.معهد واشنطن: اختلافات الولايات المتحدة مع البحرين تتجلى بوضوح على الملأ
تشهد علاقات واشنطن مع البحرين توتراً بعد التعليقات الملكية في مؤتمر إقليمي حول الاستراتيجيات عُقد في عاصمة المملكة. إن الحدث الذي وصفته وكالة “أسوشيتيد بريس” بأنه “زلة دبلوماسية” و”صفعة ضد واشنطن على الملأ” يعيد فتح النقاش بشأن تقدم الإصلاحات مع استمرار العنف في الشوارع بين المحتجين الشيعة وقوات الأمن التي نشرتها عائلة آل خليفة الملكية السُنية.
وقد لقي أكثر من خمسين شخصاً حتفهم، من بينهم رجال أمن، في الاحتجاجات المطالبة بمزيد من التمثيل السياسي والحقوق الأخرى على مدى العامين الماضيين. وكان معظم الأعضاء الشيعة في البرلمان قد استقالوا في شباط/فبراير 2011، مما أسفر عن تعزيز الأغلبية السنية في مجلس النواب في الانتخابات اللاحقة التي جرت بعد ذلك، رغم أن أغلبية سكان المملكة هم من الشيعة. ولا تزال الاحتجاجات مستمرة بشكل يومي تقريباً – الأمر الذي يشكل حرجاً لواشنطن نظراً لاستضافة المملكة للأسطول الخامس الأمريكي الذي هو أحد المكونات الرئيسية في ردع إيران.
وقد فوجئ الدبلوماسيون الغربيون في مؤتمر “حوار المنامة السنوي” عندما لم يذكر ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، الولايات المتحدة بالأسم عندما سرد الحلفاء الذين قدموا دعماً جوهرياً أثناء الاضطرابات. وكان يُنظر إليه من قبل باعتباره الإصلاحي الرائد في العائلة الملكية. وقد تحدث ايضاً عن بلدان وجهت انتقادات “انتقائية” إلى قيادة البحرين، دون ذكر أمثلة محددة. وأثناء دعوته إلى الحوار، صرح أيضاً بأن على القادة الدينيين الشيعة – الذين أشار إليهم بمصطلح “آيات الله” – شجب العنف بمزيد من القوة.
وقد حاكى كلمات سلمان القاسية نجل العاهل السعودي ونائب وزير خارجية المملكة العربية السعودية الأمير عبد العزيز بن عبد الله آل سعود. وفي محاولة واضحة لتبرير التدخل العسكري في البحرين من جانب السعودية في العام الماضي، حذّر من أن دول الخليج “لا تستطيع تقبل عدم الاستقرار”.
وفي غضون ذلك، أكد نائب وزيرة الخارجية الأمريكية وليام بيرنز الذي ترأس الوفد الأمريكي على “التحديات العاجلة لسلوك إيران الطائش”. وفيما يتعلق بالإصلاح، قال “لا يوجد منهج واحد يناسب الجميع في العمليات الانتقالية أو الإصلاحية، فالكثير يعتمد على الظروف المحلية ومؤهلات القيادة المحلية”. ومع ذلك فقد صرح أيضاً بأن “الاستقرار طويل الأجل والأمن الدائم، يعتمدان على المشاركة الكاملة لجميع المواطنين في الحياة السياسية والاقتصادية، وإيمان جميع المواطنين بأنه يتم سماع واحترام وجهات نظرهم المعبّر عنها سلمياً؛ [و]اقتناع جميع المواطنين بأن لهم نصيب في مستقبل بلادهم”. وفي نص الخطاب المرسل عبر البريد الإلكتروني الذي وزعته وزارة الخارجية الأمريكية، كان ذكر الكلمات “جميع” ثلاث مرات وارداً بخط سميك في جميع الحالات.
وتشير الرسالة إلى أن الفجوة في التصورات والرؤى بين واشنطن والمنامة شاسعة أكثر من أي وقت مضى. وتنظر الولايات المتحدة إلى الإصلاح السياسي على أنه يتفق مع الحفاظ على العلاقات الأمنية التاريخية، بينما تنظر العائلة المالكة إلى القادة الشيعة بعين الريبة والشك، حيث ترى أنهم متعاطفون جداً مع إيران وعازمون على تغيير الوضع السياسي الراهن.
وبالإضافة إلى ذلك، كان منظمو المؤتمر يأملون أن يكون وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا من ضمن المتحدثين الرئيسيين. وعلى الرغم من إدراج قائد القيادة المركزية الجنرال جيمس ماتيس وقادة الأسطول الخامس نائب الأدميرال جون ميلر كمتحدثين، إلا أن نائب وزيرة الخارجية وليام بيرنز هو الذي ألقى البيان التوضيحي حول السياسة الأمريكية والمنطقة. وقد رافقه مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان مايكل بوزنر. وفي ملاحظاته في التاسع من كانون الأول/ديسمبر قال بوزنر أنه: “من أجل خلق مناخ يمكن فيه تحقيق الحوار والمصالحة، تحتاج حكومة [البحرين] إلى محاكمة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت في أوائل 2011. كما يجب عليها إسقاط التهم ضد جميع الأشخاص المتهمين بارتكاب انتهاكات ترتبط بالتعبير غير العنيف عن الآراء السياسية وحرية التجمع”.
وفي المرحلة اللاحقة، هناك خطران يهددان العلاقات بين الولايات المتحدة والبحرين: أولهما أن إيران سوف تحاول إضعاف العلاقة بشكل أكبر؛ وثانيهما أن واشنطن لم تبذل الكثير من الجهد على ما يبدو لرأب تلك العلاقة. ففي كانون الأول/ديسمبر 2011، على سبيل المثال، لم يحضر الاحتفال بالعيد القومي البحريني في واشنطن سوى مسؤول أمريكي واحد صغير الرتبة. وعلى الرغم من هذا التوتر، يجب أن يكون تمثيل الولايات المتحدة في مناسبة هذا العام – التي من المقرر الاحتفال بها يوم الأربعاء 12 كانون الأول/ديسبمر – أكبر حجماً وتمثيلاً.
سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن.