تطورات خطيرة // ..حزب «العمال» يهدد الجيش العراقي… ووزيران كرديان يهددان بقتال الجيش العراقي!!
مع استمرار فصول الأزمة بين حكومة العراق الاتحادية في بغداد والإدارة الإقليمية شبه المستقلة في شمال البلاد، دخلت أطراف إقليمية وأخرى محلية على الخط الدائري المتصاعد لهذه الأزمة، بين مُحرّض على تصعيدها وآخر يدعو للتهدئة بين الفرقاء المتنازعين.
ابرز المواقف التصعيدية اتخذه حزب «العمال الكردستاني» المعارض لتركيا، إذ حذر من تعرض إقليم كردستان العراق بما فيها المناطق المتنازع عليها، لهجوم أو «اجتياح» من قبل قوات الجيش التابعة لحكومة بغداد، مؤكدا أنه سيرسل قواته للدفاع عن الإقليم الكردي إذا ما حصل ذلك.
وفي هذا السياق، قال الناطق باسم الحزب أحمد دنيس في تصريح صحافي أمس، «اننا حزب قومي وسندافع عن كردستان. سنرسل مقاتلينا للدفاع عن الإقليم إذا ما هجمت القوات العراقية على الإقليم»، داعيا الجانبين إلى الهدوء وحل المشاكل وفقا للدستور الوطني.
ويتمركز عناصر الميليشيا المسلحة التابعة لـ«العمال الكردستاني» في مناطق جبلية وعرة شمال العراق، كما تتمتع بعض قياداتها بالإقامة المريحة في محافظات إقليم كردستان الذي يوفر الغطاء السياسي والمالي لهذا الحزب الموصوم بالإرهاب، طبقا لمراقبين عراقيين.
موقف تصعيدي آخر اتخذه وزراء أكراد في حكومة بغداد المركزية في هذه الأزمة التي يسعى فيها البعض لتهدئة الأجواء المحتقنة وتطويقها، إذ أكد وزير التجارة خيرالله بابكر في حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي، وزميله الآخر وزير الصحة مجيد حمه أمين بأنهما «سيستقيلان وسينضمان الى خندق البيشمركة للقتال ضد قوات الجيش الحكومية».
وكشف الوزير بابكر في تصريح لوكالة أنباء محلية أمس، أنه اتفق مع زميله حمه أمين «على اتخاذ موقف خلال جلسة مجلس الوزراء التي عقدت اليوم (أمس) بخصوص قضية طوزخورماتو والمناوشات التي وقعت بين البيشمركة والجيش العراقي»، مؤكدا أن الوزراء الأكراد في حكومة المالكي اتفقوا على تقديم طلب للأخير في جلسة الأمس لكي يوقف تحريك القوات الحكومية نحو مناطق التماس.
وتابع الوزير الكردي: «لسنا طه ياسين رمضان وطه محيي الدين معروف (وزراء أكراد في عهد صدام حسين) كي لا يكون لنا موقف، بل سيكون لنا موقف ولن نقبل أن نبقى في بغداد فيما تقوم الحكومة بإرسال القوات والدبابات صوب الإقليم لمقاتلة البيشمركة».
وشدد على أنه يتمنى «أن تكون الأوضاع تحت السيطرة، لكنه أكد انه وفي حال اندلاع القتال بين البيشمركة والجيش العراقي، فسيقدم هو ووزير الصحة استقالتهما والالتحاق بأحد خنادق البيشمركة للوقوف بوجه الجيش العراقي، منوها إلى انهما وقبل أن يصبحا وزيرين كانا من مقاتلي بيشمركة كردستان».
أجواء الاحتقان بين المركز والإقليم، مستمرة في ظل تقارير وأنباء مؤكدة تفيد بان آلاف الجنود ومئات الدبابات والمدرعات تغادر بغداد باتجاه الشمال، وكذلك الحال تفعله سلطات كردستان التي أرسلت هي الأخرى تعزيزات عسكرية إلى مناطق النزاع من بينها قوات وأسلحة متوسطة.
في المقابل، دعت إيران الطرفين المتنازعين في العراق إلى «تعزيز الوحدة والانسجام الوطني في ظل الظروف الإقليمية الراهنة»، مشددة على أن «الفرقة لا تصب في مصلحة أي فئة عراقية».
ونقلت وكالة «مهر» الإيرانية عن رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني قوله لدى استقباله علي بابير، رئيس «الجماعة الإسلامية» في كردستان العراق، إن «بعض الدول بصدد إثارة الفوضى والأزمات السياسية والأمنية في العراق»، مشيرا إلى ان «صيانة وحدة الأراضي والتقدم وحل المشكلات الاقتصادية في العراق، إنما يمكن من خلال تعزيز الوحدة بين جميع الفئات والقوميات والمكونات العراقية».
وأضاف، ان «السياسة المبدئية للجمهورية الإسلامية تتجسد في دعم التنمية والاعمار في العراق وإرساء الاستقرار فيه وتعزيز وحدته الوطنية»، مؤكدا استمرار «دعم بلاده لجميع القوميات والفئات السياسية لتعزيز السيادة الوطنية ووحدة التراب العراقي وتحقيق التقدم في هذا البلد».
أما على صعيد التهدئة المحلية، فأكدت قوى سياسية عدة استعدادها للتوسط بين حكومة بغداد ونظيرتها الفيديرالية في المنطقة الكردية لحل المشاكل العالقة وإنهاء التوتر السياسي والعسكري الناشب بينهما على خلفية تلك المشاكل العالقة.
وكعادته المجلس الأعلى يلعب على الحبال
وأكد «المجلس الأعلى الإسلامي» في العراق بزعامة عمار الحكيم، ضرورة «لجم التصريحات المتشنجة والتصعيدية التي تصدر عن هذا الطرف أو ذاك، بهدف تبريد الأجواء الساخنة بين الفريقين المتنازعين».
وقال الحكيم «من المؤسف أن نرى مواجهة بين قوات عراقية احداها تتجلبب بجلباب وطني وأخرى بجلباب مناطقي بعيدا عن منطق الحوار والتشاور والتحابب في الوقت الذي لا يجب السماح فيه بانفلات الأمور»، مؤكدا ان «إشهار الشركاء للسلاح بوجه بعضهم الآخر ينبئ بوجود ثغرة في النظام».
حكومة المالكي تقرر إشراك الأكراد بإدارة الملف الأمني في المناطق المتنازع عليها
حاول مجلس الوزراء العراقي أمس الخروج من الأزمة بينه وبين إقليم كردستان بإشراك قوات كردية في ادارة الملف الامني في المناطق المتنازع عليها. وتزامن القرار مع تصعيد على الارض تمثل بتحريك القوات الكردية باتجاه محافظة كركوك، فيما وصلت امدادات جديدة إلى الجيش. وعقدت الحكومة امس اجتماعاً قرر الوزراء الاكراد خلاله البحث في مسألة قيادة عمليات دجلة وتحركاتها الأخيرة.
وقرر المجلس ان تكون ادارة الملف الامني في المناطق المتنازع عليها مشتركة بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان.كما قرر رئيس الوزراء نوري المالكي ارسال هذا الاقتراح الى الإقليم مع نائبه روز نوري شاويس للتباحث في شأنه مع القادة الأكراد، على ما أفادت معلومات اوردها الموقع الرسمي لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني.
في هذه الاثناء، أعلن مكتب التنسيق الإعلامي لقيادة عمليات دجلة، أن 35 آلية تابعة للشرطة الاتحادية تحركت باتجاه محافظة كركوك بقيادة العقيد الركن فارس الحميري. وشهدت كركوك ايضاً تحرك قوات «البيشمركة» الكردية، وعزا وزير «البيشمركة» في حكومة كردستان الأمر الى تهديد المالكي. كما هدد حزب العمال الكردستاني المعارض لتركيا، بمواجهة القوات المركزية في حال أندلع القتال بين الجانبين.
لكن الناطق باسم الحزب مسؤول العلاقات الخارجية أحمد دنيز استبعد أن «تصل الأمور إلى الاشتباك، لأن ذلك ليس في صالح أي من الطرفين، وحزبنا هو حزب وطني ولا يعادي أياً من الشعوب، سواء العرب او التركمان او الفرس». واضاف ان «الشعب الكردي شعب مسالم، ، ويتمنى أن يعيش في اطار الاخوة، ومن حقه الطبيعي المطالبة بحقوقه، وما حصل في العراق أمر خطير، ونرى الحل عبر الحوار، والعنف ليس من مصلحة أحد، وعلى كل الدول أن تكف عن معاداتنا».
وجاء في بيان لمكتب «الاتحاد الوطني الكردستاني» امس ان «وزير البيشمركة شيخ جعفر شيخ مصطفى بحث مع مسؤول مكتب التنسيق الأمني للجيش الأميركي في العراق الجنرال كاسلن، في الأوضاع في قضاء طوزخورماتو ومحافظة كركوك، حيث أعلن أن تحركات قوات البيشمركة هي نتيجة لتهديد المالكي وقياداته العسكرية وتحركاتها في المنطقة».
ودعا الجنرال كاسلن إلى «عدم اللجوء الى الحل العسكري ومحاولة حل المشكلات عن طريق الحوار»، مؤكداً «تأييد واشنطن للحوار طريقاً لحل المشاكل». وكان المالكي حذر قوات حرس إقليم كردستان من تغيير مواقعها أو الاقتراب من القوات المسلحة.
