حرب غزة: لماذا تقف واشنطن في الصفوف الخلفية؟

تبدأ وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون لقاءاتها اليوم مع زعماء إسرائيل في تلّ أبيب، لتتوجه بعدها إلى رام الله للاجتماع بالسلطة الفلسطينية، قبل أن تنتقل في وقت لاحق إلى القاهرة للقاء المسؤولين المصريين. زيارة كلينتون هدفها «منع تصعيد الصراع العسكري في غزة»، في ما يعكس قلقاً أميركياً متزايداً من غزو بري تلوّح به إسرائيل بعد مرور أسبوع على بدء عدوانها. هذا ما نقله نائب مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض بن رودز من العاصمة الكمبودية بنوم بنه حيث يحضر الرئيس الأميركي باراك أوباما قمة آسيوية، في مشاركة فسّرها كثيرون انحرافاً في سياسة أميركا الخارجية نحو آسيا.

 
ومهما يكن من آمال معقودة، من طرفي الصراع، على الزيارة الأميركية، وأياً تكن المعطيات التي تؤكد محورية واشنطن في حلّ النزاع، إن لم تجزم بأنها الوحيدة القادرة على حلّه، يبقى الأداء الذي قدمه مسؤولوها في الأسبوع الماضي أقل من المستوى المطلوب بدرجات مضاعفة. علماً أن زيارة كلينتون قد يصدف وتترافق مع إعلان جدي باتجاه التهدئة، في سيناريو يصبّ، بقصد أو بغير قصد، في سياق إعلاء الدور الأميركي «الداعم للسلام».

 
لقد أظهرت الأيام الأخيرة واشنطن عاجزة عن التأثير في الصراع المتصاعد، وهو ما يُعدّ الأكثر إثارة للقلق بالنسبة للكثير من المتابعين، تحديداً الأميركيين منهم. لا أحد قد ينتظر من أميركا موقفاً مناهضاً لإسرائيل رغم ما حُكي عن «تخفّف» أميركي من القيود الإسرائيلية في الولاية الثانية لأوباما، لكن الجديد – المربك هذه المرة كان مراقبة أميركا للصراع من الخطوط الخلفية.

وبالتزامن مع وصول كلينتون إلى المنطقة، سارع كثيرون إلى قراءة حقيقة الدور الأميركي إزاء حرب غزة، باحثين عن المعايير والموجبات التي تحدّده في ظلّ معطيات راهنة بحجم منطقة مشتعلة.

 
بداية، يلحظ المتابع لأصداء الدور الأميركي عبر وسائل الإعلام الغربية ما يشبه الإجماع على عدم فعالية أميركا في العدوان الحالي، ليحضر في المقام التالي سؤال عما إذا كان «أوباما يملك حقاً استراتيجية لحلّ الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني في غزة اليوم؟»، بحسب مجلة «نيويوركر» الأميركية. قد يكون الجواب السريع، وفقاً للمجلة، هو دعم إسرائيل من دون الانخراط في الصراع، ولكن مع استمرار العمليات العسكرية. لا يمكن لأوباما أن يبقى في مأمن، لا سيما أن الجميع يدرك أن الطائرات التي تقتل المدنيين أميركية الصنع.

 
وفيما انصبّ عدد كبير من التعليقات على انتقاد الموقف الأميركي، فضّل البعض كماكس فيشر في «نيوزويك» مثلاً أن يلقي اللوم في تراجع الأداء الأميركي على إسرائيل وحدها التي «تمارس انتحاراً وطنياً».

من ناحية أخرى، كثيرون أمثال المستشار الرئاسي السابق دنيس روس قدموا لأميركا النصح بخصوص ما يجدر بها أن تفعله في الأيام المقبلة، لا سيما أن «لا مصلحة لنا بأن تحرف حماس الأنظار عما يجري في سوريا»، بحسب روس في «معهد واشنطن».

 
هذه النصائح ستكون واشنطن بأمسّ الحاجة لها في ظلّ ظروف متدهورة تتقدّم نحوها، بدءاً مما تحدثت عنه «نيويورك تايمز» عن اكتساب حماس الشرعية مقابل فقدان السلطة الفلسطينية المدعومة أميركياً لها، وصولاً إلى تهديد دور واشنطن الحالي في الشرق الأوسط.

في المقابل، قد يرى البعض أن الحديث عن تراجع في الدور الأميركي يصبّ في سياق المبالغة، ليؤكد أن ما يحصل ليس إلا «أسلوباً أميركياً معهوداً» في معالجة المسائل الحساسة.

وفي النهاية، تثبت المجريات أن السؤال اليوم لم يعد ما إذا كانت أميركا ستنخرط في هذا الشرق المتغيّر، بل إن كانت قادرة على الانخراط فيه بفعالية أم العكس؟

Similar Posts

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *