حرب” دولية” ضد سورية وحرب ضد ايران هل يسقط الرهان مرة اخرى ؟؟
من يعتقد ان الحرب التي نشبت بين العراق وايران عام 1980 واستمرت نحو ثماني سنوات كانت بسبب” زين القوس وسيف سعد” اوغيرها من الاراضي العراقية كما كان يدعي النظام السابق فهو واهم. ومن كان يظن ان تلك الحرب الكارثية كانت بسبب خلافات حدودية فهو واهم ايضا لان نظام صدام لديه الاستعداد ان يتفاوض من اجل ذلك مثلما تفاوض مع شاه ايران السابق وتنازل له في شط العرب وفي مناطق اخرى حدودية .
الحرب كان هدفها الرئيس هو الرهان على اسفاط النظام الجديد في ايران الذي اعقب سقوط نظام الشاه”لاسباب معروفة” لكن الرهان فشل . الحرب بين العراق وايران بدأت بدفع وتشجيع من ذات الانظمة الفاسدة في الخليج التي تأتمر باوامر امريكية و التي تقف الان وراء محاولات تدمير سورية والاجهاز عليها بعد ان دمرت ليبيا وتونس وحتى مصر التي تعاني من مخاطر جمة. الحرب تطورت بمرور الوقت واصبحت ذات ابعاد ” طائفية” بالرغم من ان النظام السابق لم يكن طائفيا لكنه كان دكتاتوريا اخذ يمارس سياسة خاصة في السنوات الاخيرة من عمره اعتمد فيها على العائلة والمقربين دون الاهتمام حتى بالحزب الذي حول قيادته وكوادره في خدمة” الرئيس القائد” .
دول مجلس التآمر الخليجي وعلى رأسها السعودية لم تجد في حينها افضل من صدام” الذي اراد ان يبرز ” ك “بسمارك” في المنطقة وجرى تشجيعه ودعمه ماليا من قبل تلك الدول لمواصلة الحرب ضد ايران” لغاية في قلب يعقوب” فضلا عن مساندة دول الغرب له وعلى راسها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا التي” استأجر منها طائرات سوبر اتندار” بهدف ضرب اهداف ايرانية اقتصادية بعيدة تقع في اقصى الخليج. النظام السابق وبعد ان شعر بالدعم والمساندة المتواصله له في الحرب تشجع و اخذ يطلق عليها مسميات منها” قادسية صدام و” حماية البوابة الشرقية للوطن العربي” تلك البوابة التي لم يعد لها وجود بل ان الوطن العربي اصبح مخلوع البوابات ومستباحا منذ غزو واحتلال العراق .
الملك فهد ملك السعودية زار العراق خلال الحرب وقلد صدام ” وساما” واشاد به في كلمته وقال الجملة الشهيرة ” من عندنا المال ومنكم الرجال وسنتقاسم رغيف الخبز معكم ” في اشارة الى اهمية مواصلة الحرب ضد ايران لكن تلك الانظمة نكثت بوعودها وتملصت بعد ان وضعت الحرب اوزارها وشعرت ان صدام لم يتمكن من اسقاط النظام في ايران بل ان العراق خرج من الحرب منهكا اقتصاديا وحصل ماحصل بعد اجتياح الكويت عام 1990 وتامرت ذات الانظمة التي شجعته في حربه ضد ايران وفي مقدمتها السعودية وصولا الى اسقاط النظام ” امريكيا “عام 2003 دون ان تتاح الفرصة لسقوطه بايدي عراقية فحلت الكارثة في العراق والمنطقة .
ان الحرب عام 1980 ضد ايران كانت شبيهة بالحرب التي تشن الان على سورية منذ اكثر من عام فهي الاخرى مدعومة من دول مجلس التآمر الخليجي مضافا لها تركيا تساندها ذات الدول الغربية التي ساندت حرب صدام ضد ايران مع فارق واحد هو ان الحرب الاولى ضد ايران شنها نظام مجاور هو النظام السابق في العراق بينما شن الحرب ضد سورية بلد مجاور هو الاخر” تركيا ” لكنه بدأ الحرب ضدها بصورة غير مباشرة من خلال تجنيد الاف المرتزقة والمسلحين الارهابيين وفتح الحدود لهم للعبث بامن سورية وقد تكفلت دول الخليج المتامرة بالتسليح ودفع الاموال مثلما فعلت مع نظام صدام بعد ان ضغطت هذه الانظمة على الاردن المجاور لزجه مباشرة بالحرب ضد سورية وقد افلحت واشنطن اخيرا بعد ان تمكنت من اقناع” ارغام ” الاردن بالسماح لقوات امريكية القيام بمهام عسكرية ومخابراتية من داخل الاراضي الاردنية الشمالية.
وقد كشفت وسائل الاعلام مؤخرا عن عمليات نقل اسلحة ودبابات الامريكية تتم من خليج العقبة الى شمال الاردن تمهيدا للخطوة الامريكية بينما دعت تركيا من جانبها حلف ” ناتو” لاقامة شبكة صوارخ ” باتيريوت” قرب الحدود مع سورية بذريعة الخشية من الصواريخ السورية وهي خطوة تصعيدية غربية للتدخل في سورية.
ولم تكتف الدول والانظمة التي تسعى الى اطاحة النظام في سورية بتقديم المساعدات للمسلحين المناوئين لدمشق فقد ابقت الحدود مفتوحة مع لبنان وتركيا وقادة الاكراد في العراق لتهريب الاسلحة والمسلحين الى داخل سورية . في ايران كما نتذكر جرت عملية تفجير ارهابية في العاصمة طهران استهدفت اجتماعا لكبار المسؤولين خلال سنوات الحرب مع العراق راح ضحيتها معظم الذين كانوا يشاركون في الاجتماع وبقيت البلاد في حينها بدون قيادة بسبب تلك العملية الاجرامية لكن ايران تجاوزت تلك العملية الاجرامية وواصلت الحرب حتى النهاية.
عملية شبيهة بتلك التي استهدفت مسؤولين ايرانيين استهدفت اجتماعا لمسؤولين سوريين كبار في دمشق بينهم وزير الدفاع ومدير الاستخبارات وغيرهم من العسكريين لكن دمشق تجاوزت هي الاخرى تلك العملية الاجرامية وواصلت تصديها للقوى والجماعات الارهابية والتامر ضدها .
العملية الاجرامية الاولى في ايران التي حدثت اثناء الحرب في الثمانينات اعلنت منظمة مجاهدي خلق المسؤولية عنها بينما اعلنت المعارضة السورية المسلحة المسؤولية عن عملية دمشق الاجرامية لكن الحقيقية تشير الى ان جهات مخابراتية دولية اكبر من مجاهدي خلق والمعارضة السورية المسلحة كانت وراءالعمليتين في طهران خلال الحرب مع العراق في الثمانينات وفي دمشق خلال العام الحالي ولا صلة بمجاهدي خلق او المعارضة المسلحة السورية بهما . نظرا لطبيعة وحجم وتشابه العمليتين والهدف منهما الى جانب الدقة في تنفيذهما.
مع هذا لم يسقط النظام في ايران ولا النظام في سورية جراء هتين العمليتين الاجراميتين وهاهي ايران التي استفادت من الحرب مع العراق لتبرز اقوى عودا واصلب رغم تكالب دول عالم الغرب عليها ودول مجلس التامر الخليجي اذا استثنينا سلطة عمان التي كانت ولاتزال تتصرف بذكاء رغم محاولات زجها بمعاداة ايران المجاورة .
فالحرب التي تشن ضد سورية تحمل في طياتها مسحة ” طائفية” بلتت واضحة وقد تنتقل شرارتها الى دول الجوار في حال عدم اطفائها او عدم خروج دمشق منتصرة منها وان هناك دولا مرشحة قد تطالها الشرارة مثل العراق ولبنان وحتى الاردن و ايران ومن يظن خلاف ذلك فهو واهم وان استهداف دمشق يدخل ايضا في صلب معاداة دول ومنظمات واحزاب الجهد الممانع والمناهض للمشاريع الامريكية والاسرائيلية في المنطقة .
نتمنى ان تحبط سورية وقلوبنا معها هذه المؤامرة” الدولية” كما افشلت ايران الحرب التي دامت ثماني سنوات في حينها لتعود السهام التي تستهدف شعب سورية الى نحور مطليقها ولابد وان الوقت والزمن يعملان لصلح الشعوب المناضلة والمضحية ضد المستعمرين واعوانهم وفي مقدمتهم ” انظمة وحكومات البترو دولار” التي سوف لن تكون بمنأى هذه المرة من الدمار” ولن تسلم الجرة مثل كل مرة “.