قيادة العمليات وقيادة المالكي
هل أن تشكيل عمليات دجلة دستوريا؟
والجواب على مدى دستورية تشكيل هذه القوات، فأن تشكيلها دستوري وهذا ما أباحه الدستور للحكومة الاتحادية حسب المادة (110) الفقرة ثانيا من الدستور العراقي …
وهذا الأمر لم يكن مع محافظات الوسط والشمال بتسمية قوات دجلة وحسب، بل أضيفت قيادة عمليات الرافدين في الجنوب أيضا..
ولكن هناك سؤال أهم وهو مدى أهمية تشكيل هذه القوات بعد تذبذب أداء باقي التشكيلات العسكرية وكثرة الخروقات المسجلة عليها؟؟ …
فهناك محورين مهمين لإيجاد مثل هذه القوات …
المحور الأول:
فيه مستويين أولهما لزيادة الأرض الممسوكة من قبل القوات العراقية لتقليل فرص تزايد حضور خلايا القاعدة والعناصر المسلحة والتي حاولت في الأشهر القليلة الماضية من توجيه ضربات كبيرة من خلال استهداف العديد من المحافظات العراقية، وزيادة محاولات الهروب المتكررة من السجون العراقية…
وثانيا “لغرض توحيد المعلومات والقيادة والسيطرة وجمع الجهد الأستخباري والأمني للمناطق التي تشكل تهديدا متوقعا لأمن واستقرار تلك المحافظات.
والمحور الثاني:
هناك أمراً أكثر أهمية لدولة القانون ودولة المالكي، وهو الاستحكام على السلطة بشكل يردع أي محاولة لزعزعة الحكم بمحاولات قد تبدو للبعض بعيدة المنال أو يمكن بشكل أو أخر من حصولها في عراق اليوم … ومنع أي فرصة للمعارضين من أن يكون لهم موطئ قدم على قوة سلطة الأجهزة الأمنية إن كان في بغداد أو المحافظات والذي سيعطي دولة المالكي مصدرا أكبر لإرسال الإشارات التكتيكية لحكومة كردستان العراق والتيتعتقد بأنها قد تكون بمأمن من وصول قوات الحكومة الاتحادية لتنافسها في حضورها ومساحة فضاءات سيطرتها أولا على المناطق المختلف عليها إداريا، وثانيا كبح جموح طموحات القادة الأكراد في زيادة رقعة سيطرتهم داخل المحافظات المحاددة لحدود الإقليم…
هل أن تصريح السيد المالكي الأخير حول عمليات دجلة صب الزيت على النار؟
“حيث أكد رئيس الحكومة نوري المالكي، في (24 تشرين الأول 2012) “إن اعتراضات محافظة كركوك على تشكيل قيادة عمليات دجلة لا يستند إلى سند قانوني، وفي حين شدد على أن تشكيل قيادة العمليات هو إجراء تنظيمي وإداري”.
مع تصاعد مشاريع الأزمات بين أطراف العملية السياسية في داخل التحالف الوطني والقائمة العراقية والتحالف الكردستاني يسعى طرفي الخلاف التحالف الوطني والكردستاني على استثمار تلك الأزمات بأوراق ضغط بين طرفي اللعبة الأقوياء حاليا، وهما التحالف الوطني والكردستاني بالشكل الذي يتيح لكليهما بالفوز بأكبر قدر من المحاصصة السياسية التي استحكمت بشكل كبير في التوافق السياسي العراقي، فبعد زيارة وفدي إقليم كردستان العراق الى بغداد والتوافق على حل كل المشاكل العالقة بين الطرفين سياسيا وحكوميا، سمعنا ورأينا بأنهم اتفقوا على حل كل المشاكل حسب الدستور، وهنا تكمن المفارقة واللعب على الذقون كونهم أول من اخترقوا الدستور العراقي بتوافقهم على تحدي دستورنا الجامد وجعله مرنا حسب مقاسات تفسيرهم المصلحي عندما عقدوا أتفاق أربيل والذي شكلت الحكومة الحالية على ضوءه… من حيث يعلمون أو يتجاهلون، كلا منهم أعطى موافقته وتوقيعه على بنود اتفاقية لا يملك الخيار في أعطاء حق تنفيذها كونها تتعارض مع الدستور…
والمثال الواضح على ذلك يظهر أيضا في إقرار قانون انتخابات مجالس المحافظات رغم مشورة المحكمة الاتحادية بعدم قبول الفقرة خامسا من المادة (13) من القانون الذي صوت عليه مجلس النواب العراقي مهرولا نحو الاستحواذ على أصوات الناخبين العراقيين، ولكن تصدي الأحزاب الصغيرة ومنظمات المجتمع المدني وبعض النواب المستقلين حال دون فرارهم بإقرار القانون وتم إرجاعه الى مجلس النواب العراقي لغرض إجراء التعديل اللازم للحفاظ على العملية الديمقراطية عبر الانتخابات الشفافة والنزيهة…
وعلينا بأن لا ننسى بوجود تأثير بعضا من الفواعل الإقليمية والمتغير الدولي والإقليمي بالمنطقة والذي يؤثر بشكل أو أخر على نوع التحالفات السياسية في العراق، وسيحاول الفرقاء الشركاء إبقاء عنصر المماطلة مستمرا حتى دورة انتخابات مجالس المحافظات القادمة في شهر نيسان عام (2013)، ومثالا على ذلك التلويح بتشكيل حكومة الأغلبية السياسية وموضوع استجواب السيد المالكي في قبة البرلمان العراقي، فوسط تبادل الاتهامات والنزوع الى مغانم التحالفات التي تم الحصول عليها بعد الانتخابات النيابية لعام (2010) يحاول القادة الكُرد وقيادة المالكي على زيادة رقعة سلطتهم وحضورهم في البلد عبر التنازع على مقدار ما يمكن تقديمه من تنازلات للوصول الى حل وسط يرضي جميع الأطراف، وحتى ذلك التاريخ سيتعرف الجميع على حظوظ قوته وحضوره في الشارع العراقي، والذي سيبنى عليه مقدار ما تقدمه الأطراف المتصارعة من توافقات إن كانت في الالتزام بالدستور أو القوانين المرعية بالبلد كونها تراعي مصالحها قبل مصلحة بناء دولة عصرية ديمقراطية تعمل على تلبية حاجات أبناءها قبل حاجات كتلها وأحزابها….
باحث وإعلامي: