الدبلوماسي المخضرم “أدوارد دجيرجيان”: أخشى من “تدويل النزاع المذهبي” في سوريا!!
أوضح المفاوض السابق والدبلوماسي في ثماني إدارات أميركية، والسفير السابق في سوريا، أدوارد دجيرجيان لصحيفة “الحياة” أن “الوضع في سوريا يتجه إلى “لحظة سربرنيتسا”، نسبة إلى المذبحة التي ارتكبتها القوات الصربية وحتمت تدخلاً دولياً في البلقان في التسعينات”.
وأعرب دجيرجيان، الذي خدم في منصب السفير لدى سوريا، عن خشيته من “تدويل النزاع المذهبي“، موضحا أن “تنظيم صفوف المعارضة خطوة ضرورية قد تمهد لإرسال مساعدات “نوعية” إلى الداخل السوري”.
ووصف دجيرجيان أن “ما يجري في سوريا مأساة إنسانية مستمرة لأن كلاً من النظام والمعارضة يشعران بقدرتهما على الانتصار بالقوة العسكرية، ولذلك ليس هناك زخم حقيقي لتقديم تنازل سياسي”.
وأوضح الدبلوماسي السابق، الذي يدير حالياً معهد جيمس بيكر للسياسة العامة، أن “جهود لقاء الدوحة لتوحيد صفوف المعارضة وتنظيمها “محوري” وأن “إيجاد هيكلية جديدة تردم الفجوة بين معارضة الداخل والخارج” سيعني “إمكانية إيصال المساعدة الدولية إلى المعارضة لأن أحد المشاكل الأساسية اليوم هو تحديد عنوان لهذه المساعدة سواء كانت مادية أو إنسانية أو عسكرية”.
وأوضح أنه “إذا أرادت دول الخارج إرسال أي معدات عسكرية جدية ضد الطائرات أو أسلحة ثقيلة إلى المعارضة عليها التأكد من أن السلاح لن يقع في الأيدي الخطأ مثل المجموعات المتطرفة”. واعتبر أن “تقديم سلاح نوعي للمعارضة سيساعد في وضع النظام في موقع أكثر تأرجحاً كونه يحارب بالطائرات والدبابات والمدرعات اليوم”.
وشدد دجيرجيان على أن “إيجاد هيكلية فعالة للمعارضة ليست حصراً لإرسال السلاح بل أيضاً لتقديم الدعم الإنساني والاقتصادي والسياسي، ولضمان أمن هذه الأماكن التي ستصل إليها المساعدات”، معتبراً أنه “ليست هناك مساعدات إنسانية محض في النزاعات وكون الغطاء الأمني ضروري”.
وأكد أن “الوضع في سوريا يتجه إلى حرب مذهبية قد تهز الاستقرار في قلب العالم العربي… وستكون له تداعيات على كل دولة محيطة بسوريا”. وأشار إلى أن “الإسرائيليين متخوفون أكثر اليوم من انهيار دولة على حدودهم“.
ولفت الى أن “الوضع القائم بحيث يدعم الروس والصين وإيران وحزب الله جهة في سوريا فيما تدعم الدول الأخرى الجهة الأخرى قد يضع النزاع المذهبي في إطار التدويل وهذا هو السيناريو الأسوأ الذي يجب تفاديه”.
ورأى دجيرجيان أن “الأزمة في سوريا اقتربت من لحظة سيربرينتسا وبمأساة إنسانية كالتي عاصرتها البوسنة، حين قتلت القوات الصربية ثمانية آلاف شخص ما حتم تدخلاً دولياً في 1995”.
وأوضح المسؤول السابق أن “سنوات عدة (تجربة البوسنة) أخذتنا حتى وصلنا إلى هذه النقطة إنما المجتمع الدولي شعر بضرورة التحرك على رغم كل الأسباب العقلانية لعدم القيام بذلك… إن المأساة الإنسانية في سوريا قد تصل إلى هذه اللحظة”.
واعتبر أن “سقوط النظام السوري هو حتمي إنما الهيكلية التي وضعها الرئيس السابق حافظ الأسد هي مرنة ومن أفضل الأنظمة السلطوية في العالم العربي”، لافتا الى “تراجع قوتها اليوم وأنها تخسر نفوذها في أنحاء من البلاد”.
وأضاف: “ما من شك أننا ذاهبون في مرحلة ما بعد الأسد إنما مدة ذلك يعتمد على شكل المعارضة والدعم الدولي الفاعل”. ورأى أن “هذين العاملين (توحيد المعارضة والدعم الدولي) قد يساعدان الموفد العربي-الدولي الأخضر الإبراهيمي في الدفع إلى مرحلة انتقالية ويزيدا من احتمالات الحل السياسي”، مشيرا إلى أنه “من دون توحيد المعارضة لن تغير كل من روسيا والصين موقفها”. وتوقع أن “يتضح الرد الدولي بعد محادثات الدوحة ومع فوز الرئيس الأميركي باراك أوباما بالولاية الثانية”.
وقال بمناسبة سابقة أن أول الخاسرين من سقوط الأسد هما حزب الله وأيران
أكد السفير الأمريكي السابق في سوريا بين 1988 و1991 – مدير معهد جايمس بيكر للدبلوماسية العامة أدوارد دجيرجيان – أن الوضع في سوريا وفي غياب أي حدث استثنائي، يتجه نحو مواجهة طويلة لن تأتي بمنتصر أو مهزوم، معتبرًا أن الرئيس السوري بشار الأسد ليست لديه السيطرة الكاملة على مقاليد الحكم أو ميزة الحسم في القرارات.
وخلال مقابلة أجرتها معه صحيفة “الحياة” قال السفير الأمريكي السابق: “غياب الوحدة وعدم وجود اتجاه سياسي متماسك لدى المجموعات السورية المعارضة، يصبان في مصلحة النظام وفي استمراره بالتشبث في السلطة”.
وأضاف: “سيطرة الفئة العلوية على قوات الأمن والجيش، إلى جانب ولاء مجموعات مستفيدة حتى الساعة، يعطي النظام شريان حياة، إنما لا أعتقد أن هذا الأمر قابل للاستمرار في المدى الطويل”.
وأردف أدوارد دجيرجيان: “استمرار المواجهات الدموية بين المتظاهرين والجهاز الأمني للنظام، وتفاقم الوضع الاقتصادي المتدهور بسبب العقوبات الدولية، وازدياد عزلة سوريا، تضع شرعية النظام قيد التساؤل اليوم، وهي بالفعل صارت مفقودة في نظر الكثير من الدول”.
وتابع: “نقطة التحول في هذا الواقع، هي عندما يصبح الشارع السوري في حلب ودمشق مركزًا للتظاهرات، على غرار ما يجري في درعا وحمص وحماة واللاذقية ودير الزور وأماكن أخرى”.
وقال السفير الأمريكي السابق: “تحذير رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان في القاهرة من خطر الحرب المذهبية في سوريا، قد يصبح واقعًا بالفعل، وأحذر من أن هكذا سيناريو يمثل خطرًا واضحًا على الشعب السوري أولاً وعلى المنطقة ككل، أما الرئيس الأسد فهو لم يستفد من المساحة التي أعطتها له دول المنطقة والمجتمع الدولي، للقيام بإصلاحات جدية”.
وحول ما إذا كانت العقوبات ستؤدي إلى انهيار نظام الأسد، أجاب: “العقوبات الدولية فاعلة طالما أنها شاملة ومن أكثر من طرف، أما العقوبات الفردية، فيمكنها أن تضر، وهي غالبًا رسائل سياسية”.
وقال: “انضمام دول أكثر إلى قافلة العقوبات ضد النظام السوري، سيعني ضغوطًا أكبر على الأسد، وسيكون لها مفعول، والمهم في ذلك حصد موافقة دول محورية في مجلس الأمن الدولي مثل روسيا والصين”.
وأضاف دجيرجيان: “الخيار العسكري ليس واقعيًّا في الإطار السوري وبالتأكيد يكون من الطائش للولايات المتحدة أن تنخرط في عملية عسكرية أخرى في الشرق الأوسط الكبير، في ضوء التزاماتنا العسكرية في العراق وأفغانستان ومع حلف شمال الأطلسي في ليبيا”.
وأردف: “لسنا أمام واقع في سوريا يمكن إدارته مباشرة من الخارج، فديناميَّات التغيير في سوريا ستأتي من الداخل، وفي إمكان المجتمع الدولي أن يدعم قوى التغيير في سوريا لا أن يقودها، وإن تغيير المعادلة يكون إما بحدث محفز ونوعي غير متوقع، أو بثورة الشارع في حلب ودمشق”.
وقال دجيرجيان: “ما من شك في حال تغيَّرَ النظام في سوريا، أن الخاسرَيْن الأساسيين والفوريين هما إيران و”حزب الله”؛ لأن سوريا تمثل يد إيران الطولى في العالم العربي وفي المشرق، ووكيلها المسهِّل مع “حزب الله”.
وأضاف: “تراجع تأثير إيران في المنطقة وخسارة “حزب الله” لسوريا كحليف سياسي ونقطة عبور للدعم الإيراني، سيغير دينامية المنطقة في شكل مهم
“.