الحسين يقتل يزيد

 بكل ما تحمل من صدق أو زيف دون تمحيص أو تحليل وكأننا ببغاء نردد ما استطاعت حفظه من كلمات لا جديد في الأفكار أو الأفعال نجر من الماضي ما يوافق أهواءنا واعتقاداتنا ومصالحنا ونسقطه على حاضرنا ونسوره بأوهامنا التي نسميها الحقيقة .

 نحن أمام إشكالية أبدية هل الحسين عليه السلام ثورة تمشي على الزمن إلى أن يرث الله جل وعلى الأرض وما عليها ؟ أم رجل من آل بيت النبوة قتل على يد حاكم جائر؟سيأتي الجواب من الكثيرين بأنه سيدا شريفا قتله حاكم فاسق وان الثورة التي قام بها ستبقى متقدة. ومن هنا يأتي الإشكال الذي يوجب فك الاشتباك بين ثناياه.

 إن كان كما يزعمون، التاريخ يخبرنا بان من قتلوا بالطريقة ذاتها أئمة ومصلحين وثوار مسلمين وغير مسلمين، فالحاكم دوما يرى الحق معه وانه يضرب بيد من حديد أي شخص مهما بلغت درجته الدينية أو الدنيوية يريد الإصلاح حتى وان لم يسع إلى السلطة فيستبيح دمه وماله وعرضه وتنتهي القصة بانتهاء المصلح أو الثائر وان بقيت بعضا من أفكاره ومبادئه بتداولها مريديه و معجبيه الا إنها لا ترتقي إلى أن تشكل تهديد حقيقي بل قد يلجا هؤلاء إلى مسايرة النظام والتوافق معه والحصول على امتيازاته وتبقى المبادئ شعارات نرفعها ولا نفهمها وحزن يلفنا أيام معدودة .

 أين نضع قضية الحسين عليه السلام من ذلك، رجل مؤمن إمام تقي نقي قتل على يد حاكم ظالم جائر يزيد بن معاوية ثم تابعت الدولة مسارها التاريخي حاكم ومحكومين قاتل ومقتولين وبقي الحاكم على حق والمحكومين يبكون قتلاهم ويذكرون مآثرهم وتفاصيل ذبحهم وتشرد عائلاتهم وانتهاك حرماتهم وترديد أقولاهم .

 كل عرف دوره التاريخي هذا يقتل وذاك ينعي وكل منهم طور ونمى دوره ،هذا نوع أساليب القتل وحدث أدواته الفكرية والبشرية والآلية، وذاك عمق من انغماسه بحزنه ووسع من ممارسته وجعلها عقيدته .

 من حقنا أن نحزن ونقيم الشعائر ونذكر المأساة ونشتم ونسب ونلعن من قتله. . ولكن رسخنا عبر عقود من السنيين الفكرة المادية لواقعة الطف، يزيد دفع جيشا بعدته وعديده ليقتل رجلا سيدا أراد الإصلاح وغر قنا في تفاصيل القتل وصورة المقتول وذعر النساء وساحة المعركة وعدد القتلى عليهم السلام جميعا وبرعنا في إظهار جبروت القاتل وقسوته وكفره.

إذا كان هذا الجانب الذي نفهمه من ثورة سيد الشهداء فنحن في وهم ، الحسين عليه السلام نهض بعد أن اهتزت على يد يزيد القيم الإسلامية وحتى العربية وهذا ما يفسر قول الإمام (كونوا عربا) بعد تيقن بان نظام حكم يزيد قد جعل قيم الإسلام وراء ظهره واخذ يأكل من جرف القيم العربية . استشهد الحسين من اجل رفع كلمة الله صابرا مؤمنا إن من ينصر الله ينصره ، فانتصر عليه السلام وقتل يزيد ونظام حكمه دينيا وسياسيا واجتماعيا إلى يوم يبعثون فيحاسب الله عز وجل يزيدا فقد خسر دنياه وآخرته ولم ينل من الحسين إلا جسدا طاهرا

. [email protected]

 

Similar Posts

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *