تقرير أسرائيلي: الانتفاضة الثالثة على الأبواب
كشف المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أليكس فيشمان، النقاب عن أن فرضية العمل الأساسية السائدة في مداولات أجهزة الأمن الإسرائيلية، وبضمنها جلسة مداولات خاصة عقدها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي قبل أسبوعين، تقول إن الظروف اللازمة لاندلاع انتفاضة جديدة في الضفة الغربية قد نضجت، وكل ما تبقى هو الشرارة التي ستشعلها.
ويضيف فيشمان أنه على هذا الأساس تقرر حاليا، وبشكل غير حاد، إجراء تغييرات في نمط عمل قيادة المنطقة الوسطى لجيش الاحتلال الإسرائيلي، بدءا من تغييرات تكتيكية في استعدادات وانتشار قوات الجيش للتعامل مع مظاهرات ومواجهات حاشدة، وانتهاء بإعداد قوات على أهبة الاستعداد تحسبا من حالات تلزم استدعاء قوات كبيرة في حال تدهور الأوضاع في الضفة الغربية. وبعبارة أخرى فإن الجيش يستعد مع قوات أكبر وبوسائل أكثر لتفريق المظاهرات.
ويقوم الجيش، بموازاة ذلك، بجمع وتركيز معلومات استخباراتية، يشارك فيها جهاز “الشاباك”، ليس فقط لجمع المعلمومات عن تنظيمات ومجموعات “إرهابية” وإنما أيضا لفحص اتجاه الشارع الفلسطيني وروحه المعنوية وتوجهاته التي قد تؤشر إلى احتمالات اندلاع الأوضاع في الضفة الغربية.
كما يحافظ كبار القادة العسكريين في قيادة المنطقة الوسطى على حوار مع قادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية، إذ يتضح أن هؤلاء لا يكلفون أنفسهم في الفترة الأخيرة، مشقة الوصول إلى مواقع الأحداث والتظاهرات ويتيحون لهذه النشاطات، خلافا للماضي أن تتسع وتنتشر أكثر. وبحسب فيشمان فإنه في حال لم تكن هذه الخطوات كافية لاحتواء الأوضاع في الضفة الغربية، سيلجأ الجيش إلى خطط جاهزة ومعدة مسبقا تعتمد على تعزيز القوات الموجودة في الضفة الغربية خلال وقت قصير.
وبحسب فيشمان فإن هذه التطورات “السلبية” حسب تعبيره قد بدأت قبل شهور من حملة “عامود السحاب” لا سيما على خلفية رفع أسعار المواد الغذائية والوقود بشكل كبير. وقد حاولت السلطة الفلسطينية في بداية الأمر، منع الاحتكاك مع إسرائيل، لكن سرعان ما تواصلت هذه الأحداث وتتنامى بدعم وتوجيه من السلطة نفسها ضد إسرائيل التي تم تصويرها باعتبارها المسؤولة عن هذه الأوضاع.
وكان لحركة حماس هي الأخرى، ومعها التنظيمات المعارضة لحركة فتح دور في هذه التطورات، فقد أعادت هذه التنظيمات تنظيم قواعدها في الضفة الغربية واستئناف نشاطها فيها. وبحسب فيشمان فإن حركة حماس التي شعرت باستقرار قوتها في القطاع انتقلت للمرحلة الثانية من خطتها للسيطرة على منظمة التحرير الفلسطينية، أعادت بناء آلية تركز جهود إعادة بناء شبكتها وبنيتها الاجتماعية الاقتصادية الدعوية في الضفة الغربية.
وبدأت الذراع العسكري لحركة حماس في الضفة الغربية، وبموازاة النشاط الاجتماعي المذكور، بإقامة خلايا عسكرية في الضفة الغربية، وفي منطقة الخليل على نحو خاص- حيث يقوم جهاز الشابك بمحاربة هذه الخلايا، لا سيما من خلال حملات الاعتقال ووقف عمليات تهريب الأموال إلى الضفة الغربية.
وادعى فيشمان أن حركة حماس قامت خلال عدوان “عامود السحاب” بالإيعاز لرجالها في الضفة الغربية بتكثيف عملياتهم وصولا إلى إشعال نتفاضة ثالثة تعم الضفة الغربية بهدف سحب الجيش الإسرائيلي وتوجيهه إلى الضفة الغربية. وبالفعل فقد تضاعفت النشاطات العنيفة في الضفة الغربية خلال هذه الفترة بـ300% بما في ذلك زرع العبوات الناسفة. صحيح أن قدرة حماس على تنظيم عمليات في الضفة محدودة لكن الحماس لهذه العمليات يواصل تغذية أعمال العنف في الضفة الغربية.
ويلفت فيشمان إلى أن الأمر البارز في هذا السياق ليس عدد العمليات، وإنما الجرأة التي تتسم بها، فقد تم إغلاق طريق رقم 443 قرب بيت حورون من قبل فلسطينيين يحملون أعلام فتح وحماس والجبهة الشعبية عدة مرات. فهم يبلغون السائقين على الطريق أنهم يسافرون في منطقة محتلة ولذلك يقومون بإغلاق الشارع. وهذه ظاهرة جديدة نسبيا قويت بعد الاعتراف بالسلطة الفلسطينية في الأمم المتحدة، وتعكس هنا رموزا سيادية لدولة.
كما تشجع عملية المصالحة بين السلطة وحماس أعمال العنف ضد إسرائيل.فقد توقفت السلطة الفلسطينية عن محاربة مؤسسات الدعوة التابعة لحماس “الذي يشكل الوقود الذي يغذي “إرهاب حماس” ولم تعد تصادر الأموال، ولا تقوم بإغلاق المؤسسات الخيرية التابعة لحماس، مما يلزِم الجيش الإسرائيلي بالعودة إلى شن حملات اعتقالات واسعة.
ويخلص فيشمان إلى القول إن الميدان ناضج لاندلاع الانتفاضة، لكن الشعور السائد في صفوف الأجهزة الأمنية المهنية التي تعمل مقابل الفلسطينيين، هو أنه في هذه الفترة وعشية الانتخابات لا يوجد في صفوف المستوى السياسي الإسرائيلي من يتخذ القرارات اللازمة لنزع فتيل هذه القنبلة الموقوتة.