أضيفوا البلوتونيوم إلى لائحة مخاطر الأسلحة النووية الإيرانية

كثفت الولايات المتحدة عمليات التجسس على مفاعل إيران النووي في بوشهر، بعد أن نقلت إيران بشكل غير متوقع قضبان الوقود التي تحتوي على كميات بلوتونيوم تتراوح بين 22 و220 باونداً.

شهد يوم الأحد الماضي الذكرى السبعين لأول تفاعل نووي مدروس عرفه العالم، وقد حصل حينها تحت مدرجات “ستاغ فيلد” القديم في جامعة شيكاغو.

يوم الأحد الماضي أيضاً، كتبت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن الولايات المتحدة كثّفت عمليات التجسس على مفاعل إيران النووي في بوشهر، بعد أن نقلت إيران بشكل غير متوقع قضبان الوقود التي تحتوي على كميات بلوتونيوم تتراوح بين 22 و220 باونداً.

يمكن أن تكون المسافة بين القوة النووية المدنية والسلاح الذري قصيرة وفق ما استنتجه أوائل الرواد في المجال النووي. اليوم، يبدو أن إدارة أوباما أصبحت مُجبرة على تعلّم ذلك الدرس مجدداً.

طوال سنوات، أصر المسؤولون الأميركيون على أن مفاعل بوشهر الذي بنته روسيا يطرح خطراً ضئيلاً في مجال الانتشار النووي. لذا ركزوا كامل انتباههم على جهود إيران لتخصيب اليورانيوم. في الوقت نفسه، صدّقت الولايات المتحدة كلام إيران حين اعتبرت أن البلد يشغّل منشآت “سلمية” مثل بوشهر وفق حقوقه القانونية، لكن لم تشرح إيران يوماً السبب الذي يدفع دولة غنية بالنفط إلى إنفاق المليارات على مفاعل لا تحتاج إليه.

لا يعني ذلك أن العالم يجب ألا يتنبّه إلى التقدم الذي أحرزته إيران في مجال تخصيب اليورانيوم (وفق تقرير أصدرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الشهر الماضي، يتم تخصيب 8 أطنان بنسبة 5 في المئة لتطوير المفاعل، إلى جانب تخصيب 238 كيلوغراماً بنسبة 20 في المئة لتصنيع قنبلة). من خلال تكثيف عمليات التخصيب، قد تكون تلك الكميات كافية لتصنيع ست قنابل على الأرجح.

لكن اليورانيوم ليس الطريقة الوحيدة التي تمهد لتصنيع قنبلة. يبرز أيضاً عنصر البلوتونيوم، الذي كثيرا ما عملت إيران في مفاعل ينتجه والمياه الثقيلة في مدينة آراك. يقول الإيرانيون إن المفاعل يهدف إلى إجراء الأبحاث حصراً، لكن لم يحصل مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية على الإذن لدخول المنشأة منذ أغسطس 2011.

ثم ظهر مفاعل بوشهر. وفق شروط اتفاقية إيران مع شركة “روساتوم” الروسية، يُفترض أن تعيد إيران جميع قضبان الوقود المستعملة في المفاعل إلى روسيا لتخزينها. لكن تبين الآن أن إيران نقلت قضبان الوقود في شهر أكتوبر، أي بعد شهرين تقريباً على اكتمال العمل في المفاعل. تدّعي إيران أن قضبان الوقود أُعيدت منذ ذلك الحين إلى مقر المفاعل الأساسي، لكن ما من إثبات موثوق على صحة ذلك الادعاء

.
كان السبب الرسمي لنقل الوقود هو إجراء اختبار في السلامة، ثم أنكرت شركة “روساتوم” التقرير القائل، إن تلك الخطوة نجمت عن اكتشاف قضبان رخوة كانت لتسبب حادثة كارثية. لكن اعتبرت صحيفة “جورنال” في مقالتها أن نقل القضبان يمكن أن يكون اختباراً أجراه الإيرانيون إذا قرروا إعادة معالجة تلك القبضان وتحويلها إلى البلوتونيوم المستخدَم لتصنيع الأسلحة. يمكن إنتاج 24 قنبلة كتلك التي استُعملت في ناكازاكي إذا توافر 220 باونداً من البلوتونيوم.

هذا الواقع ينسف الفكرة القائلة إن مفاعل بوشهر لا يعزز الانتشار النووي. يعني هذا الاستنتاج أصلاً أن مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية يزورون ذلك الموقع بشكل دوري. لكن من الناحية القانونية، يُسمَح للوكالة بتفتيش مفاعل بوشهر مرة كل 90 يوماً فقط، وقد منعت إيران الوكالة من تركيب كاميرات فيديو مزوّدة بإمكانات رصد فاعلة.

يعني ذلك أن إيران قد تختلق عذراً لنقل قضبان الوقود من دون أن تعلم الوكالة بذلك في الوقت المناسب. صحيح أن وكالات الاستخبارات الغربية لا تصدّق أن إيران لديها إمكانات لإعادة معالجة القضبان، لكن يخبرنا الخبراء أن استخراج البلوتونيوم المستعمَل في الأسلحة بوتيرة متسارعة من قضبان الوقود هو عملية مباشرة يمكن تنفيذها ضمن مساحة صغيرة نسبياً (ويسهل إبقاء الأمر سراً).

على عكس ما قاله جو بايدن خلال مناظرته مع بول راين عن أنّ الولايات المتحدة ستعلم مسبقاً بأي خطط إيرانية لتصنيع قنبلة، تشير جميع المعطيات إلى أن معلومات الاستخبارات الأميركية بشأن الإمكانات النووية الإيرانية لا تزال ضئيلة في أفضل الأحوال. في الوقت نفسه، تزيد إيران عدد الوسائل التي تستطيع استعمالها تمهيداً لتصنيع قنبلة.

برزت تحذيرات من خطر الانتشار النووي عبر مفاعل بوشهر منذ مايو 2002. لكن كما يحصل دوماً مع طموحات إيران النووية، غالباً ما تتحقق أسوأ الاحتمالات

Similar Posts

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *