارة «ستعقد الأسبوع المقبل مؤتمراً صحافيا لتقديم ايضاحات حول التصريحات التي صدرت أخيراً عن المالكي».
وقال وكيل الوزارة اللواء أنور حاجي عثمان لوكالة «ناوخو» للأنباء التابعة لوزارة الداخلية في الإقليم إن «المطالبة بالخضوع لسيطرة الجيش العراقي وهم وضرب من الخيال».
وكانت الحكومة العراقية رفضت إدخال موازنة البيشمركة ضمن الموازنة الاتحادية لعام 2013 باعتبارها خارج منظومة الدفاع العراقية، وذلك على رغم المفاوضات التي أجراها وفدان كرديان، حزبي وحكومي، مع حكومة المالكي الشهر الماضي.
إلى ذلك، قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي عن «التحالف الكردستاني» شوان محمد طه :
إن «مرحلة التفاوض تحتاج إلى الحكمة وتجنب التصعيد، وللأسف فإن تصريحات المالكي تعتبر تصعيدية بغية عرقلة المفاوضات». وأضاف: «أما بخصوص انتشار الجيش العراقي فإنه أمر طبيعي، شريطة أن يكون ولاء الجيش للوطن، وليس لشخص أو لفئة معينة، ولدينا ملاحظات على عقلية إدارة المنظومة الدفاعية، في ظل فقدان التوازن داخل الجيش وإقحامه في الخلافات السياسية».
وفي شأن الوجود العسكري التركي في الإقليم ذكر طه أن «هذا الوجود موروث وفق اتفاق بين أنقرة والنظام السابق، ولكن ما يحيرنا هو لماذا يطرحون القضية الآن ولم يطرحوها على المسؤولين الأتراك عندما كانوا يأتون إلى بغداد»، مشيراً إلى أن قوات البيشمركة «تملك أسلحة قديمة، والحكومة العراقية تتهرب من مسؤولية تسليح هذه القوات التي لها الحق بذلك وفقاً لمادة دستورية، ونحن نسعى لضم البيشمركة إلى المنظومة الدفاعية من حيث التسليح والتأهيل والإدارة، ولكن أن تكون خاضعة لأوامر القائد العام للقوات المسلحة، مع رئاسة الإقليم».
إلى ذلك أكد زعيم حركة «التغيير» الكردية المعارضة نوشيروان مصطفى أن زيارته إلى محافظة كركوك أمس هدفها دعم قرارات الحكومة المحلية، داعيا إلى إبعاد الجيش عن النزاعات السياسية.
وأوضح مصطفى في مؤتمر صحافي أن حركته تدعم محافظة كركوك وإدارتها ومكوناتها عبر ممثليها في البرلمان العراقي وبرلمان إقليم كردستان.
من جهته جدد محافظ كركوك نجم الدين عمر رفضه «تشكيل عمليات دجلة» في كركوك، على خلفية اتهام رئيس الوزراء نوري المالكي له باختراق الدستور.
وكانت الإدارة المحلية أعلنت رفضها التعاون مع «قيادة عمليات دجلة» اثر قرار رئيس الحكومة بتوليها الملف الأمني في محافظات كركوك وديالى وصلاح الدين، كما هددت وزارة البيشمركة بمواجهتها في حال دخولها إقليم كردستان.
وتشهد كركوك خلافات سياسية وعرقية على خلفية مطالبة الأكراد بتنفيذ المادة 140 من الدستور والتي يقضي بتعويض العرب المستقدمين منذ ثمانينات القرن الماضي ماديا وإعادة الأكراد المرحلين بعد تعويضهم مادياً أيضاً، وإجراء استفتاء حول مستقبل إلحاقها بإقليم كردستان
مناوشات كردية – عربية في المقاهي وساحات كرة القدم
بعدما أخذت الخلافات العاصفة بين حكومة العراق المركزية والإدارة في المنطقة الكردية شمال البلاد، تتعمق شيئا فشيئا رغم المساعي الحثيثة التي يبذلها رئيس الجمهورية جلال طالباني (كردي) لإصلاح ذات البين، بات التوتر المتفاقم خارجا عن حدود الطبقة السياسية لتصل فصوله إلى القاعدة الشعبية وهو ما يهدد مستقبل العلاقة «التاريخية» بين الطرفين. فالأكراد يتصرفون أكبر من حجمهم من وجهة نظر بعض المحللين والمتابعين وعندما يصرون على وضع بغداد في ظهرهم وهم يتحالفون مع الدول ومع الأحزاب الخارجية وحتى مع جهات محظورة وكأنهم دولة مستقلة
إذ بدأت الخلافات «الزعاماتية» التي تخللتها مناوشات أتهامية وحروب كلامية سبق وأن تبادلتها السن كبار القوم، تُلقي بآثارها السلبية اخيرا على الفعاليات المجتمعية لكلا الجانبين وهو ما كان يُخشى وقوعه في ظل أرث خلافي متجذّر بين الأكراد وحكومات الدولة العراقية المتعاقبة.
