المحكمة الدولية: نحو التمديد للعام 2018
نشرت المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وآخرين، أول من أمس، النسخة العلنية لمذكرة المدعي العام نورمان فاريل الى قاضي الاجراءات التمهيدية دنيال فرانسين بشأن الشهود الذين سيستند الى اقوالهم والـ«أدلة» الجنائية التي سيعتمدها لادانة المتهمين الأربعة.
ادّعى فاريل في نصّ المذكرة ان في حوزته 13170 دليلاً «تثبت» ضلوع الرجال الأربعة المنتسبين الى حزب الله سليم عياش، ومصطفى بدرالدين، وحسين عنيسي وحسن صبرا في جرائم التمهيد والتآمر لتنفيذ عملية اغتيال رئيس الحكومة الاسبق في 14 شباط 2005.
وبدا بثّ المكتب الاعلامي لهذا الخبر وكأنه تأكيد على ان ادانة الرجال الأربعة قد حُسمت بفضل كمية الـ«أدلة» التي جمعها المحققون الدوليون. ولم يكلّف المكتب الاعلامي نفسه التوضيح بأن عرض الـ «أدلة» أمام المحكمة يفترض أن يخضع لتدقيق القضاة في نوعيتها وكيفية جمعها وعلاقتها بالمتهمين، وان للدفاع حقّ التشكيك في صحّة الادلة وبقيمتها الثبوتية. وبالتالي فإن تعميم خبر يشير الى 13170 دليلاً تثبت ضلوع اشخاص في الجريمة يخالف مبادئ العدالة لأنه يتخطى مسارها المؤسساتي ويشوّه الحقيقة. وتعمل الأجهزة الاعلامية وأجهزة التواصل من مقر المحكمة في لاهاي ومن مكاتبها في بيروت على بثّ أخبار غير دقيقة عن عمل المحكمة من خلال نشاطات في الجامعات وفي نقابات المحامين، ما يحوّلها الى ما يشبه جهازاً يدعم فئة من اللبنانيين (قوى 14 آذار) ويساهم في تحريضها ضدّ فئة أخرى لا تقلّ وزناً على المستوى التمثيلي والشعبي في لبنان (حزب الله).
ثلاث سنوات اضافية
أشارت مذكرة نورمان فاريل الى أن المدة التي سيستغرقها الادعاء لعرض قضيته وأدلته قد تصل إلى 457.5 ساعة. قبل استكمال أبرز ما ورد في المذكرة التي تتألف من 58 صفحة، لا بد من عملية حسابية لتوقع المدة الزمنية التي ستسبق صدور الحكم. فاذا افترضنا ان المحكمة ستخصّص ثلاث ساعات للادعاء مقابل ثلاث ساعات للدفاع ولوكلاء الضحايا خلال كلّ جلسة من جلسات المحاكمة ستستغرق 152 جلسة حدّاً أدنى لتقديم الفرقاء مرافعاتهم. وبالتالي، يفترض تخصيص عامين كحدّ أدنى لاستكمال عرض القضية من دون احتساب المدة الزمنية التي سيستغرقها القضاة لاستجواب الشهود ومن دون احتساب عرض الدفاع لمعلومات جديدة تدحض الاتهامات ومن دون احتساب صدور قرارات اتهامية جديدة في قضية الحريري وفي القضايا الاخرى المرتبطة. لكن صلاحية المحكمة الدولية تقتصر على ثلاث سنوات مرّ منها، بعد التمديد الاول في آذار الفائت، نحو ثمانية أشهر وبالتالي يرجّح ان تطلب المحكمة التمديد لها في نهاية عام 2014 لثلاث سنوات اضافية.
شهود وأدلة؟
تضمّنت مذكرة المدعي العام الدولي نبذة عن الـ«أدلة» التي يعتزم تقديمها بشأن ارتكاب الجريمة ونوع المسؤولية الجنائية التي يتحملها كل من المتهمين الاربعة الذين وردت اسماؤهم في القرار الاتهامي الذي كان قد صدر في حزيران 2011، حيث ادعى فاريل ان «بدر الدين رصد، ونسق بالاشتراك مع عياش جميع التحضيرات لتنفيذ الهجوم الإرهابي بما في ذلك رصد أماكن اقامة الحريري، البرلمان وساحة الجريمة، من بين أماكن أخرى، ومراقبة تحركات الحريري وشراء سيارة الفان الميتسوبيشي التي استخدمت لتنفيذ الهجوم». وادعى كذلك ان «عنيسي وصبرا شاركا في اختيار أبو عدس لاستخدامه في تزوير الادعاء بالمسؤولية عن الهجوم. كما شارك عنيسي في عملية إخفاء أبو عدس. وبعد تنفيذ الهجوم، شارك عنيسي وصبرا في بيانات تزعم زوراً مسؤولية الاعتداء، وضمان تسليم الشريط والرسالة التي تتضمن الاعتراف بالمسؤولية زوراً إلى قناة الجزيرة وأن تقوم الجزيرة بنشر الشريط». وأشارت المذكرة الى أسماء وهمية يزعم فاريل ان المتهمين الاربعة استخدموها. وذكرت كذلك معلومات لا يبدو أنها مرتبطة بالجريمة أو بالتحضير لارتكابها مثل امتلاك بدرالدين محل مجوهرات معروفاً باسم سامينو، إلى جانب مركب يحمل الاسم نفسه وشقة في منطقة ساحل علما في جونيه.
وشدّدت المذكرة على ان اغتيال الحريري كان تتويجاً لتحضيرات مكثفة قامت بها مجموعة من الأشخاص تملك مهارات تقنية وخبرات. وزعم المدعي العام انه خلال فترة نحو 50 يوماً قام المتهمون بعمليات مراقبة لكل الأماكن المرتبطة بالحريري. وحدّد بأن هذه العمليات بدأت في 20 تشرين الأول 2004 واستمرت حتى يوم تنفيذ الهجوم في 14 شباط 2005.
وحدد فاريل 11 كانون الثاني 2005، موعداً لزيارة عياش منطقة البداوي حيث معرض السيارات الذي تم شراء شاحنة الميتسوبيشي منه في 25 كانون الثاني 2005 بمبلغ 11250 دولاراً أميركياً دفعت نقداً.
تمكن مكتب المدعي العام، على ما يبدو، من تجنيد عدد كبير من الاشخاص الذين سيدّعون أنهم شهود وأن لديهم معلومات دقيقة بشأن المتهمين الاربعة. هؤلاء «الشهود» يستفيدون من برناج خاص لحمايتهم يتضمن اقامتهم في بلد اوروبي وتقاضي رواتب شهرية وتسهيلات أخرى تبدو اغراءات للعديد من اللبنانيين.