الازمة الضاحكة
تراكمت الأزمات في العراق كل أزمة تتفجر لتتشظى حسب عمقها وقوتها وطول امتداداتها وطبيعتها سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو دينية أو إدارية وقبل إن يتم التعامل معها والتصدي لها والتخفيف من أثارها وإنهاءها تفجر أزمة ثانية وثالثة وعاشرة فتعم الفوضى والتسيب وفقدان السيطرة على أي منها ويتحمل المواطن تبعية هذه الأزمات على اختلافها. تتخبط مراكز المسؤولية في التصدي لهذه الأزمات فتتعامل معا ارتجاليا مما قد يؤدي إلى تضخم الأزمة واستفحالها فقد يتعمد مركز القرار إلى إنكار الأزمة وعدم الاعتراف بوجودها والاستهانة بها مما يعقد الحلول المطلوبة لإنهائها، أو تقوم الحكومة بتوسيع حجمها والنفخ في جوانبها لتصبح بالون كبير تمسكه من احد زواياه لينتفخ من الزاوية الأخرى فتتركه عائما في يضرب أينما يريد.
الواقع إن الأزمات المتراكمة التي طفت على السطح في العراق هي أزمات ظاهرية غير حقيقية، تنطلق الأزمة بشكل مفاجئ تحمل في طياتها رسائل كثيرة خاصة في ظروف الصراع السياسي وعدم الاستقرار الأمني والتنافس الانتخابي ونقص المعلومات المتوفرة عن الخصم السياسي أو للهروب من الضغوطات الاقتصادية والاجتماعية أو لتثبيت موقف مختلف عليه أو الحصول على مكسب يصعب أخذه بالطرق التقليدية أو بهدف التحشيد الجماهيري أو من اجل عملية اختباريه تحتاجها الحكومة لرسم سياستها العامة .
الضعف في التعامل العقلاني والعلمي مع الأزمات وقلة الخبرة في احتواها والسيطرة على امتداد تأثيراتها قد تنفلت خيوطها وتتحول إلى كارثة تعصف بالعملية السياسية وتنهك الاقتصاد وتفكك النسيج الاجتماعي سيما وان المحيط الاجتماعي والبيئة الداخلية في العراق متلقي جيد وارض خصبة لنمو الأزمة وهذا ما يعقد المسالة أكثر. المشكلة في العراق إن الأزمة وان كانت مفتعلة وظاهرية وخيوطها في أيادي المسؤولين الحكوميين أو المعارضين إلا أنهم يعتقدون بان تطويق الأزمة وتفكيكها و العبور من خلالها إلى مرحلة جديدة ووضع أخر يتم بجهدهم الشخصي ويتصورن بان مقدرتهم الإدارية والقيادية تؤهلهم أن يحددوا مسار الأزمة ويوقتوا حياتها ويكبحوا جماحها ، والواقع يقول بان بعض الأزمات الداخلية أو الخارجية التي انفجرت في العراق أو دول المنطقة وتم التعامل معها والتصدي لها بهذا الأسلوب أدت إلى حروب خارجية أو أهلية أو انهيار النظام السياسي والاقتصادي وما تشهده مصر ألان من تخبط سياسي وصراع داخلي خير مثال، كما ما تمر به سوريا من حرب أهلية كانت نتيجة لتفاقم الأزمات والحال نفسه في ليبيا والسودان ولبنان وغيرهم.
في العراق يلاحظ إن الأزمات مفتوحة النهايات ويتبع سياسة تجميد الأزمة أو تأجيل حلها أو إخفاءها، ونتيجة ذلك كلما حدثت أزمة جديدة أطلت برأسها الأزمات المؤجل حلها . إدارة الأزمات لم تعد تخضع لارتجال مسؤول او قيادي في التصدي لها ،إذ الكثير من الدول اهتمت بتدريب وتنمية قدرات المسؤولين لإدارة الأزمات وشكلت مراكز وأقسام وفرق خاصة تتولى التعامل مع الأزمات وقد نجحت في عبورها بأقل الخسائر
. الانتقال من أزمة إلى أزمة دون إقفال ما قبلها جعل من الأزمات سلسلة قيدت الحكومة وأبطئت حركتها في تنفيذ مشاريعها مما اثر على المواطن العراقي الذي ضاق ذرعا من الفشل في تقديم الخدمات وتحسين أوضاعه المعايشة والصحية والتعليمية وخوفه من اشتداد الأزمات وانفلاتها لتهدد أمنه واستقراره سيما وانه لم يعد يثق بالمتصدين للازمات بعد أن أتحفوه ليل نهار بعبارات جاهزة فقدت صلاحيتها …الأزمة في طريقها إلى الحل …الأجواء ايجابية…الأفكار متقاربة، والأزمة من خلفهم ( خربانه ضحك ).