كلينتون في الجزائر لإقناع بوتفليقة بالتدخل في مالي
تقوم وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون الاثنين بزيارة الجزائر تستغرق بعض ساعات سعيا للحصول على دعم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لتدخل عسكري محتمل في شمال مالي المحاذي لجنوب الجزائر لطرد الاسلاميين المسلحين الذين يسيطرون عليه.
ووصلت كلينتون فجرا الى العاصمة الجزائرية اجرت محادثات مع نظيرها مراد مدلسي قبل ان يستقبلها الرئيس بوتفليقة على مائدة الغذاء.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية متحدثا في الطائرة التي اقلت كلينتون “ان الجزائر هي اقوى دول الساحل واصبحت بالتالي شريكا اساسيا لمعالجة مسالة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي”.
وقال المسؤول الاميركي الذي طلب عدم ذكر اسمه “يجب ان تكون الجزائر في صلب الحل للخروج من ازمة شمال مالي المحاذي لحدودها”.
وكانت الجزائر تعارض اي تدخل عسكري دولي في جارتها الجنوبية خشية ان تؤدي الازمة الى “زعزعة الاستقرار” على اراضيها حيث يقيم 50 الفا من الطوارق، لكنها تراجعت مؤخرا عن موقفها هذا.
ويحتل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي وحلفاؤه الطوارق من جماعة انصار الدين وحركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا منذ نيسان/ابريل شمال مالي حيث فرضوا الشريعة الاسلامية وقسموا هذا البلد الذي يشترك مع الجزائر في حدود طولها 1400 كلم.
اعتبرت الجزائر ان قرار مجلس الامن بشان التدخل العسكري لاستعادة شمال مالي من الاسلاميين المسلحين “ايجابي” وانه اخذ بعين الاعتبار “العديد من العناصر” الواردة في الخطة الجزائرية لحل ازمة هذا البلد.
لكن الجزائر لم تعلن انها ستشارك باي شكل من الاشكال في التدخل العسكري على حدودها الجنوبية، كما اكدت ان الهدف الاول للتدخل العسكري يجب ان يكون “محاربة الارهاب”.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الجزائرية عمار بلاني “نعتبر ان استعمال القوة يجب ان يتم بتبصر من أجل تجنب اي خلط او غموض بين سكان شمال مالي (الطوارق) الذين لهم مطالب مشروعة والجماعات الارهابية وتجار المخدرات الذين يجب ان يكونوا الهدف الاول لكونهم مصدر الخطر الذي يهدد المنطقة”.
واعلن كبير اعيان قبائل الطوارق في تمنراست (2000 كلم جنوب الجزائر) رفضه التدخل العسكري في شمال مالي معتبرا انه “مقدمة لاقامة قواعد عسكرية” في الصحراء، كما صرح لصحيفة الخبر الاثنين.
واكد النائب في البرلمان محمود قمامة “ما تطلبه أميركا وفرنسا من تدخل أجنبي سيخلق الكثير من المشاكل، ونحن كأعيان منطقة الأهقار نطالب الجزائر بالصمود في موقفها ضد التدخل الأجنبي”.
وتابع “الموقف الصحيح هو رفض التدخل الأجنبي والإصرار على الحل السياسي وطلب الحوار”.
واصدر مجلس الامن الدولي في 12 تشرين الاول/اكتوبر قرارا يمهد لنشر قوة دولية يقارب عديدها ثلاثة الاف عنصر في مالي، ويمهل المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا (سيدياو) 45 يوما لوضع خططها. وابدت الولايات المتحدة وفرنسا استعدادهما لتقديم دعم لوجستي.
وراى دبلوماسي اميركي اخر ان الجزائريين “يؤيدون بشكل متزايد فكرة” تدخل عسكري تقوده مجموعة دول غرب افريقيا.
والجزائر التي تملك جيشا قويا لديها معلومات استخباراتية وخبرة كبيرة في مكافحة الارهاب وقد تصدت على مدى عشر سنوات للجماعة الاسلامية المسلحة ثم الجماعة السلفية للدعوة والقتال التي انبثق عنها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، كما ان لديها نفوذا على الطوارق بعدما سهلت عدة مرات المفاوضات بين دولة مالي والمتمردين.
وكشف قمامة عن لقاءات جرت مؤخرا في تمنراست بين السلطات الجزائرية ومجموعة من قيادات المتمردين في شمال مالي يرجح أن يكونوا من حركة أنصار الدين وحركة تحرير الأزواد، بحسب صحيفة الخبر.
وفرنسا والولايات المتحدة الاميركية اللتان تقودان هذا الملف مستعدتان لتقديم دعم لوجيستي، لكنهما تعتبران انه “لا يمكن تجاوز” الجزائر لحل هذه الازمة.
وبراي بيار بوالي مدير مركز الدراسات الافريقية فان “التدخل في شمال مالي ممكن بدون الدعم العسكري للجزائر لكن ليس بدون موافقتها”.
باريس بدورها تسعى لدفع الجزائر الى قبول عملية عسكرية دولية، لكن خبراء ودبلوماسيين يعتقدون ان الجزائر تستمع اكثر لصوت واشنطن التي لا تريد التسرع.
وكتب المحلل في منظمة مجموعة الأزمات الدولية جيل يابي قبل ايام “بالنطر الى التعاون الوثيق في المجال العسكري والامني بين الولايات المتحدة والجزائر، فان الاميركيين يمكن ان يكونوا اكثر تفهما من الفرنسيين لحساسية الجزائر من مسالة التدخل العسكري الاجنبي”.
وبدا بيان وزارة الخارجية الجزائرية جد حذر حول زيار كلينتون واكتفى بقول ان المحادثات “ستتناول ترسيخ الشراكة الاقتصادية والامنية بين البلدين وآخر المستجدات على الساحتين الاقليمية والدولية”.