هل أصبح لبنان على أبواب “الربيع الإسلامي”؟
تسمّر اللبنانيون أمام شاشات التلفزيون خلال «الويك أند» الماضي فريق انصب اهتمامه على تنصيب البطريرك الراعي في روما والكلام «السياسي» المبطن الذي تردد عبر أثير البحار، وفريق يتابع احتفالات عاشوراء والكلام النوعي الذي اطلقه الأمين العام لحزب الله في المناسبة العاشورائية. لغاية الآن يبدو المشهد عادياً لولا ان المتابعين لاحظوا الخطاب الديني والطائفي الذي طبع النقل التلفزيوني للشاشات اللبنانية، فالدين بات صفة ملازمة لهذا الفريق السياسي او ذاك، ولا علاقة للإيمان الديني به الذي يعتنقه المؤمن اللبناني، لكن الدين الإعلامي الذي تتوزعه الشاشات كل حسب طائفته هو الطاغي حالياً في العمل السياسي او الحزبي او الإعلامي. فالشاشات التي نقلت الحدث الفاتيكاني او تلك التي نقلت احتفالات عاشوراء اثبتت جميعاً بان لبنان أدخل بالكامل في الشؤون الدينية وباتت الطائفية هي السمة النافرة والواضحة لأي مكون سياسي او حزبي. فرغم «قداسة» الاحتفالات فان الإعلام اللبناني بدا متورطاً بالإعصار الديني الذي يلفح منطقة الشرق الأوسط والمعروف «بالربيع العربي».
فظاهرة الربيع الإسلامي: بدأت منذ فترة طويلة بالتسرب الى الجسم اللبناني، وهي تسمية يصر عل إطلاقها الشيخ عمر بكري فيعتبر ان أسلمة الربيع الذي يلفح الشرق الأوسط هي شأن إلهي سوف يتحقق بالتأكيد وضمن هذه الوقائع والتأكيدات فلا عجب ان تتبناه ظاهرة الشيخ أحمد الأسير في صيدا، كما ان طرابلس أصبحت في ايدي الفرق الإسلامية في ظل تراجع القوى السياسية التاريخية في المدينة.
كذلك يتوقف المتابعون عند العبارات الطائفية والمذهبية التي يرددها البعض، على شاكلة «حقوق المسيحيين» و«الحفاظ على الدروز»، «أهل السنة المظلومين» او «الحفاظ على الأقليات»، فكانت هذه الكلمات خير داعم ٍ وسندٍ للربيع الذي انطلق عربياً ليتحول سريعاً الى «ربيع ديني» بامتياز، واصبح انتصار الشعب في تونس مثلاً انتصاراً للإخوان المسلمين، وفي مصر ايضاً حيث أصبح للرئيس محمود مرسي حزباً إسلامياً يتظاهر دعماً له ولقراراته التي أذهلت المصريين مؤخراً.
علماً ان قادة «الربيع الإسلامي» وصلوا المقرات الرئاسية في بلدانهم بدعم وشروط غربية وأميركية، وهذه القيادة تعاني حالياً مع الجماهير التي نزلت صادقة تطالب بتغيير النظام، فإذا بالبديل يخضع للشروط التي وضعتها الدول الفاعلة، فواشنطن فرضت شرطين اساسيين لإيصال اي طامح إسلامي، الأول تأمين مصالح أميركا الاقتصادية والثاني أمن إسرائيل. وتنفيذاً لهذين الشرطين، قام الرئيس المصري محمود مرسي بدور الوسيط اثناء الإعتداء الإسرائيلي على غزة، كما انه في الشأن الاقتصادي بدأت الادارة المصرية في تنفيذ الخطة الاقتصادية وفق المعايير الأوروبية.
هذا التناقض بين الجماهير العربية الثائرة والبدلاء في الرئاسة خلَف الهواجس والمخاوف لدى مراكز القرار في الدول الغربية، وان التقارير التي ترسلها البعثات الديبلوماسية في دول «الربيع العربي» تؤكد على ثورة جماهيرية جديدة تطل برأسها في بعض العواصم، خصوصاً ان الحكام الإسلاميين الجدد انصرفوا الى تطبيق الشروط الأميركية بشكل كامل بعيداً عن متطلبات واحتياجات جماهيرها.
اما في لبنان فان الواضح ان هذا البلد العلماني والديمقراطي في ظاهره بدأ بالتحول تدريجياً الى دولة طائفية، وحيث تتقدم قادة الطوائف ورجال الدين الصفوف الأمامية، كما ان الخطاب الديني اصبح بديلا عن الخطاب السياسي ، فهل دخل لبنان الربيع الإسلامي الذي يبشر به عمر بكري؟