وقال القيادي في «التحالف الكردستاني» حسن جهاد
ان «ما تقوم به عمليات دجلة من تحركات هدفها استفزاز اقليم كردستان ولا نجد لها مبرراً اخر»، مشيرا الى ان «رئيس الجمهورية جلال طالباني ورئيس الاقليم مسعود بارزاني عقدا اليوم (امس) اجتماعا خاصا لتدراس الازمة والخروج بموقف موحد». واضاف:»نأمل في ان لا تكون هناك استفزارات جديدة وان يصار الى حل المشكلات عن طريق الحوار لكن وعلى ما يبدو ان بعض الاطراف يسعى الى التصعيد المستمر». .
قادة عراقيون يحذرون من مخاطر استمرار النزاع بين بغداد وأربيل
أفادت مصادر عسكرية وأمنية عراقية، أمس الثلاثاء، أن الحكومة العراقية نشرت قوات عسكرية إضافية في مدينة طوزخرماتو المتنازع عليها حيث يطالب الأكراد بضمها إلى مدينة كركوك، وحذّر قادة عراقيون وقوى سياسية من مخاطر استمرار الأزمة بين بغداد وأربيل، والتهديد باستخدام السلاح .
وقالت مصادر مطلعة إن “قوات من الجيش العراقي مجهزة ب35 دبابة وآليات مدرعة وصلت إلى مدينة طوزخرماتو، واستقرت قوات أخرى في منطقة العظيم جنوبي المدينة، فيما تحركت قطع أخرى باتجاه طريق الطوز – كركوك .
وقال العميد شركو فاتح آمر لواء في قوات البيشمركة الكردية في كركوك: “لقد وردتنا معلومات أن قوات الجيش والشرطة الاتحادية وضعت في حالة الإنذار القصوى وأن قوات قوامها فوجان آليان وصلا أطراف مدينة الطوز جنوبي كركوك” . وأضاف أن “وجود قوات من البيشمركة في أطراف مدينة الطوز لا يعني الاستعداد لمواجهة قوات عمليات دجلة العسكرية، بل تعزيز أمن المدينة”، وأن “جميع الأهالي يرفضون التصعيد ولا توجد خطة لدى وزارة البيشمركة لمواجهة عمليات دجلة حتى الآن رغم أن قوات البيشمركة وضعت في حالة تأهب تحسباً لمواجهة محتملة” .
وحذّر مكتب رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي من تعرض العراق إلى “اختلالات خطرة” في ظل استمرار الأزمة السياسية، معتبراً أن المسؤولية الوطنية تحتم على جميع الشركاء أن ينأوا بأنفسهم عن الاختلافات . وقال في بيان: إن الأيام والأسابيع الماضية شهدت طفو أزمات جديدة، حيث عادت بعض الخطابات السياسية إلى نبرات مربع التطاحن الأول . لافتاً إلى أن تلك النبرات أصبحت مظاهر تهاتر إعلامي مأزوم يشي للراصد بأزمات عميقة باطنة وعسكرة للشارع العراقي واستنفار للقوة المسلحة لاسيما بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان . وشدد البيان على أن تهويل هذه الأمور وتحويلها من اختلافات فنية أو أدائية أو التباسات في فهم النوايا إلى أزمات تستنهض خطاباً إعلامياً يبدو عدائياً وتستدعي خنادق متقابلة، خطأ استراتيجي تمنى من جميع الشركاء عدم الوقوع به والعمل الجاد من الجميع لتفاديه . وحذّر من أن استمرار هذا النهج في التعاطي بين جميع الشركاء يعرض الوطن والعملية السياسية إلى اختلالات بنيوية خطرة في ظل دوامة الأزمات الإقليمية .
ورأى زعيم الكتلة العراقية إياد علاوي أن الأزمة القائمة في طوزخورماتو أمر مؤسف، وبالتأكيد أنه لن يؤدي إلى صراع عسكري لاعتبارات مهمة منها اعتبارات إقليمية ومنها دولية . وقال علاوي إن ما يحصل ما هو إلا هروب من الأزمات الخانقة التي تعصف بالعراق، ومحاولة ترحيلها على قضايا تتعلق بوضع إقليم كردستان وعلاقته بالمركز، وبالتالي تحويل الأنظار إلى قضية عربية كردية، وهذا يجب ألا يحصل في بلد مثل العراق خرج من تجربة دكتاتورية بغيضة ويفترض أن يضع الأسس لديمقراطية ناجزة يكون فيها كل العراقيين شركاء في بلد واحد، وضمنهم ومنهم الكرد .