تقريرميداني: أبو عبدو من مدرس إلى مهرّب للمعارضة السورية
كان أبو عبدو أستاذ مدرسة قبل أن يصبح مهرباً متعدد المواهب ووسيطاً قادراً على تدبير كل ما يلزم لإبقاء المعارضة السورية حية من خلال ممر حيوي غير شرعي عبر الحدود التركية . فعندما يحتاج المقاتلون إلى اتصال بالإنترنت أو هواتف لاسلكية أو عادية وسترات واقية من الرصاص أو أسلحة أو ذخائر فأبو عبدو رجلهم .
ربما لن يقوم بنفسه بشق طريقه وسط بساتين الزيتون في المنطقة الحدودية التي تعج بعمليات التهريب محاولاً تجنب الجنود الأتراك، لكنه يعرف الباعة الأتراك والمشترين السوريين، والزبائن ليسوا قلة على الإطلاق . وأكد أبو عبدو أنه دبر معدات اتصال لقيادة الجيش السوري الحر، كما أنه يؤمن الأسلحة والذخائر لقادة المعارضة المسلحة في محافظتي حلب وإدلب، ووفر بعض مدافئ على الحطب لسكان يسعون إلى توفير تكاليف التدفئة .
وقال أبو عبدو لفرانس برس في مقابلة على الحدود التركية السورية “الأمر رهن بالناس والطلب، فعندما يطلبون مني شيئاً أحاول توفيره، أحيانا يجري ذلك يومياً وأحياناً أخرى أسبوعيا”. وأضاف “الحيز الأكبر من عملي يقضي بوصل الناس بعضهم مع بعض، إذا احتاج أحدهم شيئاً في مكان ما فأنا أصله بالشخص القادر على تلبية رغبته”.
وبسبب الحواجز الطيارة للجيش السوري إلى جانب غاراته الجوية وقصفه، تصبح خطوط التموين التي يستخدمها المعارضون المسلحون خطرة جدا ولا يمكن توقع ما قد يجري عليها . كما أن العقوبات الدولية تعني أن الكثير من المواد لم تعد متوافرة، وحتى الغذاء والأدوية الأساسية باتت ترد من الخارج، لذلك باتت تركيا المنصة الرئيسية لكل تلك العمليات .
وقال أبو عبدو “إذا أرادت تركيا حراسة الحدود بصرامة فسيخسر الثوار في 10 أيام لأنها المورد الرئيسي لكل شيء”. وأضاف “كل ما نحتاجه للمخيمات كالهواتف والبطانيات والفرش والأغذية يأتي من تركيا، وبسبب العقوبات لا يمكن لأحد تحويل المال إلى مصرف سوري، لذلك نستعين بالأتراك لإدخال المال إلى سوريا”. وتابع “نقل الأغذية من تركيا سهل لأننا نتجنب حواجز الجيش والنظام”التي ستطرح مشكلة إن كانت السلع تأتي من أي مكان آخر في سوريا، “على سبيل المثال، إذا أحضرنا خياما للاجئين وأوقفنا على حاجز فسنتهم بإنشاء مخيم تدريب”.
وتجري عمليات التهريب في الصباح الباكر عند غياب الحراس الأتراك أو تبديل الحراسة . ويتقاضى المهربون الأتراك 5 دولارات عمولة على كل سلعة . لكن أبو عبدو يؤكد أنه لا يجني أي ربح لكن ما يدفعه إلى ذلك حلم تحويل سوريا إلى “بلد ديمقراطي يتمتع فيه الجميع بحقوق«، وهو يعارض بقوة أي احتمال لتفكيك البلاد، معتبرا أن الانفصال أو الفدرالية “هدر للدم وخسارة للتضحيات”.
وينطوي عمل هذا الرجل على كثير من المخاطر، ففي إحدى المرات كان ينتظر تسلم خمسة أجهزة للاتصال بالإنترنت عبر الأقمار الصناعية ثمن كل منها 1100 دولار عندما “ضبطنا الجنود الأتراك، كنت واقفا بانتظار الأجهزة، تحدثت إلى الضابط بنفسي فقال إما أن تغادروا الآن، أو أقوم بتوقيفكم لأنكم تهربون، بالتالي خسرنا الأجهزة”.
وفي مرة أخرى كان ينقل جريحاً من تركيا إلى بلدة تفتناز السورية عندما واجهه حاجز للجيش النظامي . وروى “استدرنا في اللحظة الأخيرة ولوحنا بتحية باليد من نافذة السيارة موحين بأننا أخطأنا الطريق، لا بد أنهم ظنوا أننا من أنصار النظام لأنهم لم يقدموا على توقيفنا”.
وسمع أبو عبدو بمعلومات عن شراء أسلحة تركية بأموال عربية يتم تهريبها عبر الحدود، لكنه يؤكد أنه لم ير أيا منها، ويقول إن معظم الأسلحة تهرب داخل سوريا، فعناصر المعارضة المسلحة تنقصهم الأسلحة لذلك يضطرون إلى البيع والشراء ضمن وحداتهم وفقا للمتطلبات المحلية .
وفي مناطق هادئة نسبياً على غرار مناطق في حماة فإن رشاشات الكلاشينكوف وقاذفات “آر .بي .جي«، والرشاشات الصغيرة، أقل ثمناً وأكثر توافراً، لكن الأسلحة الواردة من العراق هي الأقل ثمناً والأفضل نوعية، حسب قوله