إيران تحت العقوبات (4): الخلاف مع تركيا سوريا

الخلاف بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتركيا في الموقف من الأزمة السورية كبير، لكنّه لم يبلغ حدّ تدهور العلاقات أو انقطاعها نهائياً، لأن ما بين البلدين من مصالح سياسية واقتصادية مشتركة كبير أيضاً.


يريد الإيرانيون لتركيا أن تتوقف عن تورّطها في الأزمة السورية، وأن تساعد على إيجاد حل سياسي لها يقوم على حوار بين النظام والمعارضة، وذلك لاقتناعهم بأن التدخل الخارجي الدولي والإقليمي في الشأن السوري يطيل عمر الأزمة ويؤجّجها أكثر فأكثر، ويعوق معالجتها، بل يجعلها تتوسع إلى خارج الأراضي السورية لتطاول دول المنطقة. ويرى الإيرانيون أن تركيا اللصيقة جغرافياً بسوريا في إمكانها، إذا شاءت، أن تؤدي دور الوسيط الفاعل مع غيرها من دول المنطقة للتقريب بين وجهات النظر وإنهاء القتال الدائر في سوريا، علماً أنها تدرك جيداً أن أيّ فتنة بين السوريين ليست في مصلحتها ولا في مصلحة دول المنطقة عموماً.

ويكشف الإيرانيون أن قيادتهم نصحت القيادة التركية ولا تزال تنصحها بوقف تورّطها في الأزمة السورية لأن ليس لمصلحتها ولا لمصلحة المنطقة ولا لمصلحة القضية العربية والإسلامية المركزية فلسطين استنزاف سوريا على نحو يقدّم هدية مجّانية لإسرائيل والغرب، بعدما خسروا الساحات في غير مكان.

ولكنّ المشكلة التي وقعت فيها تركيا هي أنّ عودتها عمّا سارت عليه ضدّ سوريا باتت مكلفة جداً لها. وبحسب بعض الإيرانيين فإنّ أنقرة بدأت التفتيش عن طريقة ما للانسحاب من الأزمة السورية بعدما أدركت حجم الأخطاء الإستراتيجية التي وقعت فيها نتيجة تدخلها السياسي والعسكري في الشأن السوري.

ويؤكّد الإيرانيون أن نقاشاً “جاداً وحاداً” حصل بين القيادتين الإيرانية والتركية عندما زار النائب الأول لرئيس الجمهورية الإيرانية محمد رضا رحيمي أنقرة في الآونة الأخيرة، الذي لم يجدد غضاضة في أن يقول للأتراك إنهم يجرّون جميع مَن في المنطقة إلى الحرب، مكرّراً النصائح الإيرانية للمسؤولين الأتراك بوجوب إعادة النظر في موقفهم من الأزمة السوريّة والسير في ركب المساعي الهادفة إلى تمكين النظام السوري ومعارضيه من الجلوس إلى طاولة حوار ينتج حلاً يوقف مسلسل الدماء والدمار الجاري على الأراضي السورية.

وعلى رغم الاختلاف بين طهران وأنقرة في الموقف من الأزمة السورية، فإنّ الإيرانيين يستبعدون تدهور العلاقات بين البلدين، وخصوصاً في المجال الاقتصادي، إذ إنّ الأتراك يستفيدون جداً من الغاز الإيراني لأن ليس لديهم بديل منه، لأن المصادر الأخرى منه لا تكفي وليست بالأسعار التي تقدّمها إيران لأنقرة، فضلاً عن استفادتهم من خط الترانزيت ووجود شركت تركية – إيرانية مشتركة، والرحلات السياحية المتبادلة والتي تصل في الصيف إلى نحو 250 رحلة في الشهر.

ويعتقد الإيرانيون أنّ الأتراك غير منزعجين ولا مستائين من العقوبات الغربية المفروضة على إيران لأنهم يستفيدون منها في علاقتهم الاقتصادية والتجارية معها. ولكن من مآخذ طهران على أنقرة أنها على رغم موقعها الاستراتيجي المهم في المنطقة “ليس في إمكانها أن تكون شريكة للصوص وفي الوقت نفسه رفيقة لقافلة التجار”.

لذا، يرون أن عليها أن تقتنع بأن العالم الإسلامي هو حاضنتها الأساسية وليس الغرب الذي وقف طويلاً على أبواب الاتحاد الأوروبي مانعاً، ولا يزال، دخولها إليه بسبب اعتناق شعبها الديانة الإسلامية.


ويروي بعض الإيرانيين أن الزعيم التركي الراحل نجم الدين أربكان رافق في آخر أيامه سفير إيران السابق في الفاتيكان خسرو شاهي في الطائرة من اسطنبول إلى إسلام آباد للمشاركة في مؤتمر إسلامي، وعندما سأله الأخير عن السياسة التي ينتهجها رئيس الوزراء التركي رجب طيّب أردوغان، قال: “إن أردوغان كان عنباً فتحوّل خمراً
“.

Similar Posts

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *