هل يواجه أوباما بن لادن جديداً في شمال سوريا؟
خيبتان أصابتا الذين راهنوا على نجاح المرشح الجمهوري ميت رومني وفريقه الذي يضمّ 16 شخصية من أصل 20 كانوا بين مستشاري الرئيس الاميركي السابق جورج بوش الإبن، وفي مقدمهم ما يسمّونه «صقر الصقور» جون بولتون.
فالخيبة الاولى، كانت في عودة الرئيس باراك اوباما الى رئاسة الولايات المتحدة لولاية ثانية بعدما راهن كثيرون على استحالة إعادة انتخاب رجل أسود يتمتع بجذور اسلامية للبيت الابيض ذي الطقوس الانكلوسكسونية البروتستانتية.
اما الخيبة الثانية، ولعلّها الاكثر أهمية، فهي حرص اوباما على أن يُضمِّن «خطاب النصر» تعهداً واضحاً بألّا تتورّط بلاده في حروب جديدة، في وقت يسعى كثيرون الى دفع واشنطن للانزلاق مجدداً الى مثل هذه الحروب. ومصدر خيبة هؤلاء انّ التفسير السياسي لهذا التعهد الرئاسي الأميركي هو انّ اوباما بات ملتزماً نهج عقد تسويات، وربما صفقات، مع الدول الكبرى في العالم، وفي مقدمها روسيا والصين.
ولقد زاد من خوف الخائبين أن تقود واشنطن وموسكو عملية سياسية كبيرة من أجل حلّ الأزمة السورية وأزمة الملف النووي الايراني، بدلاً من أن تكون الولايات المتحدة الاميركية طرفاً متورطاً في إحدى الازمتين.
ولعلّ ما كشفه تقرير نشرته صحيفة خليجية عن محضر اجتماعات عُقدت بين السفير الاميركي في سوريا روبرت فورد وسفيري فرنسا وبريطانيا مع ثلاث مجموعات سورية معارضة كان فيها السفير الاميركي واضحاً في التأكيد أن بلاده وحلفاءها سيساعدون المعارضة على امتلاك قوّة مسلحة تستخدمها للضغط على النظام لكي يقبل التفاوض معها، ذلك أنّ أُفق الأزمة في سوريا هو مفاوضات مع النظام، وهو ما كرّر قوله المسؤول عن الملف السوري في الخارجية البريطانية جون ويليكس لوفد من المعارضة السورية من أنّ على هذه المعارضة «أن تستعد لمواجهة هزيمة كبرى».
فهل ستعطي الانتخابات الاميركية دفعاً لمساعي التسوية السياسية في سوريا؟ ام انّ الامور ستبقى مفتوحة على كل الاحتمالات، خصوصاً انّ القوى المسلحة الفاعلة في شمال حلب هي قوى لا تأتمر بأمر الولايات المتحدة، إذا لم نقل إنها تعتبر نفسها معادية للسياسة الاميركية، وهو أمر يُربك الأميركيين وحلفاءهم الغربيين لأنهم يخافون من سقوط سوريا في أيدي اعداء جذريين لسياستهم؟
ولذلك، يخشى مهندسو السياسة الاميركية من ان تصبح الحرب السورية ثلاثة حروب: حرب بين النظام وبين المعارضة المدعومة خليجياً وتركياً وغربياً من جهة، وحرب بين النظام وبين المعارضة الجهادية المتطرفة من جهة ثانية، وحرب بين المعارضة الجهادية المتطرفة وبين المعارضة المدعومة اقليميا ودوليا من جهة ثالثة.
ولعلّ ما يريده الاميركيون من المؤتمر المنعقد في الدوحة لتوحيد المعارضة السورية، هو تشكيل اطار قادر على السيطرة على المجموعات المسلحة كلها، ولو أدى الامر الى استخدام القوة ضد المتطرفين من المسلحين. لكنّ الإشكال هنا هو أن المعارضات المجتمعة في الدوحة، وفي مقدمها المعارضة العسكرية، تدرك انّ موازين القوى الفعلية في ريفي ادلب وحلب هي لمصلحة المسلحين المتشددين الذين لا يمكن السيطرة عليهم.
فهل يَجِد اوباما نفسه في ولايته الثانية أمام بن لادن جديد يولد في شمال سوريا، بعدما اعتبر أنّ القضاء على بن لادن الأصلي في باكستان كان من أهم إنجازاته؟