الصين والطريق إلى القمة

يتصف الاقتصاد الصيني بالتوجه نحو الخارج. أما اليوم فالاتجاه معكوس نحو الداخل. والقفزة الكبرى غير متاحة الآن. هل وصل الاقتصاد الصيني إلى الطريق المسدود؟ بالطبع لا. لقد انخفض معدل النمو من 10 بالمئة إلى 7,4 بالمئة (وهو معدل مرتفع مقارنة بمعدل نمو الاقتصادات الغربية المنخفضة جداً). وإذا نظرنا إلى اقتصاد أوروبا وأميركا المثقل بالديون الهائلة لرأينا ان النتيجة النهائية مرضية.
لقد انخفض مؤخراً مؤشر الأسهم في بورصة شنغهاي، كما ان زيادة الإنتاج الصناعي بقيت دون التوقعات، بما فيها بناء السفن التجارية وصناعة المجوهرات. ولكن بعض الإنتاج الصناعي يشهد نمواً يتفوق على منتجات «اريكسون» السويدية.
هل يبقى الاقتصاد الصيني مصرف العالم؟ يقول روبرت زوليك مدير البنك الدولي السابق ان الاقتصاد الصيني يحتاج إلى إصلاحات جذرية، أي بيع شركات القطاع العام إلى القطاع الخاص. (إنه نظام رأسمالية الدولة) أي ان الاقتصاد الصيني، في رأي زوليك، عليه الآن أن يقلب الصفحة نحو الاقتصاد الرأسمالي على النسق الغربي.
تصنع الصين تقريباً كل المنتجات والأجهزة التي تحتاجها أوروبا وأميركا وبأسعار منخفضة مع نوعية جيدة. والتي يتم تصديرها عبر المرافئ الصينية الواقعة في الجنوب، بالقرب من هونغ كونغ، إن التصدير يتم الآن بصعوبة أكبر نظراً لتردي الأوضاع الاقتصادية في أوروبا وأميركا. ولكن على الرغم من ذلك يتجه المجتمع الصيني إلى ان يصبح مجتمعاً صناعياً، كما هو الأمر في اليابان وفي كوريا الجنوبية.


تعتمد الصين في صنع مستقبلها على علمائها، الذين ينشطون الآن لاستيعاب التكنولوجيا المتقدمة وللزيادة على مصادرها. وللصين مركزها للتطورات العلمية في مدينة وونغ غوات. ويقود العالم زيانغ بينغ يون مع المئات من زملائه تشغيل الأجهزة التي تعتمد على شبكات النيترون، والتي يجري العمل عليها منذ ست سنوات، والتي لا مثيل لها إلا في أميركا وبريطانيا وسويسرا واليابان.
ويقول العالِم المذكور أيضاً إنه وأعضاء فريقه سيتابعون الأبحاث لتطوير مواد الإنتاج، بما فيها الكيمياء الحيوية والجينات. ويمهد هذا الطريق إلى إنشاء الشركات التكنولوجية المتقدمة. وتتبنى هذا التطوير لجنة التخطيط في الحزب الشيوعي الصيني، بما يكفل الدعم الحكومي لها
.
تبقى الساحة الصينية مرتعاً لصراع الأفكار ومن أهمها السؤال حول السلطة السياسية وحول اتجاه التصنيع والتصدير، أي هل يتم التركيز على الإنتاج من أجل التصدير إلى الخارج أم ترك المجال للشركات التجارية التي تتوجه نحو الداخل؟
إن المزيج من الأفكار الاقتصادية ـ السياسية التي قادت الصين إلى المعجزة الاقتصادية الحالية، تقف الآن أمام مفترق طرق قد يؤدي إلى جعل الصين القوة الاقتصادية الأولى في العام 2020. ولذلك تطور الصين الآن بنية تحتية ضخمة من طرق وجسور ومجمعات صناعية وسكنية وخطوط كهرباء وطاقة، لم تعرفها الإنسانية من قبل.
ولتبيان بعض المؤشرات الإحصائية لا بد من ذكر أن الناتج المحلي للصين في عام 1985 كان 307 مليارات دولار وأصبح الآن 7298 مليار دولار، وكان إجمالي التصدير يبلغ 27 مليار دولار، أما اليوم فهو 1899 مليار دولار. وكانت تصنع 100 ألف سيارة في العام، أما الآن فهي تصنع 15,200 مليون سيارة.

 

Similar Posts

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *