صراع الأماكن المقدسة ينطلق من أميركا

إدراج مؤسسة القدس على لائحة الإرهاب يثير الغضب

أثار قرار الإدارة الأميركية الأسبوع الماضي الخاص بإدراج مؤسسة القدس الدولية على «لائحة المنظمات الإرهابية» ردود فعل غاضبة في الأوساط الثقافية، والمنظمات والمؤسسات العربية والإسلامية. وأعلن أدباء ومثقفون مصريون رفضهم هذا القرار، واعتبروه مخططاً جديداً لتكريس وضعية الاحتلال، ومصادرة أراضي الفلسطينيين وطرد المقدسيين، مشيرين إلى أن هذا المخطط يأتي في سياق رؤية أميركية شاملة لإعادة تقسيم المنطقة، ودعوا إلى التصدي لهذا القرار الذي لا يستند إلى أي مرجعية قانونية، والتضامن مع المنظمات والمؤسسات العربية والإسلامية والدولية الرافضة له.

أكد الأديب بهاء طاهر أن إدراج مؤسسة القدس ضمن لائحة الإرهاب حسب التصنيف الأميركي، محاولة لفرض السيطرة على المقدسات الإسلامية والحرم القدسي الشريف، وحذر طاهر من تداعيات هذا القرار قائلا: «إنه قد يؤدي إلى تفجير صراع ديني شامل في المنطقة، خصوصاً في هذا الوقت بالذات»، فيما وصف الشاعر شعبان يوسف هذه التصريحات بالاستفزازية، مشيراً إلى أن رغبة إسرائيل وأميركا لمصادرة التاريخ الفلسطيني، وتراث المدينة الحضاري والديني والإنساني، فضلاً عن أن هذه التصريحات تهدد بتغيير نمط الصراع من صراع قائم على الأراضي المحتلة القابل للحل إلى صراع ديني غير قابل للحل.

واعتبر الدكتور عبد المنعم تليمة القرار الأميركي تحدياً سافراً يشعل الصراع في المنطقة بأسرها، مشيراً إلى أن الإدارة الأميركية تريد خطب ود اليهود، وكسب أصواتهم في الانتخابات الرئاسية التي تدور رحاها حالياً.
وقال تليمة إن حكومة إسرائيل استبقت هذا القرار، وأعلنت خلال الأيام الماضية بأن الحرم القدسي الشريف هو جزء لا يتجزأ من أراضي إسرائيل، لذا يجب على الدول العربية الآن الوفاء بالتزاماتها تجاه القدس.

دعوة الإيسيسكو

أصدرت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) بياناً نددت فيه بإدراج الإدارة الأميركية مؤسسة القدس الدولية ضمن لائحة المؤسسات الإرهابية، واصفة القرار بالجائر الذي يسعى إلى تهويد القدس وتقسيم المسجد الأقصى المبارك.
ودعت «الإيسيسكو» في بيانها، الدول الأعضاء والمجتمع الدولي بصورة عامة، إلى ممارسة الضغط لمراجعة هذا القرار الجائر قبل فوات الأوان.
وأوضحت «الإيسيسكو» في بيانها أن «القدس الدولية» مؤسسة معلنة ومعروفة للجميع بأهدافها ومقاصدها النبيلة في نصرة قضية القدس والوقوف أمام الحملات الصهيونية لتهويدها، فضلاً عن أنها مؤسسة مستقلة تعتمد الأساليب السياسية والإعلامية العلنية، إضافة إلى أنها عضو مراقب في المجلس الاقتصادي والاجتماعي لجامعة الدول العربية.

وأدانت «الإيسيسكو» بقوة هذا الإجراء الذي اتخذته الإدارة الأميركية، وأكدت رفضها الشديد له، واعتبرته قراراً جائراً يساهم في إسكات الأصوات كافة التي تتصدى لعدوان إسرائيل وانتهاكاتها للقانون الدولي وحقوق الإنسان في القدس المحتلة، وفي الوقوف في وجه محاولات انتزاع القدس من أصحابها الشرعيين وتهويدها.
وأوضحت «الإيسيسكو» أنه بدلاً من أن تعمد الإدارة الأميركية إلى استعداء شعوب المنطقة بمثل هذه القرارات الجائرة المنحازة، كما في موقفها من طلب الشعب الفلسطيني بحقوق دولة عضو في الأمم المتحدة، كذلك القرارات المتعلقة بالقدس والتي اعتبرتها مدينة محتلة ينطبق عليها ما ينطبق على الأراضي المحتلة الأخرى، فإن على الإدارة الأميركية أن تجفف منابع دعم الإرهاب الإسرائيلي المتمثل في السماح بتحويل الأموال من الولايات المتحدة لدعم البناء الاستيطاني غير الشرعي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن بينها القدس واضطهاد المواطنين الفلسطينيين والتضييق عليهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم الشرعية التي يكفلها القانون الدولي.

صراع المقدسات

بالتزامن مع قرار الإدارة الأميركية قام مركز اللغات الاجنبية والترجمة في جامعة القاهرة بإصدار ترجمة جديدة لكتاب «صراع الأماكن المقدسة»، لمؤلفه شموئيل بركوفيتس يتناول صراع السيادة على القدس والأماكن المقدسة في الفترة من عام 1889 وحتى عام 1999
وشموئيل بركوفيتس رجل قانون إسرائيلي له اطلاع كبير على تفاصيل المفاوضات بين العرب عموماً والسلطة الفلسطينية خصوصاً وبين الكيان الصهيوني. وترجم الكتاب الدكتور أحمد عبد المقصود الجندي، أحد أساتذة كلية الآداب بالجامعة المتخصص في اللغة العبرية والشؤون العربية.

يلقي الكتاب الضوء على تفاصيل المفاوضات التي كانت تجري بين الكيان الصهيوني من ناحية وبين السلطة الفلسطينية من ناحية أخرى في شأن المفاوضات حول وضع شرق القدس ومقدساتها، من خلال رؤية كاتب إسرائيلي تخصص في موضوع الصراع العربي الإسرائيلي، وتشخيص حالة المجتمع الإسرائيلي من الداخل خلال تلك المفاوضات.
وسعى مترجم الكتاب إلى استخدام المصطلح العربي لأسماء المدن والقرى وتجنب استخدام المصطلحات الصهيونية التي جاءت في الكتاب، مثل مصطلح «الأراضي الخاضعة لإسرائيل» الذي استخدمه الكاتب، بينما استخدم المترجم المصطلح العربي «الأراضي المحتلة»، ومصطلح «جبل الهيكل» وهو تسمية صهيونية ترتبط بالزعم الإسرائيلي القائل بوجود آثار لهيكل سليمان أسفل الحرم القدسي الشريف، واستخدام المترجم مصطلح «الحرم القدسي الشريف» بدلاً من «جبل الهيكل»، واستخدام المترجم مصطلح «عرب 48» بدلاً من عرب إسرائيل في المقابل الصهيوني، وغيرها من مصطلحات يتعامل معها المواطن العربي على أنها تسميات عبرية فأصبحت صهيونية بحكم الاستخدام.


وكشف الكتاب عن تفاصيل كثيرة من خلال رؤية لحالة المجتمع الإسرائيلي من الداخل، وكيف استغل الكيان الصهيوني البعد الطائفي بين قطاع المسيحيين وبعض المسلمين لتثبيت سيادته في شرق القدس واستغلال الكيان هذا الصراع لتقوية سلطته ودعم سيادته. كذلك أظهر الكتاب تفاصيل عن أثر أعمال المقاومة الفلسطينية على الاقتصاد الإسرائيلي وحركة السياحة الداخلية في أماكن المقدسات وشرق القدس.

Similar Posts

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *