الفساد ينخر بالدولة العراقية
من مصائب الزمان وغرائبه في عراق اليوم بعد سقوط النظام الدكتاتوري وحل محله نظام سياسي هجين وهش يعتمد على الطائفية والاثنية , وغير قابل للتطور والتجديد , او يتخلص وينزع ثوب الطائفية , حتى يواصل ديمومة الحياة ليرتقي الى مستوى الاحداث والتطورات الراهنة نحو الافضل والاحسن .
المسار السياسي تلكئ وتراجع بخطوات ثابة الى الوراء , وتخلى كليا عن آمال وتطلعات الشعب نحو الحرية والكرامة والغد المشرق , وتنازل عن الشعور والاحساس والمسؤولية الوطنية , بل ان مرض سرطان الفساد اصاب اطراف العملية السياسية وكتلها البرلمانية , واحتل الفساد مكانا بارزا في الدولة والحكومة , وصار يتحكم بالحياة السياسية وفي صنع القرار السياسي وفي مصير الشعب , لذا فليس من الغرابة والعجب ان تكتشف كل يوم فضيحة فساد او ختلاس او احتيال على اموال الدولة , ويكون ضحيتها او كبش فداءها الملايين من العوائل الفقيرة وذوي الدخل المحدود . فما من مشروع يقام او اعمار اوبناء منشاءت او اقامة جسور او تبيليط شوارع وطرقات عامة او مرفق حكومي إلا وكان الفساد سيد الموقف .
ما من انفاق او صرف حكومي إلا وكان حظ الفساد هو الابرز . ما من عقد اتفاقيات او عقود تجارية او صفقات لشراء الاسلحة او شراء مواد اخرى مثل شراء ادوية او مواد غذائية او سلع اخرى تجارية اوخدمية إلا وكان الفساد له حصة الاسد , بهذا المنحدر الخطير يكون بمثابة هزيمة للدولة ولحكومة الشراكة الوطنية , وانتصار للفساد والمفسدين , ولقد استغل اصحاب عمليات السلب والنهب غياب الدولة والحكومة والبرلمان من المراقبة والمتابعة والمحاسبة القانونية , وتساندهم في عمليات اللغف والشفط سياسة الحكومة الارتجالية والعشوائية والتخبط في اصدار القرارات , بهذا النمط في ادارة شؤون الدولة , ساعد بشكل كبير انتشار الفساد في جميع مرافق الدولة كالاخطبوط , حتى وصل الحال ببعض اعضاء البرلمان ان يؤسسوا اويفتحوا شركات او يساهموا بالشركات الاخرى باعلى الاسهم ويكون هدفها الابتزاز والاحتيال وغسل الاموال وعمليات النهب بطرق غير شرعية
.لذا فان عواصف الفساد نهبت الاخضر وقوت الشعب , وحرمت سبعة ملايين تحت خط الفقر من بعض هذه الاموال , ان هذا الواقع المزري والمرير يتحمل مسؤوليته الاطراف السياسية المتنفذة وكتلها البرلمانية , التي امتلكت المسرح السياسي وتقاسمت السلطة والنفوذ حسب المحاصصة السياسية , التي جلبت البلاء والازمات للشعب العراقي , واهدرت فرصة تاريخية للاصلاح الجذري , ونشل الشعب من التركة الثقيلة التي خلفتها السلطة الدكتاتورية وانقاذه بحياة كريمة تضمن مستقبله وتحقق الحرية والكرامة والغد المشرق الديموقراطي , فقد ظلت الوعود بالاصلاح السياسي والاقتصادي واستقرار البلد حبر على ورق , واستقرت بالدفاع عن الفساد والمفسدين وراحت تضخم ارصدتهم تحت رعايتها , بل ركزت ضرباتها على مقدرات الشعب ومحاربته في خبزه المر , وفي التلاطم والمنافسة على الغنائم والكعكة العراقية , وتناست الازمات التي يعاني منها المواطن وفي دفعه بقوة الى محرقة الفقر والعوز المالي .
وهذا يستدعي بدون شك من قوى الشعب الوطنية والديموقراطية ان تدافع بقوة وشراسة عن مصالح هذه الملايين في حقها في الحرية والكرامة , واجبار السلطة التنفيذية على التراجع عن القرارات التي تصب في محاربة خبز العوائل الفقيرة وحق الشعب في التظاهر السلمي وحقه في التعبير ومشروعيته في الغد الافضل . ان هذه الحقوق لاتكتسب اوتعطى بشكل منحة اوهبة , بل تنتزع في سوح النضال الجماهيري اليومي وعبر تجنيد طاقات الشعب في معترك النضال بكل الاشكال السلمية , يجب ان يصدح صوت الشعب بكل قوة وجبروت حتى يسمعه بوضوح سكنة المنطقة الخضراء , الذين يعشون في جنة الخيرات , والشعب في واد اخر من الفقر والعوز وضنك الحياة . ان ارادة الشعب النضالية يجب ان تترجم في الشوارع والساحات لاستئصال الاورام الخبيثة التي تعيق طريق الشعب في تحقيق حقوقه المشروعة
جمعة عبدالله