تقرير واشنطن// ..«كله في الداخل» يكشف علاقات بترايوس الجنسية في «الخارج»
في واحدة من اكثر القصص الاميركية اثارة وتشويقا، تتسابق وسائل الاعلام الاميركية على نشر فصول استقالة احد ابرز جنرالات الولايات المتحدة، «بطل» حرب العراق، ومدير «وكالة الاستخبارات المركزية» (سي آي ايه) دايفيد بترايوس، بعدما اكتشف «مكتب التحقيقات الفيديرالي» (اف بي آي) اقامته علاقة عاطفية مع مؤلفة سيرته الذاتية بولا برودويل، وسط كم هائل من المعلومات، بعضها متضارب، وبعضها منسوب الى مصادر غير موثوقة.
في القصة ثلاثة ازواج، في كل واحد منها شريك يعمد الى الخيانة الزوجية، فضلا عن رجل، هو الوحيد الذي لم تنكشف هويته حتى الآن، من المتورطين في شبكة العلاقات الجنسية التي تعصف بتفاصيل هذه القصة.
الزوج الاول هو بترايوس، البالغ من العمر 60 عاما، وزوجته هولي، وهما متزوجان منذ 38 عاما ولديهما ولدان راشدان.
يتعرف بترايوس الى ضابطة في الجيش هي بولا بردويول، ابنة الاربعين، وما تلبث ان تتوطد العلاقة بينهما مع قيامها بتوثيق حياة الجنرال الاميركي لكتابتها في سيرة نشرتها في كتاب بعنوان «اول ان»، او «كل شيء على المحك»، وهو ما يمكن ترجمته ايضا الى «كله في الداخل»، وهو ما دفع شبكات الاعلام الاميركية الى التندر حول عنوان الكتاب بعد انكشاف علاقة الجنرال وعشيقته.
بولا متزوجة من سكوت برودويل، وهو طبيب، ويعيشان في بيت فخم في ولاية نورث كارولاينا، ولديهما ولدان يبلغان من العمر اربع وخمس سنوات. وفي اثناء كتابتها سيرة بترايوس، التي ظهر في ما بعد ان برودويل عمدت الى توظيف كاتب مجهول ليكتبها باسمها، نشأت علاقة عاطفية بين الجنرال والكاتبة يرجح انها بدأت في شهر مايو الماضي.
الزوج الثالث مؤلف من جيل خوام (41 عاما) وزوجها سكوت كيلي، وهو جرّاح، ويعيشان في ولاية فلوريدا الجنوبية مع بناتهما الثلاث.
خوام، وهي واحدة من اربعة اولاد لوالدين لبنانيين هما جون ومارسيل خوام اللذان هاجرا الى الولايات المتحدة في السبعينات وادارا مطعما للمأكولات اللبنانية حمل اسم «صحارى»، تعمل بصفة متطوعة في تنظيم حفلات لجرحى الجيش الاميركي، وغالبا ما توجه دعوات حضور للضباط.
واثناء عمله في فلوريدا رئيسا للقيادة الوسطى قبل خمسة اعوام، نشأت علاقة صداقة بين الزوج بترايوس والزوج خوام – كيلي.
الا انه في الصيف الماضي، يبدو ان علاقة الجنرال مع السيدة خوام تطورت، او على الاقل هذا ما اعتقدته عشيقته الاولى بولا برودويل، فعمدت الى ارسال «ايميلات» باسماء مستعارة، الصيف الماضي، تهددها فيها وتطلب منها الابتعاد «عنه»، اي بترايوس. ونقلت وسائل الاعلام عن مصادر قولها انه في احد «الايميلات»، اتهمت برودويل باسمها المستعار خوام بأنها داعبت بقدميها قدمي بترايوس تحت الطاولة اثناء احدى المناسبات.
ويوم امس، اعلنت وزارة الدفاع مباشرتها التحقيقات في الاف «الايميلات» بين خوام – كيلي والجنرال الذي خلف بترايوس في افغانستان جون الن، والتي يظهر فيها وجود علاقة عاطفية بين الاثنين. وكان الن في طريقه لتسلم منصب «قيادة تحالف الاطلسي» في افغانستان، الا ان هذا التعيين تم تعليقه، بأمر اصدره الرئيس باراك اوباما امس، وقد تؤدي نتائج التحقيق الى طرده من الجيش.
لكن خوام لم تسكت للتهديدات، وهي لديها صديق يعمل في الـ «اف بي آي» تبين لاحقا انه سبق ان ارسل لها صورا يظهر فيها نصف عارٍ، وهو ما حمل البعض على الاعتقاد ان علاقة عاطفية كانت تربط الاثنين. العميل اخذ هذه «الايميلات» وطلب من مكتب التحقيقات التحري عن الموضوع، فتوصلت وحدة مكافحة الجريمة
الالكترونية الى ان المرسل هو برودويل. لكن الوكالة لم تبلغه بالنتائج وطلبت منه الابتعاد عن القضية.
بعد التحقيقات، وافقت برودويل على السماح للـ «اف بي آي» بقراءة بريدها الالكتروني ذات الاسم المستعار، وهناك تبين انها على علاقة ببترايوس، وظهر ذلك خصوصا في «ايميلات» حميمة بينهما تحدثت عن «ممارسة الحب تحت المكتب».
مكتب الـ «اف بي آي» كان يخشى ان يكون المرسل شخصا يتظاهر بأنه بترايوس، او ان «ايميل» الاخير قد تمت قرصنته. لكن بعدما ظهر ان الجنرال نفسه هو المتورط بالعلاقة مع برودويل، انصب الاهتمام على معرفة متى بدأت العلاقة وان كانت اثناء خدمته العسكرية، اذ يحظر قانون الجيش الاميركي الخيانة الزوجية تحت طائلة عقوبات قاسية.
ثم تحول الاهتمام الى محاولة معرفة ان كانت العلاقة ادت الى تحويل بترايوس لاي معلومات سرية الى عشيقته، ولكن ذلك تبين انه لم يحصل بعد التحقيقات مع الجنرال.
هذا يعني ان بترايوس لم يرتكب اي جرم قانوني، لكن رئيس «وكالات الاستخبارات القومية» جيم كلابر اتصل به الاسبوع الماضي، وطلب منه الاستقالة، وابلغ «مجلس الامن القومي» بالموضوع الاربعاء، الذي ابلغ اوباما بدوره الخميس، اليوم الذي قدم فيه بترايوس استقالته. يوم الجمعة، اعلن اوباما قبوله الاستقالة.
بترايوس اصدر بيانا رافق استقالته وتوارى عن الانظار، ويقال ان زوجته حانقة جدا. اما برودويل، التي كانت تحتفل وزوجها بعيدها الاربعين في منتجع رومانسي في ولاية فيرجينيا، قطعت عطلتها وتوارت عن الانظار هي وعائلتها. بدورها خوام – كيلي كانت تحتفل مع احدى بناتها بعيد ميلادها في بيتها الفخم في فلوريدا، وعندما حضر الصحافيون الى منزلها، طلبت منهم احترام الخصوصية كرمى لابنتها وللمناسبة، ففعل الصحافيون ذلك، ومنذ ذلك الوقت، لم تطل السيدة المذكورة على الاعلام.
اما العميل المجهول الهوية، فهو خشي ان يكون ابعاده عن الملف بهدف «ضبضبة»
الموضوع اثناء موسم الانتخابات بهدف عدم التأثير على حظوظ اعادة انتخاب اوباما، فقام بالاتصال بزعيم الغالبية في الكونغرس الجمهوري اريك كانتور، وابلغه عن الموضوع، فقام الاخير بابلاغ رئيس المكتب جيم مولر.
ثم حاول الجمهوريون مهاجمة اوباما لتأجيله اعلان نتائج التحقيقات، فرد البيت الابيض انه لم يعرف قبلا، وان كانتور هو الذي كان يعلم قبل الانتخابات ولم يثر الموضوع
.
ثم حاول مكتب الـ «اف بي آي» مهاجمة وكالة الاستخبارات واداء مديرها، الا ان المكتب نفسه وقع تحت الشبهة لاجتياحه الحياة الخاصة للمواطنين، ولكشفه قضية الى العلن لم يثبت فيها اي جرم، ما ادى الى الاطاحة ببترايوس من دون سبب مهني واضح.
في هذه الاثناء، كثرت التحليلات ونظريات المؤامرة، التي كان ابرزها الحديث عن معلومات لدى بترايوس حول اعتقال وكالته لمتطرفين اسلاميين في القنصلية الاميركية في بنغازي، وان هجوم 11 سبتمبر الذي راح ضحيته السفير كريس ستيفنز وثلاثة اميركيين آخرين، كان لتحرير هؤلاء. الا ان الوكالة نفت هذا السيناريو الذي كانت «شبكة فوكس» اول من اطلقته، وفي وقت لاحق كررته برودويل في محاضرة لها حول كتابها في جامعة دنفر في ولاية كولورادو.
ومن المتوقع ان تنكشف تفاصيل اكثر، لكن حتى ذلك الحين، ستستمر القضة البوليسية، الجاسوسية، العاطفية في الاستحواذ على اهتمام الاميركيين ووسائل اعلامهم، على الاقل بعد اشهر طويلة من الاخبار السياسية الجدية التي فرضتها الانتخابات