وخيّر دليل على انسحاب الخلافات إلى القواعد الجماهيرية، هي اللافتة التي رفعها مشجعوا نادي اربيل خلال مباراة لكرة القدم أقيمت اخيرا، وحملت عبارة «انفصالية» كُتبت باللغتين العربية والكردية تقول إن «اربيل مدينة كردستانية وليس عراقية»، وهو ما استهجنه عراقيون يعيشون خارج حدود المحافظات الكردية الثلاث (اربيل، السليمانية، دهوك).
التوتّر بين عرب العراق وأكراده على خلفية هذه الحادثة، يمكن ملاحظته جليا في التغريدات والتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك في الأحاديث المتشنجة التي دارت رحاها بين شبان ينتمون للقوميتين يعيشون في العاصمة بغداد.
إذ زخرّت المواقع الافتراضية خلال اليومين الماضيين، بعشرات التعليقات ذات اللهجة الحادة حيال هذا الموضوع تحديدا، تبادلها رواد الانترنت سيما بعدما نشر احد الفيسبوكيين البغداديين المعارضين للتوجهات الكردية قصيدة شعر شعبي تضمنت لوّم وانتقاد قاسي ضد دعاة «الانفصال» ويغمز فيها قائلها من قناة بارزاني الذي لطالما هدد بالانفصال عن العراق.
وما أن نُشرت القصيدة القصيرة على إحدى الصفحات الشخصية في «الفيسبوك» حتى توالى الإعجاب والإشادة بهذا المقطع الشعري، لتقابلها تعليقات متشنجة من قبل بعض المدافعين عن التجربة الكردية في العراق.
أحد المعلقين الذي يدّل اسمه على انه من القومية الكردية، ذّكر بسياسات «التعريب» التي انتهجها نظام صدام حسين في المناطق التي «المتنازع عليها» بين حكومة بغداد المركزية والإدارة الكردية، ليرد عليه فيسبوكي أخر بما وصفها «سياسات التكريد» التي قال إن الأكراد انتهجوها بعد العام 2003 في تلك المناطق وتحديدا كركوك الغنية بالنفط بهدف تغيير التركيبة الديموغرافية للمدينة وغيرها من المناطق التي تثار عليها إشكاليات جغرافية، وهو ما يدعيه الأكراد أيضا.
وروى شهودحدوث مشاحنات كلامية حصلت بين شابين احدهما كردي والآخر ينحدر من محافظة جنوبية نتيجة لـ «واقعّة اللافتة» داخل إحدى المقاهي الشعبية في منطقة الشعب شرق بغداد، ما لبثت أن تطورت إلى حد المشاجرة بالأيدي وإطلاق شتائم متبادلة وأخرى طالت قيادات سياسية معروفة من بينها رئيس الوزراء نوري المالكي وغريمه مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان اللذين سبق وأن تصاعدت حدة الاتهامات «التخوينية» بينهما.
«العداوة المستجدة» بين الطرفين سبق أن طفت على السطح قبل أشهر من الآن، عندما استنكرت الأوساط الكردية السياسية والإعلامية وحتى الجماهيرية، تصريحات صدرت عن القيادي الشيعي الشيخ جلال الدين الصغير خطيب جامع براثا في بغداد والتي وصف فيها الأكراد بأنهم «مارقون عن الدين وأن الإمام المهدي المنتظر سوف يستأصلهم عند ظهوره».