لماذا يغتالون طه حسين بعد موته..!
من حين لاخر تنبري بعض الأقلام والأصوات الارتزاقية المأجورة لتهاجم عميد الادب العربي الدكتور طه حسين والتطاول عليه وهو في قبره وتتهمه ب “الزندقة ” و”الكفر” و”الالحاد” و”الردة”عن الاسلام
. وهذه الحملة الظالمة، والمتزمتة، والعمياء التي تشنها هذه الاقلام الحاقدة والقوى الظلامية والجماعات الاصولية المتعصبة والمنغلقة تستهدف اولاً وقبل كل شيء الاساءة الى واحد من ابرز الوجوه المضيئة والأعلام الساطعة في النهضة الثقافية العربية المعاصرة ،النيل من أفكاره الطليعية النيّرة والعميقة ،وتشويه صورته الزاهية وسيرة حياته الغنية بالعطاء الفكري والأدبي والاجتهاد العلمي .
ان حقد الجماعات الظلامية التكفيرية المتعصبة البهيمي على طه حسين نابع من أفكاره الانسانية وفلسفته ورؤيته الحضارية الرحبة والمشرقة للتراث العربي الاسلامي التي لا تنال اعجابها ولا تروق لها ،ولأنه كان نصيراً مثابراً وداعياً الى التمازج والتلاقح الثقافي بين الحضارات العالمية ،ومدافعاً عن حرية التعبير والتفكير التجديدي والديمقراطي ،واحترام كرامة الانسان ومعتقده الديني والمذهبي وحريته الشخصية ،الأمر الذي يتناقض مع الطرح الديني المتعصب والمنغلق .
الهجوم الكاسح والظالم والافتراء الرخيص على طه حسين واغتياله وهو ميّت ،هو اعتداء على حرية الكلمة والفكر المستنير والرؤية الديمقراطية الحضارية الشاملة والطموح الانساني في الحياة المدنية والعصرية الذي كان يتطلع ويرنو اليه طه حسين ويحلم به ،وهو دليل ومؤشر حقيقي على رداءة الواقع العربي السياسي والاجتماعي والفكري ،المصاب بالشلل الثقافي والتمزق القومي والتخلف والبلادة والزيف والتحجر والتزمت والتطرف والارهاب الديني المعادي للتقدم وحرية التفكير والمعتقد السياسي والمسلك الفكري والممارسة الحرة.
ولذلك فان هنالك ضرورة ملحة وحاجة ماسة للمواجهة الفكرية والمعركة الحضارية والتصدي لنهج وفكر قوى الارهاب الاصولي وعقليتها الارتدادية المتشددة ،التي تخاف الفكر التنويري والنهضوي ،وتعريتها سياسياً وفكرياً امام الجماهير وفضح ممارساتها وتوجهاتها وافكارها السلفية ومعاداتها لكل ما هو تجديدي وحضاري ومتنور ،وهجومها المقصود والعلني على كل الرجال النهضويين الذين حملوا فكرا مستنيراً مدنياً بعيداًعن القداسة والتزمت.