هل تحولت “طرابلس اللبنانية” إلى امارة سلفية غير معلنة؟
في وقت بدا فيه لوهلة أن الملفات الداخلية الساخنة والمتفجرة وجدت طريقها إلى الثلاجة بانتظار ما ستؤول اليه التحولات الاقليمية بعد انتهاء فترة السماح وعودة الأوضاع في دول الربيع العربي إلى غليانها السابق. عادت الأمور لتسير على وقع تطورات الأزمة السورية متماشية مع حدتها العسكرية والميدانية في مشهد أعاد عاصمة الشمال إلى دائرة التوتر في ظل موجة من الشائعات تؤسس بدورها إلى الضغط على القوى الأمنية والجيش بعد أن تحولت مدينة طرابلس إلى امارة اسلامية غير معلنة.
واذا كان المسار اللبناني تماهى مع الخط البياني للأزمة السورية منذ إندلاعها، فأنه بات يرتبط بشكل لصيق بها، بحسب مصدر وزاري واسع الاطلاع، وذلك بعد أن سعت بعض الدول الخليجية والعربية للإمعان في الضغط على النظام السوري عبر بوابة الامارة السلفية غير المعلنة في الشمال وعاصمته وفق تعبير الوزير المعني. وذلك بعد فترة استراحة مشهودة من قبل المعنيين بالشأنين الأمني والسياسي، لاسيما بعد أن حقق الجيش السوري النظامي بعض التقدم على محور تلكلخ والقرى المحيطة بها، بحيث تكشف المعلومات أن تلك الفترة شهدت برودة ملحوظة على خط معابر التهريب، كما شهدت تدنيا في عدد المتسللين في مقابل تفعيل المعابر العاملة على خطوط الحدود السورية – التركية.
ويعود الوزير بالذاكرة إلى الأشهر القليلة الماضية، حيث كانت الأمور تسير وفق خط ممنهج قائم على محاولات فعلية لتحييد لبنان بالحد الأدنى في ظل مساعي جادة من الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز، أفضت حينها إلى الضغط على الفريق الموالي للسعودية للمشاركة في جلسات الحوار التي كانت قد أدت انذاك إلى تهدئة سياسية انعكست تبريدا ولو على مضض للساحة الشمالية.
غير أن التحولات المتسارعة والمتغيرات التي فرضها صمود النظام السوري دفعت إلى تغيير سياسة المملكة تجاه كل ما يتعلق بسوريا والدول المحيطة بها بدءا بالتبديل المعروف على مستوى الأجهزة الأمنية السعودية، وما استتبعه من تبديل على مستوى القيادات الوهابية والأصولية في لبنان عموما والشمال خصوصاً، مروراً بزيادة حجم التمويل وتكثيف عملية ارسال عناصر تنظيم “القاعدة” ونقلهم من الجنوب والبقاع إلى مدينة طرابلس تحضيراً لساعة الصفر التي حانت على ما يبدو مع إعلان المعارضة المسلحة بأطيافها الأصولية والسلفية والأخوانية عن البدء بمعركة تحرير دمشق.
ويستند الوزير الواسع الإطلاع إلى تقاطع معلومات، ليؤكد بان ما عادت تشهده الساحة الداخلية من حراك خطير على خلفية تعاطي الحكومة مع الأزمة السورية يعود باساسه إلى أجندة خارجية وعربية، بل سعودية – قطرية تحديداً، خصوصا أن القاصي والداني يعلم أن الشيخ أحمد الأسير الممول قطرياً يتحرك بالتنسيق مع الأصولية الطرابلسية الممولة سعودياً وقطريا بحسب الفصائل، وذلك وفق تأكيدات الوزير عينه الذي يعود ويستطرد بأن قنوات الإتصال أصبحت محصورة وموزعة وفق ترتيب وتوزيع أدوار، بحيث تقوم السعودية بتمويل الوهابيين فيما تمول قطر التيارات السلفية وتنظيم “القاعدة”، وكل ذلك بتنسيق ورعاية أميركية أوروبية مشتركة وموثقة لدى المهتمين، وما عملية الكشف عن تسجيلات عضو كتلة “المستقبل” النائب عقاب صقر وما تضمنته من معلومات وحقائق سوى نقطة في بحر الوثائق المقرر أن تندرج تباعاً في خانة الفضائح المدوية التي تكشف المزيد عن أسرار المرحلة وطرق التمويل والتعاطي بالبترو دولار وفق التعبير الحرفي
.