تقرير غربي: دول الإتحاد الأوربي مهووسه بثروة الأسد التي لا دليل على وجودها!!
بعد شهرين من بدء المظاهرات الاحتجاجية المناهضة للحكومة في سوريا العام الماضي ومع اشتداد حملة الجيش على المحتجين فرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عقوبات على الرئيس بشار الأسد وعلى أفراد أسرته ومسؤولين أمنيين.
وكانت العقوبات تستهدف تجميد ممتلكات وحسابات مصرفية مما يصعب الوصول إلى الأموال ونقل الأصول ويؤدي في نهاية الأمر إلى إنهاء العنف. ولكن بعد 18 شهرا اتسع نطاق القتال وما زالت بروكسل وواشنطن تواجهان صعوبة من أجل أن تحدث العقوبات أثرها.
وليس هناك إحصاء رسمي بشأن حجم ثروة الأسد التي جمدتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية بموجب العقوبات التي تستهدف افرادا وشركات. ولكن بناء على الأموال التي جمدتها بريطانيا وسويسرا التي لا تنتمي للاتحاد الأوروبي من المرجح أن تكون مئات الملايين من الدولارات.
وقال مصدر مطلع في يوليو/تموز الماضي إن سويسرا جمدت أصولا تقدر قيمتها بنحو مئة مليون فرنك (106 ملايين دولار) مرتبطة بالأسد والمحيطين به وشركات سورية استجابة لعقوبات الاتحاد الأوروبي. وجمدت بريطانيا ما قيمته 160 مليون دولار.
لكن دبلوماسيين وخبراء غربيين مختصين بتعقب الأموال قالوا إن البحث كشف عن جزء ضئيل جدا مما يشتبه في أنها شبكة مالية دولية داعمة لحاكم سوريا والدائرة الضيقة المحيطة به.
ويبدو أن الحكومات الغربية تركز بدرجة أكبر على تطبيق مجموعة من العقوبات الأوسع نطاقا مثل تلك التي تمنع البنك المركزي السوري من دخول أسواق المال الأميركية وفرض قيود على التجارة والخدمات بما فيها حظر يفرضه الاتحاد الأوروبي على واردات النفط السوري.
وأفاد خبراء في تحقيقات الشركات من القطاع الخاص أن ذلك ربما يرجع جزئيا إلى أن حجم الثروة الشخصية للأسد – تلك التي يمكنه بشكل منطقي تحويلها إلى أصول سائلة – لا يتجاوز المليار دولار مقارنة مع مزاعم معارضيه عندما بدأت الانتفاضة في مارس/آذار 2011 بأنه يملك عدة مليارات من الدولارات.
وقال إيان ويليس مدير البحوث في شركة الاكو لمعلومات الشركات ومقرها بريطانيا إنه في وقت مبكر من الانتفاضة ترددت “أرقام ضخمة” تزيد عن 120 مليار دولار كتقديرات لثروة الأسد استنادا إلى حقيقة أن أسرة الأسد تسيطر على معظم ركائز الاقتصاد.
وأضاف “في الواقع ورغم أنهم بالتأكيد يملكون الكثير في العديد من القطاعات فإن هذا الرقم لا يقترب على الإطلاق من ذلك فيما يتعلق بالاموال التي يمكن تسييلها ونقلها. يمكن أن أقول إن واحدا بالمئة من هذا الرقم تقدير واقعي على الأرجح”.
وقال مارك دوبفيتس المدير التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات وهي مركز أبحاث في واشنطن “كان هناك شعور أنها ليست أموالا كثيرة وانها ليس لها اثر يذكر على حسابات القيادة فيما يتعلق بصنع القرار”. غير انه قال إنه لا يعلم أن ذلك حقيقي.
وأضاف “النظرية الأخرى العملية – وهذه الأرجح ساخرة بعض الشيء- أنك إذا أردت أن تتخلص من الأسد وكانت هناك فرصة لاقناعه بترك السلطة فإنك على الارجح لا تريد أن تتعقب ثروته لأنك تريد أن تترك له مخرجا ليتسنى له الذهاب إلى المنفى والتمتع بثمار نظامه المستبد”.
وأورد تشارلز كراوفورد وهو سفير بريطاني سابق لدى البوسنة والهرسك وصربيا والجبل الأسود وبولندا والذي ساعد في فرض عقوبات تهدف إلى الإطاحة بالرجل القوي السابق في صربيا سلوبودان ميلوسيفيتش تفسيرا آخر هو التكتيكات النفسية. وقال إن منفذي العقوبات ربما يسعون لإدراج بعض المتشددين افراد النظام دون غيرهم لممارسة ضغط نفسي عليهم.
لكن الافتقار لليد العاملة قد يكون سببا كذلك. فقد قال مبعوث غربي في الإمارات حيث يعتقد أن الاسد واسرة رامي مخلوف ابن خاله وحليفه المالي الرئيسي يملكان أصولا إن التحقيقات في ثرواتهما الشخصية قيمة لكن “ليس لدينا موارد كافية. تحدث كثير من الأمور في المنطقة الآن وهناك قضايا كثيرة لها الأولوية”.
ويقول نيك بورتمان المدير الاقليمي في منطقة الشرق الأوسط لشركة جي.بي.دبليو لتحقيقات الشركات والمقيم في الخليج لندن إن ثروة بشار تستثمر بشكل حذر للغاية في الخارج منذ سنوات عديدة وتحت اسماء وهمية متعددة وشركات معاملات خارجية في دول قوانين الإفصاح فيها ضعيفة أو لا تطبق.
وقال “تجميد الثروة يتطلب تحديد الثروة وهذا يعني في نهاية الأمر الوصول إلى مستشارين ومسؤولين وهو شيء خارج نطاق العمل العادي للجهات الرقابية المالية والتجارية وغيرها من أجهزة تنفيذ القانون المفترضة”.
ويقول مسؤولون غربيون إن المعلومات الواردة من دول الخليج كانت ضئيلة للغاية. وقال دبلوماسي بارز “كنا نتناقش مع روسيا ودول الخليج فيما يتعلق بمخاوفنا من أنهم ربما يستخدمون أنظمتهم المصرفية. ولم يتضح حجم أموال النظام التي ربما ذهبت إلى هناك”.
إلا أنه تم إحراز بعض التقدم.
فهناك على سبيل المثال مخلوف الذي اتهمه وزراء مالية الاتحاد الأوروبي في مايو 2011 بتمويل الأسد. ويخضع رجل الأعمال لعقوبات أميركية منذ عام 2008 لما وصفته واشنطن علنا بالفساد. وفرضت بروكسل عقوبات من جانبها العام الماضي.
وفي يوليو/تموز الماضي أظهرت أدلة نشرتها اللجنة الفرعية الدائمة بمجلس الشيوخ الأميركي بشأن التحقيق في ثغرات مكافحة غسل الأموال في بنك اتش.اس.بي.سي أن مخلوف ووالده كانا المستفيدين من صندوق أنشأه البنك بريطاني في جزر كايمان.
وفي 16 أغسطس/آب أدرج الاتحاد الأوروبي على قائمة العقوبات شركة دريكس تكنولوجيز في لوكسمبورغ قائلا انها مملوكة لمخلوف الذي يستخدمها في تسهيل إدارة اصوله المالية في العالم ومنها حصة أغلبية في شركة الهاتف المحمول سيريتل والتي ادرجها الاتحاد الأوروبي من قبل على القائمة على أساس انها تقدم دعما ماليا لنظام الأسد.
ولم يتسن الاتصال بالشركة للتعليق.
ولم يتسن الاتصال بمخلوف كما لم يتم الرد على الرسائل التي ارسلت عبر سيريتل. ويعتقد ان مخلوف ما زال يقيم في سوريا.
وجمد الادعاء السويسري العام الماضي نحو ثلاثة ملايين يورو اودعها مخلوف في بنك في جنيف للاشتباه في علاقتها بغسل الأموال.
لكن تم فك التجميد عندما استأنف مخلوف الحكم قائلا إن الأموال أودعت بتاريخ سابق على العقوبات التي فرضتها سويسرا في مايو/أيار الماضي.
والدعوى التي رفعها مخلوف واحدة من 35 دعوى قضائية ضد العقوبات على سوريا أمام محكمة العدل الأوروبية أغلبها ما زال ينظر وفق ما ذكره مسؤول بالاتحاد الأوروبي.
وفي قضية أخرى رفع اسم رجل الأعمال السوري عماد غيرواتي من قائمة العقوبات هذا العام بعد أن طعن في قرار ادراجه في دعوى قضائية امام محكمة العدل الأوروبية. وقال مسؤول إن المحكمة قضت بأنه لا داعي لإعلان نتيجة الدعوى رسميا لأن اسمه رفع من القائمة لاسباب لم يكشف عنها بعد رفع الدعوى.
ورد مسؤول بارز بالاتحاد الأوروبي على سؤال بشأن وتيرة جهود الاتحاد الأوروبي لملاحقة أموال الدائرة المقربة من الأسد قائلا ان الأمر يرجع لدول الأعضاء في اقتراح “افكار تتعلق بمرشحين محتملين” كما ان الدعاوى القضائية التي رفعت ضد الإجراءات جعلت النهج أكثر حذرا.
وأضاف “أحيانا عندما ترتكب أخطاء تكون الأدلة المطروحة غير قوية بما يكفي لذلك تكون هناك دائما فرصة للطعن القضائي. ولدينا بعض هذه القضايا أمام المحاكم الأوروبية ويتعين علينا توخي الحذر”.
وربما كانت أكثر هذه القضايا إثارة تلك المتعلقة برومانيا.
وكانت تربط دكتاتور رومانيا الشيوعي السابق نيكولاي تشاوتشيسكو وحافظ الأسد والد بشار علاقات طويلة وقوية. ويقول المنشق السوري محمد الرفاعي المقيم في رومانيا إن العلاقات الوثيقة مستمرة بين البلدين خاصة مع السفير السوري لدى رومانيا وليد عثمان وهو والد زوجة رامي مخلوف.
ويريد الرفاعي وهو طبيب اسنان غادر سوريا في أوائل الثمانينات ليدرس في رومانيا الشيوعية في ذلك الوقت من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي التحقيق في الشركات المرتبطة بعثمان باعتبارها ملاذات محتملة وقنوات لنقل اصول مملوكة للاسد وأسرته الممتدة ومنها مخلوف.
وقال وزير النفط السوري السابق عبدو حسام الدين إن عثمان كان من الذين يقومون بعمليات تحويل الأموال نيابة عن أسرة الأسد. لكن معارضي عثمان لم يقدموا أي دليل على ارتكابه أي مخالفة.
ونشر موقع روماني للصحافة الاستقصائية يدعى “رايز بروجكت” وثائق في مايو/أيار 2012 تظهر حجم النشاط التجاري السوري في رومانيا والذي يشمل شركات مملوكة لأبناء عثمان لكن لم يورد اي دليل على أي صلة لهذه الشركات بالأسد نفسه أو بأصول يملكها.
وقال دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي طلب عدم الكشف عن اسمه إن اسم عثمان وابنائه وابنته رزان على قائمة يحتمل أن تستهدفها العقوبات قدمها نشطاء سوريون معارضون للاتحاد الأوروبي في منتصف سبتمبر/أيلول. لكن اسم رزان كان الوحيد الذي جذب الانتباه.
وفي 15 أكتوبر/تشرين الأول أضاف الاتحاد الأوروبي اسمها و27 اسما آخر إلى قائمة بافراد يستهدف تجميد اصولهم وفرض حظر سفر عليهم ليبلغ العدد الاجمالي للأفراد الذين وقعت عليهم هذه العقوبات 181. ورزان عثمان هي زوجة مخلوف. وقال الاتحاد إنها “على صلة بالنظام السوري ومستفيدة منه”.
ولم يأت رد على طلب إجراء حديث مع وليد عثمان قدم للسفارة السورية في بوخارست. وأكد مسؤول بالسفارة طلب عدم ذكر اسمه أن عثمان تلقى الطلب.
ولم يرد رد على طلب تعليق من رزان عثمان ارسل إليها عبر سيريتل.
وقال مسؤول غربي طلب عدم الكشف عن هويته عندما سئل عن عثمان إن رومانيا من بين الدول التي يجري بحثها كمكان محتمل لنشاط الشبكة المالية الخاصة للاسد.