الاسلام السياسي والديموقراطية
تقلد الرئيس مرسي منصب رئيس الجمهورية عقب فوزه بالانتخابات الديموقراطية , بعدما وعد الشعب بمواصلة الثورة وتحقيق الحريات الديموقراطية والعمل على تأمين مطالب الشعب المصري .
وتعزيز النهوض الاقتصادي الهش , ومحاربة الفساد والفقر والظلم ومحاسبة الفاسدين الذين يبتزون الاموال عن طريق الابتزاز والاحتيال , وتعزيز استقلالية السلطات الثلاث من اجل الاستقرار السياسي المطلوب .ولم يجف حبر هذه الوعود التي قطعها على نفسه في حملته الانتخابية وبرنامجه السياسي حتى انقلب عليها ومزقها ورماها في سلة المهملات , اذ لم يمض نصف عام حتى انقلب على الثورة والمسار الديموقراطي , دون مقدمات او مشورات او حوار مع القوى الفعالة في المسرح السياسي , التي وقفت وناصرت الثورة والتغيير وتحملت العبء والثقل الاكبر في انتصار الثورة باسقاط نظام حسني مبارك .
ان قرار الاعلان الدستوري يمثل ضربة مؤلمة وقاصمة وانقلاب خطير على الديموقراطية واستقرار البلاد السياسي , ان الهدف الحقيقي من وراء هذه القرارات هو تركيز هرم الدولة واحتكار مفاصلها وسلطاتها الثلاث بيد الرئيس مرسي بشكل مخالف للمنطق والواقع السياسي , . بمعنى تركيز الصلاحيات الواسعة بيد فرد واحد , اي رجوع مصر الى الوراء الى احضان الدكتاتورية وسلطة الحزب الواحد , هو يتناقض مع مصالح الشعب المصري في مواصلة تطوير العملية السياسية نحو الافق الديموقراطي , ويفرغ محتوى تطوير البلاد نحو الاستقرار , ويضرب تحقيق العدالة الاجتماعية في الصميم .
ان الاعلان الدستوري ادخل البلاد في نفق مظلم , واهتزت شرعية الرئيس مرسي ومصداقيته بانه يمثل كل الشعب المصري ومكوناته السياسية , وفجرازمة سياسية خانقة وفوضى في الحياة المدنية , والى تعطيل واعاقة النشاطات التجارية والاقتصادية , وزعزعت الثقة بالاقتصاد المصري المنهار وستلحق به خسائر فادحة . وتضر بشعب مصر ومسيرته الديموقراطية , ان الشارع المصري لن يهدأ , بل سيزيد الغليان الشعبي بالرفض والاستنكار , ومواصلة التحدي والصمود في المظاهرات والاحتجاجات العارمة , وليس من مصلحة التيارات الاسلامية الاستمرار بتطويل الازمة , حيث تضر في مصداقيتها وسمعتها ومكانتها في الاوساط الشعبية , لقد اتضح بجلاء ووضوح خداع التيارات الاسلامية ونفاقها بانها مناصرة للحياة المدنية وتسعى نحو تحقيق الحرية والكرامة وتبني الخط الديموقراطي الذي يعبر عن مصالح وتطلعات الشعب , لكن الاسلام السياسي اتضح باول هزة بانه يطمح الى تحويل الدولة الى نهجه السياسي بشكل مخالف للدستور وقوانين البلاد , وتجاوز على الواقع السياسي المعروف عنه في تاريخ مصر ,
ان قرارات الرئيس مرسي الحقت افدح الاضرار بالاسلام السياسي ومصداقيته ,, ووضعت الزيت على النار بدلا عن اطفائها , وتمثل الحنين الى الحكم الدكتاتوري ,ان غالبية الشعب المصري ترفض العودة مجددا الى احضان الدكتاتورية وحكم الفرد , وسعة زخم المشاركة الجماهيرية الواسعة , اسقطت دعوى التيارات الاسلامية بانها تمتلك الشارع وان غالبية الشعب تؤيد وتناصر قرارات الرئيس مرسي والاعلان الدستوري , ان المبادى الديموقراطية تؤمن بالحوار والنقد وكشف الاخطاء والعيوب وحق الشعب بالتعبير السياسي , وحق الشعب بتحقيق طموحاته وتطلعاته , وقد ضحى بالكثير من اجل اسقاط نظام حسني مبارك , ولا يسمح لاي قوة سياسية مهما كانت ان تسرق الثورة او تحرفها لغايات سياسية ضيقة , ستظل الجماهير في الميادين والشوارع حتى يتراجع الرئيس مرسي عن قراره الاخير , الاعلان الدستوري ويسحبه ويلغيه ويدخل في حوار سياسي من اجل التوافق السياسي وخروج البلاد من الازمة , وانفراج المناخ السياسي نحو التهدئة , وانقاذ الشعب من التدهور الخطير , لان الشعب المصري يتسم بالنضج السياسي والوعي بالوضع القائم ويتفهم اهداف القوى السياسية وما يجري خلف الكواليس من مناورات التيارات الاسلامية من سرقة حلم الشعب واغتصاب السلطة وتحويلها الى دولة دينية حسب فتاوى المرشد العام ,
لقد عبرت الجماهير عن رأيها في الدفاع عن الثورة ورفعت شعارات معبرة عن الواقع السياسي مثل .. الثورة لها شعب يحميها . . يسقط حكم المرشد . . الاخوان سرقوا الثورة . . يسقط الاعلان الدستوري . . سيظل الشعب في الميادين حتى يتراجع عن الاعلان الدستوري . . يلا يا مصري انزل من دارك محمد مرسي هو مبارك . . ارحل يعني امشي .
وجملة شعارات ثورية اخرى تدل على الوضع المتأزم والساخن , وان السبيل الوحيد الى التهدئة يتطلب فتح قنوات الحوار والتفاهم وسحب الاعلان الدستوري , ومناقشة الوضع السياسي الخطير مع القوى الفاعلة على الارض من اجل ايجاد مخرج مشرف قبل ان تنفلت الامور عن السيطرة , ويتطلب المعالجة السريعة دون تماهل او تأخير .
ودون التهديد بالتصعيد المضاد والوعيد بنزول المليونية بتأيد قرارات الرئيس مرسي ومناصرته . يجب ان نتعلم من الربيع العربي , بان الحكام الطغاة في ليبيا واليمن وسورية وتونس هددوا بنزول الملايين, ولكن اي هم الان؟
جمعة عبدالله (