مرسي: ينفذ الإنقلاب الثاني ــ ومصر: «عيون الغضب» في «التحرير» اليوم… واستمرار المواجهات

مرسي ينفذ الإنقلاب الثاني

أحكم الرئيس المصري محمد مرسي قبضته على مقاليد الحكم في البلاد، على نحو لم يسبقه إليه أحد من رؤساء مصر على امتداد تاريخها الحديث، بالإعلان الدستوري الصادر أمس، الذي حصّن من خلاله جميع القرارات والقوانين الصادرة عنه، واعتبارها “نهائية ولا يجوز الطعن عليها”، إلى جانب ما خلعه على نفسه من حقوق إضافية تخوله “اتخاذ أي إجراءات استثنائية من شأنها حماية الثورة” .


وينص الإعلان الدستوري الجديد، في مادته الثانية على “نفاذ الإعلانات الدستورية والقوانين والقرارات الصادرة عن رئيس الجمهورية، منذ توليه السلطة في 30 يونيو/حزيران الماضي، وحتى نفاذ الدستور وانتخاب مجلس شعب جديد، واعتبارها نهائية ونافذة بذاتها، غير قابلة للطعن عليها بأي طريق وأمام أي جهة، كما لا يجوز التعرض لقراراته بوقف التنفيذ أو الإلغاء وتنقضي جميع الدعاوى المتعلقة بها والمنظورة أمام أي جهة قضائية” .


وحسب مراقبين في القاهرة، بدا الإعلان الدستوري الجديد الصادر في مصر أمس، أقرب ما يكون إلى انقلاب دستوري وسياسي جديد، يستهدف من خلاله الرئيس إضافة مزيد من الصلاحيات إلى “صلاحياته المطلقة”، تلك التي نجح في انتزاعها في أغسطس/آب الماضي، من المجلس العسكري الحاكم حينذاك، عندما ألغى الإعلان الدستوري المكمل، مستغلاً أزمة مقتل 16 جندياً من حرس الحدود في سيناء، وهو القرار الذي كان سبباً في أن يجمع في يديه بعد نحو شهرين من وصوله إلى القصر الجمهوري، سلطات تنفيذية لا مثيل لها في البلاد، تتضمن السلطة الكاملة على التشريع والميزانية العامة للدولة، فضلاً عن صلاحياته الأخرى الخاصة بالشؤون الخارجية والعفو والتعيينات السياسية والعسكرية .


ووجه الرئيس مرسي ضربات على نحو مباشر، أصابت استقلال السلطة القضائية في مقتل، بينها القرار الخاص بتحصين القرارات والقوانين الصادرة عنه، وعدم جواز الطعن عليها أمام أي دائرة قضائية، ما يعني إلغاء قرار سابق كانت قد انتهت إليه المحكمة الدستورية العليا قبل شهور بحل البرلمان، وإسقاط جميع الدعاوى التي رفعت أمام المحكمة في هذا الشأن، وكذلك إطاحته النائب العام المستشار عبد المجيد محمود، في خطوة بدت أقرب ما تكون إلى “تصفية حسابات”، بعدما رفض النائب العام قراراً صدر قبل أسابيع يستهدف إقصاءه عن موقعه، بتعيينه سفيراً لمصر في الفاتيكان، وهو القرار الذي عارضه نادي القضاة في حينه، واعتبره انقلاباً سافراً على السلطة القضائية، مهدداً بمقاطعة لجان الاستفتاء على نصوص الدستور الجديد، ووقف العمل بالمحاكم المصرية، ما لم يبد الرئيس ما يتعين عليه أن يبديه من “احترام للقضاء المصري، وضمان استقلاليته” .


وتأتي قرارات الرئيس المصري قبيل نحو أسبوعين من جلسة تاريخية لمحكمة القضاء الإداري، التي كان من المقرر لها أن تنظر في الثاني من ديسمبر/كانون الأول المقبل، دعوى قضائية تطالب بإبطال قراره الصادر في أغسطس الماضي، والخاص بإلغاء الإعلان الدستوري المكمل الصادر عن المجلس العسكري، وهو القرار الذي استند إليه مرسي في إطاحة وزير الدفاع السابق المشير محمد حسين طنطاوي ورئيس الأركان الفريق سامي عنان .


القرارات التي انتهى إليها الرئيس المصري، أمس، تبدو في حقيقتها، حتى وإن غازلت مطالب العديد من القوى الثورية ب”إعادة المحاكمات المتهم فيها عدد من رموز النظام السابق، وفي مقدمتهم الرئيس مبارك وكبار معاونيه”، فضلاً عن الاستثناءات الممنوحة لأسر الشهداء وللمصابين، أقرب ما تكون إلى قرارات “نظام الفرد الواحد”، حسب معارضين مصريين، وهو ما يؤشر في نظر كثيرين إلى مرحلة شديدة الخطورة من عمر الثورة المصرية، التي مازالت تراوح مكانها حتى اليوم، في ظل حالة الاستقطاب الشديدة في الشارع المصري، وتصاعد المخاوف في أوساط سياسية عدة من “أخونة كاملة للدولة المصرية

 المواجهات مستمرة

فيما استمرت المناوشات والمواجهات المتقطعة بين محتجين وقوى الأمن المصرية في محيط شوارع وبنايات وسط القاهرة، أعلنت قوى سياسية وأحزاب تنتمي لحركات ثورية ويسارية مشاركتها في جمعة «عيون الغضب»، كما أطلق عليها البعض «عيون الحرية والغضب» اليوم في ميدان التحرير، احتجاجا على ما شهدته الذكرى الأولى لاشتباكات شارع محمد محمود بين الداخلية والمتظاهرين، والتي أسفرت عن عشرات المصابين خلال الأيام الثلاثة الماضية.

وفيما اتهم الإسلاميون من أسموهم بالليبراليين بالتآمر على النظام الحاكم ومحاولة إحراجه لإسقاطه، دعت قوى سايسية لإطلاق مبادرة لوقف العنف اليوم.

وقالت مصادر في جماعة الإخوان إن هناك قرارا داخليا بحشد أعضاء الجماعة في المحافظات للخروج في مسيرات تأييد لـ «دعم الرئيس»، تعلن رفضها لمحاولات القلق في ميدان التحرير. وشهد ميدان التحرير وشارع محمد محمود، أمس هدوءا حذرا بعد كر وفر في المنطقة، بين قوات الشرطة وبين متظاهرين، بدأت قبل ثلاثة أيام، وعقد الرئيس محمد مرسي اجتماعات مكثفة، مع وزراء العدل والداخلية والصحة والدفاع، لمتابعة الأوضاع. وقالت وزارة الداخلية إن الشرطة لم تستخدم الرصاص الحي، وأنها فقط تتصدى لمحاولات اقتحام مقرها، وأنها تستخدم الغاز المسيل للدموع. وقال بيان لوزارة الصحة، إن عدد الإصابات نتيجة الأحداث بلغ 118، خرج من بينها 108 من المستشفيات، بينما تبقى 10 حالات فقط.

وقال وزير الداخلية اللواء أحمد جمال الدين، إن هناك تعليمات للضباط والأفراد بضبط النفس إلى أقصى درجة، مشيرا إلى أن المتظاهرين بدأوا يظهرون في شارع الشيخ ريحان الذي يبعد عن وزارة الداخلية عدة أمتار، مضيفا: «هذا مستحيل ولن نسمح لأحد باقتحام الوزارة».

وقال عدد من شباب القوى الوطنية إن محاولاتهم للتهدئة فشلت، وأنهم قدموا أكثر من مبادرة لوقف الاشتباكات، إلا أن المتظاهرين رفضوا التراجع إلى ميدان التحرير من الشوارع المؤدية إلى وزارة الداخلية، وطالبوا بإقالة وزير الداخلية، وحكومة هشام قنديل، بينما طالب آخرون باستقالة رئيس الجمهورية

.
وألقت قوات الامن المكلفة بحماية مقر مجلس الوزراء القبض على من قالت إنهم حاولوا اقتحام المبنى.
وتزايدت أعداد المتظاهرين بميدان التحرير ومحيط وزارة الداخلية مساء اول من أمس، وقدرت أعداد المحتشدين بـ 10 آلاف متظاهر، بين شارعي محمد محمود ويوسف الجندي، تبادلوا مع الأمن الطوب والحجارة، وردوا على الغازات المسيلة للدموع بالمولوتوف والقنابل الحارقة.


وكان العشرات من الملثمين في شارع قصر العيني قد احتشدوا في الساعات الأولى من صباح أمس وقاموا بإشعال النيران في 8 إطارات سيارات اصطحبوها معهم، وألقوا بها بعرض الشارع لإعاقة قوات الأمن المركزي والمصفحات باتجاه ميدان التحرير، وقالت الشرطة إن مجهولين ملثمين، قد ألقوا العديد من زجاجات المولوتوف على قوات الأمن في الشارع أمام مجلس الشورى.


وفي تطور لافت طالبت الجبهة السلفية مرسي بالتدخل العاجل للسيطرة على الأحداث وإقالة وزير الداخلية، وتطهير الوزارة لإصلاح علاقتها بالمواطنين وجعل ذلك على رأس الأولويات، والتحقيق للوصول إلى المتسبب في إطلاق النار على الناشط جابر صلاح ومحاسبته.

زيادة التعزيزات حول «ماسبيرو»
بعد احتراق استوديو «الجزيرة»

عقب حادث حرق استوديو قناة «الجزيرة مباشر مصر» في ميدان التحرير أول من أمس، شهد محيط مبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري «ماسبيرو» تعزيزات أمنية مكثفة من جانب قوات الشرطة والأمن المركزي، إضافة إلى أمن التلفزيون.


وكشفت مصادر داخل قطاع الأمن لـ «الراي»، أن القطاع تلقى تعليمات بتشديد الحراسة على جميع مداخل ومخارج المبنى، وضرورة مشاهدة كارنيهات جميع العاملين وعلى مدار الأيام المقبلة وتم إغلاق جميع الأبواب وتركيز الدخول والخروج عند باب 4 الرئيسي فقط، بعدما ترددت أنباء أنه سيكون هناك مسيرات من قبل عدد المتظاهرين إلى «التلفزيون المصري» للتنديد بالتغطية التي ظهرت عليها جميع قنوات التلفزيون طوال اليومين الماضيين ومنذ بدء الأحداث، كما زادت التخوفات من محاولات لإلقاء زجاجات المولوتوف الحارقة على المبنى بسبب الأحداث، ما أدى إلى زيادة التعزيزات من قبل وزارة الداخلية وقوات الأمن المركزي خلال الساعات الماضية، كما تم صرف النظر على رفع الأسلاك الشائكة من حول المبنى اليوم كما كان محددا سابقا
.< div>

Similar Posts

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *