اين الشرف والاخلاق يا حكام العراق؟
ضمن زوبعة التطورات المتسارعة للازمة السياسية الحاصلة والتي تهدد بحرق الاخضر واليابس , لاحد يستطيع بالتنبؤ بالمستقبل القريب , اين تحط رحالها في ظل الفوضى السائدة بتسخين وتفعيل بوادر الخلاف والنزاع بالتشنج والانقسام في صفوف الشعب , و المرشحة الى المزيد من التدهور والانحدار نحو الهاوية , في ظل سياسة الاهمال بالاوضاع الحياتية والخدمية والمعيشية , فكانت المدن العراقية على موعد على سقوط الاقنعة وانكشاف العورات المسؤولين على شؤون العباد , فمع زخات المطر الاولى تحولت المدن والشوارع الى بحيرات مائية عائمة وبرك مائية ومستنقعات من الازبال والنفايات مهددة المواطنين بالامراض المعدية والفتاكة , ان هذا الوضع المزري والمشؤوم لم ينزل بكارثتة من السماء , او من غضب الله على المواطنين , بل هو نتيجة طبيعية ومتوقعة بعدما فقدت الاطراف السياسية المتنفذة معايير الشرف والنزاهة والاخلاق في العمل السياسي , الذي اضحى عبارة عن تجارة رابحة يملكها من يدفع اكثر , ويمتطي حصانها من هو اكثر قدرة على تقمص الادوار المفتونة بالكذب والدجل والانتهازية , وعرض المواقف السياسية للبيع والشراء .
. ان الشعوب التي قهرت الجهل والتخلف والفساد والفقر وانتصرت عليهم بمعايير سياسية اصيلة عنوانها الاخلاص والصدق في المسؤولية والنزاهة في التعامل والايمان بحقوق الشعب , وتحولت الى دول متقدمة ومتطورة في جميع ميادين الحياة , رغم ان بعضها لايملك ثروات طبيعية بقدر يملك العراق , لكن الاصرار الصادق بتجاوز وتخطي الصعوبات والعوائق والتحدي في بلوغ الحياة الكريمة والتقيد في المسار الديموقراطي في محاربة الفساد والمفسدين وتحقيق الحرية بمعانيها السامية , بنقل البلاد الى حالة ارقى وافضل وبناء دولة القانون وفق قواعد سليمىة تهدف الى خدمة الشعب والوطن , دون استخدام سياسة التهميش والاقصاء والانفراد بالسلطة والنفوذ والمال او الركض وراء لهاث النهب والسلب لاموال الدولة بطرق غير شرعية وشريفة . .
اما المسار العراقي الذي يتميز بالتخبط واستخدام اساليب مغلوطة ومعوجة وعرجاء ومفتعلة ومتشنجة , غير قادرة على تحقيق الاستقرار السياسي والامني والاجتماعي والاقتصادي , وغير مؤهلة في حل الخلافات والنزاعات السياسية , وغير ضامنة في اجراء حوار سياسي بناء يخدم تطلعات الشعب المشروعة , وغير قادرة بالالتزام بالدستور التي تمزقه كل يوم , وغير أمينة في التعامل السياسي مع الاخرين , ولا تستطيع قيادة شؤون البلاد بجدارة واقتدار , لانها نهجها السياسي يعتمد على الكذب والنفاق وسياسة كسر العظم من اجل المحافظة على السلطة والنفوذ , وترك المواطن يصارع الغرق في بحر من المشاكل والازمات , ضمن سياسة تجويع الشعب من اجل النهب والاختلاس اكثر شراسة وعنفا دون وخز ضمير , ان المحنة القاسية التي ضربت الشعب سوف تتعاظم اكثر بشاعة واكثر شراسة , اذا لم يتدارك الشعب الموقف الصعب والمأساوي ويحاول النجاة بنفسه من العواقب الوخيمة الواقفة على الابواب , واذا لم يمزق ثوب الصمت والسكوت ويتمرد على الواقع المرير والظالم , واذا لم يرفع صوته بالرفض والاستنكارمن تسيد الفساد والمفسدين في الحياة العامة وفي السياسية وفي مصير المواطن ,
ان الفساد السياسي والمالي لم يترك للشعب خيار سوى ان يدوي بصوته عاليا في المدن والساحات في غليان شعبي يفجر انتفاضة عارمة في وجه خفافيش الليل , لقد حولوا العراق الى جحيم في الحياة العامة ,والنخب السياسية المتنفذة تتمرغ بالتخمة والحياة السعيدة , ان طريق الخلاص هو طريق الاحتجاجات الشعبية في كل مكان , لان تحقيق العدل والانصاف والكرامة لاتتحقق من ضمن هذه الاطراف السياسية المتنفذة التي خانت العهد والوعد , وان كسر قيود حياة الذل والمهانة سوى بالنضال الشعبي الواسع , ان التمرد والرفض هو طبيعة الشعوب التي تنشد الحرية والكرامة والديموقراطية , ان ربيع عراقي يجب ان يدق الابواب ويستيقظ النائمين . لان هذه الاطراف التي تتحكم في مصير المواطن باعت كل شيء وسلمت امرها الى حيتان الفساد ولم تعد قادرة على محاربة الظلم إلا في انتفاضة جماهيرية تعيد الحقوق المسلوبة ويعود الحق الى نصابه الصحيح اي الى الشعب ولا يترجمها الاخرين على انها عودة لنظام البعث الديكتاتوري الشمولي
جمعة عبدالله