الاتصالات الأميركية الروسية قاربت الأزمة السورية
ما بين اعتراف بعض الدول الساعية نظرياً لاسقاط النظام السوري بتمثيل “الائتلاف الوطني للشعب السوري”، واعتراف البعض الآخر به ممثلا لتطلعات الشعب السوري، وقفت الخارجية الاميركية لتعلن عن ادراج “جبهة النصرة” السورية على لائحة الارهاب الدولي وذلك عشية انعقاد “مؤتمر أصدقاء سوريا” في مراكش.
وبالتزامن أيضاً مع تخفيف لهجة التهديد على خلفية استخدام النظام السوري للأسلحة الكيمائية بدلالة واضحة على أن واشنطن باتت على قاب قوسين أو أدنى من مرحلة اليأس من إمكانية اسقاط النظام أقله في المدى المنظور، وذلك في ظل خشية كبيرة من تداعيات الأزمة وامتداد النار السورية إلى دول الجوار من دون أن توفر اسرائيل.
في هذا السياق، يبرر دبلوماسي شرقي الموقف الأميركي الأول من نوعه بعد اعادة انتخاب الرئيس باراك اوباما بخشية واشنطن من خطورة تداعيات اسقاط النظام السوري قبل تحديد البدائل، وذلك بعد أن أثبتت التجارب خروج الأمور عن السيطرة وتخطيها للسقوف المرسومة في الدول العربية والاسلامية التي شهدت ثورة الربيع العربي بدءاً من تونس مروراً بليبيا وليس انتهاءاً بمصر الذي عاد شارعها إلى الغليان بعد وصول “الاخوان المسلمين” إلى الحكم ومحاولتهم مصادرة نتائج الثورة وعزلها عن المصالح الاميركية والاوروبية وتجييرها لبعض الدول الاسلامية أو الناشطة على الخط الاصولي.
الخطوة الاميركية التي فاجأت بعض الدول الحليفة والصديقة جاءت بعد أن سيطرت الفصائل السلفية والاصولية على القرار السياسي والعسكري للصيغ التي أعدت للمعارضة بدءاً من المجلس الوطني وصولا إلى الائتلاف وباتت هي المتحكمة على الارض في مشهد أعاد إلى الاذهان العمليات الانتحارية المستمرة في العراق وافغانستان وبعض الدول العربية والاجنبية.
ويكشف الدبلوماسي أن ما يجري على الساحة السورية منذ ما بعد اعلان قطر عن تشكيل الائتلاف من حيث اشتداد المعارك ومحاولات المعارضة المسلحة المتكررة لاحراز أي نصر عسكري أو حتى سياسي أو معنوي يعود باصله إلى فترة سماح اميركية ممتدة حتى اعادة تشكيل وتركيب هيكلية الادارة الاميركية الجديدة المرافقة لولاية أوباما الثانية، وبالتالي فإن المعارضة باتت محكومة بسقف زمني لاحراز أي انتصار تضعه في اليد الاميركية لتشكيل ورقة ضغط إضافية على موسكو.
ولا ينكر الدبلوماسي أن عاصمة بلاده تبلغت من الدبلوماسية الغربية عن اتصالات اميركية روسية ناشطة للغاية في أحدى العواصم الاوروبية الغربية البعيدة نسبياً عن صراع المحاور وهي، أي الاتصالات، نجحت إلى حد بعيد في مقاربة الازمات العاصفة بالمنطقة بما فيها الازمة السورية، وبالتالي فإن الأمور قد تنجلي في خلال الاشهر القليلة المقبلة وذلك خلافا لما يعتقده البعض. فموسكو وواشنطن وصلا إلى قناعة مشتركة بأن الحل لا يمكن أن يمر الا عبر السياسة والحوار في ظل انعدام امكانية الحسم لمصلحة أي من الدولتين، وبالتالي فإن واشنطن قاربت نظرية موسكو لجهة الحل تحت سقف النظام ، فيما قاربت الأخيرة الرؤية الاميركية بضرورة اجراء تغييرات جذرية على المستويات كافة وذلك من خلال العودة إلى مقررات جنيف.
ويشدد الدبلوماسي على صحة معلوماته لجهة قيام اتصالات غير معلنة بين موسكو وعدد من فصائل المعارضة السورية من دون أن تنجح في التواصل الكامل مع الأجنحة العسكرية الاصولية والاخوانية اذا ما جاز التعبير، وأن هناك خطوات متقدمة على هذا الصعيد من شأنها أن تدخل المعارضة في صميم الحكومة المرتقبة لترجمة الحوار ونتائجه، غير أن ذلك لا يمنع من القول بأن الحرب السورية ستشهد المزيد من العنف والكثير من محاولات الحسم بانتظار انتهاء الوقت المستقطع.