تقرير:بوادر حرب مياه في آسيا الوسطى

تثير مشاريع السدود الكبرى في جمهوريتي طاجيكستان وقرغيزستان الصغيرتين اللتين تنقصهما موارد الطاقة، ردود فعل في آسيا الوسطى حيث بدت بوادر “حرب على المياه” تلوح في هذه المنطقة غير المستقرة من الاتحاد السوفييتي السابق .


واحتد الجدال في الأشهر الأخيرة في إطار هذا النزاع الطويل الأمد بين البلدين الجبليين اللذين تنبع منهما موارد المياه الرئيسة في المنطقة إلى جانب جارتهما القوية أوزبكستان على مستوى أدنى . وفي صلب الخلاف مشروعان هائلان لبناء محطات كهرمائية وضعت الخطط لها قبل عقود في الحقبة السوفييتية وتم تناسيها بعد انتهائها لكن تم انعاشها منذ عدة سنوات .


منذ أعوام بدأت طاجيكستان التي تواجه كل شتاء نقصاً كبيراً في الطاقة وتفرض تقنيناً قاسياً للكهرباء حتى في العاصمة دوشنبي في بناء سد روغون على نهر فخش الذي كان مهملاً في التسعينات بسبب حرب أهلية . وفي حال الانتهاء منه سيشكل السد البالغ ارتفاعه 335 متراً أكبر بناء من نوعه في العالم . ويفترض أن يحل مشاكل نقص الكهرباء وكذلك يسمح بتصديرها إلى باكستان عبر أفغانستان في إطار “مشروع كازا-1000” لتبادل الكهرباء بين وسط وجنوب آسيا .


أما قرغيزستان فتسعى من جهتها الى بناء “سد كمبراتا-1” على نهر نارين البالغ ارتفاعه 275 متراً تم التخطيط له في حقبة الاتحاد السوفييتي .


لكن أوزبكستان المجاورة لا تعجبها تلك الخطط حيث تخشى من عواقبها على صناعة القطن لديها التي تعتمد على مياه الري التي تستقيها من المجاري الواردة اليها من البلدين، ما قد يؤدي إلى أزمات اجتماعية . وتحذر طشقند من مخاطر الزلازل في المنطقة . واعتبرت صحيفة “نارودنو سلوفو” الرسمية الأوزبكية في الشهر الفائت أن سد روغون قد يلحق خسائر باوزبكستان بقيمة تصل إلى 600 مليون دولار سنويا . ومارست طشقند كل ما في وسعها من ضغوط كانقطاعات منتظمة لتسليمات الغاز وعرقلة مواكب شحن السلع للتأثير في جارتيها . وحذر رئيس أوزبكستان اسلام كريموف بنبرة حادة في مطلع سبتمبر/أيلول من تحول التوتر إلى “حرب” فعلية على المياه .


واعتبر المحلل السياسي الطاجيكي عبد الغني محمد عظيموف أن “طشقند بدأت ترص قواها وتحاول إقناع بلدين آخرين هما كازاخستان وتركمانستان الغنيين بالمحروقات ويقعان ما دون منابع المياه بموقفها” .


ولموازنة ذلك تسعى طاجيكستان وقرغيزستان إلى جذب روسيا التي لا تتوانى عن استغلال الخلاف لمصالحها الاستراتيجية الخاصة وتتلاعب ببراغماتية بهذه الخصومات . ودعمت موسكو مشروع قرغيزستان وبدأت شركة روسهيدرو بناء أولى المحطات الكهرومائية الأربع في البلاد . لكن الكرملين ابدى غموضاً بخصوص سد روغون . فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين اكتفى في زيارة أخيرة إلى دوشنبي بالإعلان عن “النية في المشاركة في مشاريع إقليمية للطاقة” من دون تحديد مقصده .


غير أنه أشار إلى أن طاجيكستان يمكنها استخدام “قدراتها الكهرومائية لمصلحة التنمية الاقليمية” . وهذا الدعم هو أحد التنازلات والحجج الكثيرة التي أجازت لروسيا الحصول على تمديد مهلة استئجار قواعدها العسكرية على أراضي قرغيزستان وطاجيكستان بالتوالي حتى 2030 و2042 . ومع توقيع هذين الاتفاقين “دخل النزاع الطويل الأمد مرحلة جديدة” بحسب المحلل السياسي الطاجيكي صائم الدين دوستوف . لكن “في حال عدم التوصل إلى حل مشترك فسيحصل شرخ” في المنطقة على ما أكد محمد عظيموف

Similar Posts

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *