وكر إرهابي جديد لصناعة الموت والدمار (قندهار الشرق الأوسط )
لقد تاه قوم النبي موسى في وديان سيناء أربعين عاماً, وسيتيه قوم الرئيس مرسي في كهوفها العمر كله, فقد دخلت سيناء في أجندات القوى الشريرة, ورشحتها الدوائر المخابراتية لتؤدي دور البديل لأوكار قندهار في الشرق الأوسط, أو لتكون الأرض الموعودة للفلسطينيين بقرار يصدر عام 2017 بعد مرور قرن من الزمان على وعد بلفور, الذي أطلقه رئيس وزراء بريطانيا الأسبق (آرثر جيمس بلفور) في الثاني من تشرين الثاني (نوفمبر) من عام 1917, في رسالة بعثها إلى اللورد (ليونيل وولتر دي روتشيلد), والتي سجل فيها عبارته الباطلة: ((أرض بلا شعب لشعب بلا أرض)). .
جاء الوعد المشئوم بعد مرور عام واحد على توقيع معاهدة (سايكس – بيكو), التي قطعَّت أوصال العالم العربي بمقص التقسيم النفطي, وها نحن اليوم نقف على بعد بضعة أعوام من تطبيقات صيغة جديدة معدلة لمعاهدة (سايكس – بيكو), ستوقعها القوى الغاشمة عام 2016 لتعيد تقطيع أوصال العالم العربي بمقص التقسيم الغازي, أما شبه جزيرة سيناء فسيكون مصيرها مثل مصير فلسطين, باعتبارها الأرض التي سترثها المليشيات المرتحلة من قندهار والمليشيات الفتية المتشكلة بعد بزوغ فجر الربيع الهمجي, وربما تُقتَطَع منها بعض الأجزاء لاستقبال التجمعات العربية التي ستعلن الهرب من بوابات الجحيم في غزة, بسيناريو مكتوب على جبين التخاذل العربي في زمن الولاءات البنتاغونية الرخيصة. .
فهل ستكون سيناء وطنا بديلا للفلسطينيين المهجرين بالقوة من غزة ؟, أم إنها ستكون نواة لإمارة إسلامية أكثر تطرفا وتشددا من إمارة طالبان في قندهار ؟, وهل ستكون وكرا خبيثا يستفز الشرق الأوسط برمته ؟, أم سداً منيعاً يوفر الأمن والأمان لتل أبيب ؟. . .
لو تتبعنا حكاية أوكار سيناء من بدايتها لوجدنا إن المافيات الجهادية المسلحة تشكلت فيها عام 2002 , وعلى وجه التحديد في الطرف الشمالي منها بقيادة (خالد بن مساعد), وكانت تسعى لإقامة إمارة إسلامية ببنادق ومتفجرات عناصر حركة (التوحيد والجهاد), التي باشرت بتنفيذ مشروع العنف المسلح بتفجيرات (طابا 2004), وتفجيرات (شرم الشيخ 2005), وتفجيرات (دهب 2006), وتفجيرات (المشهد الحسيني 2009), وكانت تضم بعض العناصر المصرية الشرسة, من أمثال (خلف مصطفى). .
من المفارقات العجيبة المشجعة على تشغيل مراجل العنف في جزيرة الأساطير الفرعونية, إن الحكومة المصرية الجديدة تفكر جديا بمشروع تسليح القبائل البدوية المستوطنة في سيناء بذريعة مساعدتها في حفظ الأمن واستعادة الاستقرار, فالبناء والتعمير يخرج عندنا دائما من فوهات البنادق ومواسير القاذفات, وقد أكد وزير الداخلية المصرية على استعداد بلاده لتدريب أبناء القبائل, وتزويدهم بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة, في حين أبدت القوى السياسية العاملة في سيناء مخاوفها من النتائج الكارثية للتسليح العشائري, وعبرت عن خشيتها من تجدد النزاعات القبلية, والعودة بشبه الجزيرة إلى عصور الجهل والتخلف بإشاعة الفوضى في جبالها ووديانها, وبالتالي فإن المشروع يعبر عن اعتراف الحكومة المصرية بعجزها عن حفظ الأمن, واغلب الظن إن هناك بعض القوى التي تريد جر قبائل المنطقة لخوض الحروب الأهلية, وتخطط لإغراقها في مستنقعات المافيات الجهادية المسلحة, التي ستتخذ من الجزيرة مركزاً إقليمياً لها, بالاتجاه الذي يؤهلها لأداء دور البديل العربي لقندهار, وسيأتي اليوم الذي تخرج فيه المجاميع المسلحة من مكامنها لتمنع مرور السفن والناقلات في قناة السويس, أو لتمنع مرورها في مضيق تيران وخليج العقبة, فتكتمل حلقات المنغصات الدولية المبرمجة ابتداءً من مضيق هرمز وانتهاءً بالسويس وتيران مرورا بالقرن الأفريقي ومضيق باب المندب, عندئذ ستتوفر لأمريكا المبررات والمسوغات لتوسيع قواعدها الحربية في الشرق الأوسط, والتدخل المسلح في شؤون المنطقة بذريعة الحفاظ على الاستقرار العالمي, وحماية الممرات الملاحية الدولية. . .
وقفة
الفتن التي تتخفى وراء قناع الدين تجارة رائجة جداً في عصور التراجع الفكري للمجتمعات. .
أبن خلدون