هل يحضر الناتو لتدخل عسكري في سورية!؟ ام ماذا؟
أ. في اقل من اسبوع اتخذ الغرب الذي يشن حربه العدوانية على سورية منذ نيف و 21 شهرا ، في اقل من اسبوع اتخذ هذا المعتدي او المح الى اتخاذ تدابير قد يقود جمعها و تحليلها بشكل تكاملي ، الى القول بان الغرب الذي ” كان على عجلة من امره ” لحسم المسألة السورية لصالحه و تسليم الحكم فيها الى جماعات عقد معها الصفقة- الفضيحة التي تضمنت تصفية القضية الفلسطنية على حساب حقوق اهل القضية ، ان هذا الغرب لم يعد بمقدوره الانتظار اكثر و انه يتحضر للتدخل العسكري المباشر و المتدرج لتحقيق اهداف عدوانه ، و جاء في هذه التدابير تباعا :
1) قرار الناتو الاستجابة الى المطلب التركي بنشر بطاريات من صواريخ الباتريوت على الحدود مع سورية ، بذريعة حماية الشعب التركي ” من هجوم مزعوم ” قد تقوم به سورية في معرض معركتها الدفاعية التي تخوضها ضد الارهاب و المسلحين الذين اتخذوا من تركيا قواعد لهم و شكلت تركيا الحاضن الجغرافي و السياسي و اللوجستي لهم .
2) تهديد الغرب جماعة و فردى و على لسان اميركا ثم الناتو ثم تباعا من قبل من تبقى من تابعيها الاروبين ، تهديدهم لسورية ” باوخم العواقب ” اذا استعملت الاسلحة الكيماوية ضد القتلة و الارهابين الذين ترعاهم القوى الخارجية المعتدية على سورية بالقيادة الاميركية .
3) تسريب احدى الصحف الاسرائيلية (معاريف ) لخبر الخطة الغربية – على حد توصيفها – للقيام بعمل بري ضد سورية من اجل السيطرة على مخازن الاسلحة الكيماوية ، بغية منع استعمالها من قبل قوى النظام و منع تسليم اجزاء منها الى حزب الله ، و ان هذه الخطة ارسيت على قاعدة اعداد و استعمال 75الف جندي من الاطلسي و اسرائيل و بعض الدول العربية لتنفيذ المهمة .
4) تصاعد الحملة الاعلامية و بشكل هستيري ضد النظام في سورية و الترويج لقرب سقوطه المزعوم ، الى درجة استعمال عبارات مثل ” اي لحطة ” او ساعات ” او ايام ” او اسبوع او اسبوعين حد اقصى لحدوث هذا السقوط و هو ترويج ساهم به اكثر من طرف او جهة لا نجد فائدة من ذكرهم الان .
ب. و لكن قبل اجراء تقدير للموقف على ضوء ما تقدم وصولا الى تحديد ما اذا كانت الحرب حقيقة واقعة مستقبلاً ام لا ، فان المنطق السليم يفرض الاجابة على سؤال اساسي حول طبيعة البيئة السياسية و العسكرية او الظروف التي ترافقت تلك السلوكيات معها حيث نجد منها ما يلي :
1) فشل الخطة العسكرية الميدانية الغربية العدوانية التي وضعت لاسقاط دمشق و منطقتها ، و هي الخطة التي نفذت من قبل 40 الف مسلح ، وضعت بتصرفهم اعلى تقنيات الاتصال ، و تم تزويدهم بالسلاح النوعي (شاملا الصواريخ ضد الطيران و المدرعات ) خطة كان يعول عليها لحسم الازمة لصالح الجهة المعتدية . و لكن الجيش السوري تمكن من ايقاع المسلحين في دائرة النار فقضى فيها على الالاف منهم في اقل من عشرة ايام .
2) فشل المشروع الاميركي في توحيد المعارضة السورية في كيان سياسي تشرف عليه هي و تقوده كما تمارس العمل ذاته اليوم في كل من مصر و تونس و ليبيا ، و بروز قوى معارضة صلبة ترفض التدخل الاجنبي و ترفض العنف و القوة طريقا لحل الازمة ، ثم وقوع اختراق ايراني و آخر روسي باتجاه المعارضة السورية ما تسبب بخيبة امل اميركية دفعت الغرب الى كبح اندفاعته التي نفذها فور اعلان “الائتلاف السوري المعارض ” و التي ترجمت بتسرع بعض الدول للاعتراف بهذا الائتلاف ثم تبين لهم خواء ما قاموا به .
3) فشل الخطة الرامية الى قطع الصلة بين محور المقاومة ( ايران و سوريا و المقاومة في لبنان) مع المقاومة و القضية الفلسطنية ، حيث تاكد المخطط ان التحاق حماس بالمحور التسووي للقضية الفلسطنية على اساس التنازل عن 78% من ارض فلسطين التاريخية ، و القبول بدولة مقيدة و محدودة الصلاحيات تقوم على 22% من الارض المتبقية من فلسطين ( غزة و الضفة ) ان هذا لن يقود الى التصفية بعد ان انبرت فصائل فلسطنية مقاومة و جاهرت بعلاقتها بالمحور و اصرارها على اعتبار المقاومة هي الخيار الفعلي و الجدي لتحرير فلسطين.
ج. استنادا الى هذه الحقائق ، يستطيع المتابع المعني والمراقب للحدث السوري ان يستنتج بان الغرب قام بهجومه التهويلي المتقدم التفاصيل من اجل اعادة التوازن الى المشهد و الموقف المتشكل اثر اخفاقاته المذكورة ، و هي اخفاقات متنوعة الطبيعة من عسكرية و سياسية و استراتيجية ، احدثت للغرب صدمة لا يمكن الاستهانة بشدتها كما لا يمكن تصور تسليم الغرب بسهولة بهذه الاخفاقات خاصة ان العالم و تحديدا منطقة الشرق الاوسط تمر في مرحلة حرجة و هي مرحلة اعادة صياغة العالم و نظامه الجديد ، و لذلك يكون اندفاع الغرب في هذه الكريقة جاء من اجل التغطية على اخفاقاته ايضاً .
د. لكن السلوكيات الغربية نلك لم تمر من غير رد من قبل المعسكر الدولي المقابل الذ جهز نفسه لكل احتمال بما يقابله و مع قناعته بان الحرب و التدخل الاجنبي في سورية لم تحن اوقاته وانه يظل حتى هذه اللحظة مستبعدا لا بل يمكن القول بانه شبه مستحيل لان الغرب يعلم ان تدخله في سورية لن يمر من غير تدخل عسكرري مقابل و بشكل يلهب المنطقة و يغير المشهد كله في عير صالحه و بالتالي فاننا الغرب يعلم بان المعسكر الاخر يعلم بان المواجهة العسكرية لن تكون الان و ان كل ما في الامر هو حرب نفسية تهدف للتعويض عن خسائره المتعددة و لاعادة توازن ما الى المشهد و رغم ذلك فان المعسكر الذي تنتمي سورية اليه اقليميا و دوليا لم يدع الامر يمر من غير ردة فعل ، بل انه قام و في الفنرة ذاتها بما يفوت على الغرب اهدافه حيث سجل ما يلي :
1) قرار روسي بتنفيذ العقد مع سورية و تزويدها بصفقة صواريخ اسكندر الاستراتيجية و المكافئة للصاروخ باترويوت بما يقود الى افراغ القرار الاطلسي من محتواه و يمنع تغير المعادلة في هذا المجال.
2) اقدام ايران على اهباط طائرة “ايغل ” الاميركية و هي طلئرة بدون طيار ، و هي عملية شكلت صفعة شديدة الاثر السلبي على المعنويات الامريكية ، و اجبرت امريكا على التنصل من الطائرة حتى لا تعترف لايران بانتصارها المثلث الابعاد تقنيا و عسكريا و استراتيجيا .
3) تعامل سورية مع مسألة الاسلحة الكيماوية بهدوء و ثقة بالنفس فوتت على الغرب ما كان يريد ، فلم تؤكد او تنفي وجود الاسلحة لديها لكنها نفت امكانية استعمالها ضد الشعب ان وجدت و هنا ينبغي ان نتوقف عند عبارة ضد الشعب و الباقي يفهمه المطلع و الخبير بالشأن .
و في الخلاصة نقول ان كل ما يروج عن قرب حرب او تدخل عسكري اطلسي في سورية ، انما هو مجرد حرب نفسية و سلوك تعويضي ، و جمع اوراق قوة للربيع المقبل حيث باتت ارهاصات المفاوضات الدولية تلوح في الافق بعد قناعة جبهة العدوان ان بلوغ اهدافها بالعمل العسكري بات مستحيلا ، و ان حل الازمة السورية لن يكون الا عبر طاولة تفاوض دولية يحشد فيها كل فريق اوراق قوته و يتخلى عن اوراق الضعف ، و بهذا نفسر القرار الاميركي الاخير باعتبار “جبهة النصرة ” تنظيما ارهابيا لغسل اليد الاميركية من جرائمها قبل الدخول في المفاوضات الاتية و في الختام لا بد ان نسجل للفريق المدافع عن سورية احترافه في ادارة معركته الدفاعية و بنجاح ملفت (في وجوهها كلها السياسية و العسكرية و الاستراتيجية حتى و في الحرب النفسية ذاتها ) ادى الى هذه النتائج .