روميو الجمهوري وجولييت الديموقراطية

في ظلّ الانقسام السياسي الحادّ الذي تشهده الولايات المتحدة راهنًا، أصبح للزواج المختلط تعريف مختلف. فبعد تخطّي «أزمة» الزيجات بين السود والبيض، تطرح الزيجات بين «الجمهوريين» و«المحافظين» و«الديموقراطيين الليبراليين» صعوبات جديدة.

تزوجتُ في لاس فيغاس في شهر تشرين الثاني/نوفمبر، 2011. وكنت قد تعرفت إلى زوجي قبل تسعة أيام فقط، لم نهتم فيها بالتطرق إلى الانتماء السياسي. ولدتُ وتربّيت في بيركلي في ولاية كاليفورنيا، ولعلّها أكثر مدينة يسارية في الولايات المتحدة. لطالما صوّتت لمرشّحي الحزب الديموقراطي. أمّا زوجي، فهو من نيو جيرسي ومن مناصري الحزب الجمهورري، ويعمل مستشارًا في إحدى الشركات الكبرى، فضلاً عن أنّه خدم مرتين في العراق باعتباره جندي احتياط في قوات «المارينز».

 وهو يؤمن بحكومة محدودة الصلاحيات وبالمسؤولية الفردية وبحرية الشركات وبجيش وطني قوي. بالطبع، صوّتَ لجون ماكين في الانتخابات الرئاسية السابقة. ومع ذلك، كانت صدمتي كبيرة حين أخبرني أنه ينوي التبرع إلى حملة ميت رومني باسمينا!

طغت تناقضات الانتخابات الأميركية على السنة الأولى من حياتنا الزوجية. كلّ صباح، يجلس زوجي في المطبخ ويباشر قراءة عناوين الصحف على مسمعي، فنختلف على خطة أوباما للرعاية الصحية وعلى الاقتصاد وعجز الدولة. هو يميل إلى اليمين، وأنا إلى اليسار، في انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر، صوتي سيلغي صوته. عبثًا نحاول وضع حدٍّ للنقاش لأننا متزوجان، غير أنّ توجّهاتنا السياسية تشنّ معركة طلاق شرسة حول من سيحظى بالوصاية على البيت الأبيض.

في أثناء أوّل مناظرة رئاسية شاهدناها معًا كزوج وزوجة في الثالث من تشرين الأول/أكتوبر الفائت، جلسنا على طرفَي الكنبة وشجّعنا مرشّحنا المفضّل على جانبي الشاشة. وقد أعلن كلٌّ منا ولاءه حتى قبل أن يعتلي المرشحان المنصة. أطلقتُ الشرارة الأولى حين أشرت إلى رومني قائلة: «يبدو أشبه بإنسان آلي». فردّ زوجي: «السبب تصفيفة شعره». ثمّ أضفت: «يبدو منقبضًا ومتشنّجًا». فشرح زوجي: «لأنّه يُصغي». بدأت أتلوّى في مقعدي عندما اتّضح أنّ كفّة الفوز تميل إلى مرشح زوجي.

وفيما كان المرشحان منهمكين في معالجة قضية الضمان الاجتماعي، سألت زوجي: «هل عرفت أنني ليبرالية عندما التقينا؟» فردّ مازحًا: «نعم. ولكنني ظننت أنك قد تتغيرين.» وسألته: «هل تفضّل لو كنت من المحافظين؟» فأجاب: «لا، لأنّ الحياة معك لن تكون مسلّية كما هي الآن». ويلاحظ زوجي أنني أصبحت محافظة أكثر بعد الزواج، قائلاً: «لست ليبرالية كثيرًا…» فأتساءل: هل هذا مديح أم إهانة؟
في الشق الاقتصادي، يؤيد زوجي النظرية الداروينية: «أنا أقتل الدببة. أما الليبراليون فيهتمون بالدب ويريدون أن يبقى على قيد الحياة، إلاّ أنهم يصرخون ما إن يهاجمهم!» أخيرًا، اتّفقنا على نقطة وحيدة هي فشل جيم ليهرير في إدارة المناظرة.

أحاول مواساة نفسي أحيانًا قائلة إنّ الحياة الزوجية ستكون مملّة للغاية مع شخص يشاركني الآراء السياسية نفسها ولا يعارضني أبدًا. صحيح أننا نختلف على مسائل كثيرة، غير أننا على الأقل لدينا دائمًا مواضيع نتناقش فيها. أمّا المشكلة الوحيدة، فهي الاضطرار إلى سماع الرأي الآخر… مهما كان خاطئًا!

«لوكورييه إنترناسيونال» عن موقع «ذي دايلي بيست The Daily Beast» الأميركي

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *