الربيع الكويتي…أكتمال سقوط طبقة سياسية محروقة

” ما حقيقة ما يجري بالكويت من أحداث, يسألني العديد من الأصدقاء من سياسيين و مفكرين و إعلاميين, فلا الصورة واضحة عندهم و ليس ما يجري مفهوما لديهم , أو حتي ذو معني أو معلول بمنطق يستطيع عاقل تقبله وفهمه.

 هناك العديد من الأسئلة تأتي علي المراقبين العرب في أحداث لا يفهموها, و لا يعرفون أسبابها و ما ورائها و قرأت شخصيا عدد من المقالات التي حاولت أن تفهم , و أن تقرأ ما يجري , و أطلعت عليها و لكن للأسف الشديد لم أجد فيها ما يقرأ الواقع كما هو. ومن يخرج إلي الإعلام العربي من الكويتيين أغلبهم مستثقف و ليس مثقف و دخيل علي السياسة و ليس سياسي و منهم ممثلين لأحزاب مفبركة و تيارات صنيعة و يافطات ليس لها قيمة ولا لديها ارتباط بالناس فالعديد من هؤلاء أدوات ردح و منهم من هو نصاب و متسلق , وكل هذا سنشرحه بالتفصيل. أذن هناك و ليس الكل بالطبع من هم ليسوا أشخاص ينقلون الواقع كما هو , فهؤلاء يدخلون في تفاصيل التفاصيل لكي تضيع الحقيقة و معها حقيقتهم كمأجورين للردح و متسلقين يقدمون الكلام و اللغو و يضيع الوقت و لا أحد يفهم حقيقة ما يجري؟!!

وعلي المستوي من يحاول إن يفهم الوضع الكويتي من العرب فيختلف التحليل باختلاف عقليات من يكتبها , فهناك من يريد دمار الكويت كرغبة و هدف ضمن حالة استكمال للحسد العربي و الكراهية الغير مبررة بأي سبب تشابه الكراهية العربية التي أنصدم الكويتيون باكتشافها في الغزو الصدامي لدولة الكويت.. و يأتي تحليل عربي أخر لمن يريد أن يعيش دور المحرر و قائد الشعوب العربية لذلك يربط ما يحدث بسعي للحرية!أم برغبة للديمقراطية! وهذا التحليل عاطفي ساذج يفتقر للمعلومة و يريد أن يلعب دور الكاتب المناضل في أرض(وأعني هنا دولة الكويت) أنتهي فيها النضال للتحرر الشعبي منذ خمسين سنة وهذا ما سيأتي لاحقا لشرحه.

 وهناك من يدخل بالموضوع الكويتي من باب الابتزاز و هوس “وهم” أن هناك من سيدفع ليسكت هذا الصحفي أو هذه الفضائية و هؤلاء من يسترزقون بالسياسة و معروفون بالأسماء و مكشوفون.. لذلك نحن بحاجة لشرح ما وراء اللعبة للعرب الذين يريدون أن يفهمون ما يجري , و للكويتيون الذين لا يعرفون ماذا يجري!؟ فلكي نحاول أن نشرح و أن نفهم فنحن علينا أن نقول ما وراء اللعبة في الكويت؟ أذن هنا كاتب هذه السطور يحاول إيصال حقيقة ما يجري بالكويت , أو ما يعتقده حقيقة ضمن قراءته للحدث

. سأحاول بناء خشبة المسرح بكل تفاصيلها لكي يتسنى للمحلل السياسي أن يفهم و أن ينطلق من أساس من يعرف ما يجري و أساس يستطيع أن يسأل فيه كمحاور عن المسألة الكويتية من باب المعرفة و ليس من باب التخمين أو الحشو الكلامي الغير مستند علي حقائق أرض الواقع. علينا أن نشرح المشهد السياسي الكويتي بجزء من مكوناته الرئيسية: المكون أول هو أسرة إل الصباح الكريمة : وهي أسرة كويتية محبوبة من الناس , و لها امتداد اجتماعي بينهم من خلال علاقات النسب و الرابط العائلي و التواصل , و لها نفوذ كبير بحكم موقعها كأسرة حاكمة وهي الأسرة القائدة تاريخيا لكل مكونات الشعب الكويتي و تلعب تاريخيا دور الفارس و القائد لمجمل القبائل و العائلات الكويتية منذ تأسيس الكيان السياسي للكويت و انطلاقها للعالم منذ أربعمائة سنة و هي تلعب هذا الدور( الاجتماعي-السياسي) بالأساس منذ ذلك الزمان و تم تثبيته دستوريا في عام 1962 عند إصدار دستور دولة الكويت, الذي كان منتوج نضال سلمي للشعب الكويتي منذ الخمسينات و تم تتويج ذلك النضال بعد عشرة سنوات تقريبا عندما لعبت الظروف الدولية و الضغط الداخلي و عوامل أخري الدور الدافع لانجاز دستور شعبي ديمقراطي أصبحت به الكويت شمعة للديمقراطية و الحرية منذ خمسين سنة , لذلك نقول أن ما يسمي ربيع عربي عاشه الكويتيون قبل خمسين سنة و أستحصلوا علي ما يريده الشعب العربي من أنظمته الرسمية منذ ذلك الزمان من حرية تعبير و تمثيل برلماني حقيقي و حرية صحافة و سلطات قضائية و تنفيذية و برلمانية منفصلة عن بعضها البعض الخ من بديهيات كرامة الإنسان و قبل إصدار الدستور كان نجاح الحركة الشعبية بتأسيس الكويت علي قوانين أدارية تنظيمية مهمة تم بناء الدولة الحديثة عليها. و ضمن هذا النجاح للحركة الشعبية الكويتية نجح الكويتيين بفرض اتفاقية تأميم النفط بالسبعينات و تم الانتصار للقضايا القومية العربية و استمر دعم نضال الشعب الفلسطيني بكل الاوجة , وأصبحت الكويت منارة للثقافة و ملجأ للمثقفين العرب و كما تصدر الكويت النفط فأنها أيضا تصدر الثقافة و تسند الحراك الثقافي العربي و معروف دور المجلس الوطني و إصداراته القيمة المهمة مثل سلسلة عالم المعرفة و مجلة العربي و إصدارات المسرح العالمي و الثقافة الدولية.

إذن ما يقال عن حراك ربيع كويتي ليس منطقيا لأنه جاء و حدث و أنتهي قبل خمسين سنة, فلماذا المطالبة بما هو موجود و مستمر بالوجود!؟ ننطلق إلي المكون الثاني للمشهد السياسي الكويتي: وهم “الحلف الطبقي” و يتكونون من التجار , المتمولون ماليا, المضاربين بالعقار و الأراضي , وهؤلاء يمثلون امتداد للطبقة التجارية القديمة لما قبل النفط الذين كانوا يستغلون(إذا صح التعبير!) طبقة البحارة الفقراء, والغاصة أي غواصين اللؤلؤ, المهنيين الكويتيين أي مجمل الطبقات الشعبية الفقيرة و المطحونة التي تشكل حاليا الطبقة الوسطي الكويتية. ومع ظهور النفط هذا “الحلف الطبقي” تطور و كبر ليتكون و ليتشكل كطبقة وكلاء تجاريين ذو نفوذ مالي , و لكن مع ملاحظة أن هذا النفوذ المالي كان نتيجة لسحب الفوائض المالية للنفط عن طريق الوكالات التجارية و أيضا سحب الفوائض المالية لدي المواطنين العاديين نتيجة للمضاربة بأسعار العقار و الأراضي. أذن هذه الفوائض المالية و هذا النفوذ المالي ليست منتوج قاعدة صناعية حقيقية , لذلك هذه الطبقة هي طبقة طفيلية ليست لها إنتاجية في الواقع. و هذا “الحلف الطبقي به تناقضات بداخله و لكن نضعه بخانة واحدة كمكون ثاني للمشهد السياسي الكويتي. المكون الثالث: تمت فبركة شخصيات و أحزاب و تيارات لمواجهة المعارضة الحقيقية المتمثلة القوميون العرب الكويتيين, وجزء من هذه الشخصيات تتبني الخطاب “المعارض” و لكنها مرتبطة بالنظام عضويا.

 قام و يقوم الحلف الطبقي و أجزاء من أطرافأجنحة الأسرة الحاكمة, بصنع و صناعة “معارضة من داخل النظام!” تتكون من شخصيات و تنظيمات سياسية و هي معارضة اصطناعية مفبركة. فعندما نتحرك بالتحليل لما وراء اللعبة, نجد أن هناك شخصيات سياسيةبرلمانية لها نفوذ داخل وزارات الدولة!؟ولكنها تطرح خطاب معارض؟! فهناك تناقض واضح والسؤال يطرح نفسه هنا؟ أذا كانت هذه الشخصيات معارضة للنظام و للسلطة التنفيذية , فلماذا تُفتح لها الأبواب المغلقة بالوزارات ليكون لهذه الشخصيات نفوذ داخل الدولة , و لكي تستطيع هذه الشخصيات تأسيس قاعدة اجتماعية تنطلق منها انتخابيا. والجزء الأخر من “المعارضة من داخل النظام” غير الشخصيات التي ذكرناها بالاعلي , فهناك تنظيمات سياسية تمت فبركتها من اللا شي , و المثال عليها هم حزب جماعة الإخوان المسلمين و غيرهم. أن حزب جماعة الإخوان المسلمين هو تنظيم سياسي تم فرضه علي الواقع الاجتماعي الكويتي , فتاريخيا كما هو معروف فالواقع الاجتماعي الكويتي هو واقع قومي عربي , و واقع منفتح علي كل المستويات , و هذا منتوج طبيعي لكون الكويت ميناء.

تمت فبركة الإخوان المسلمين لضرب القوميون العرب الكويتيون , و التي تمثل ” المعارضة الحقيقية” التي تقود الشعب الكويتي بما يمثله من طبقة البحارة و الغاصة و بقية الطبقات الشعبية الكويتية لما قبل النفط. حيث تم دعم هذا التنظيم اللقيط و المصطنع , فشارك الإخوان المسلمين بكل الحكومات و تم السماح لهم بفتح مراكز حزبية تحت واجهات لجمعيات نفع عام بشكل طفيلي غير مسبوق , و تم توالد تلك المراكز و الجمعيات بما هو غير طبيعي , و تم في نفس الوقت إغلاق الأندية الاجتماعية للتيار القومي العربي. لماذا تمت فبركة الإخوان المسلمين و فرضهم علي الواقع الاجتماعي و السياسي الكويتي؟ أن أحد الأسباب هو لسحب الشباب من التيار الوطني الحقيقي الذي يمثل المعارضة الحقيقية. حيث تم تقليد نموذج الرئيس المصري السابق أنور السادات بالاستعانة بالإخوان المسلمين لضرب القوميون العرب.

 أن القوميون العرب تاريخيا بالكويت يمثلون ضمير الأمة, فهم لأنهم يمثلون الضمير و صوته فالشعب يثق بهم و يتبعهم, و هم يمثلون المكون الرابع:: و هي المعارضة”الحقيقية” و أضع تلك كلمة حقيقية أكثر من خط و أريد أن ينتبه لها القارئ و هذه المعارضة”الحقيقية”التي تمثلت بقيادة القوميون العرب الكويتيون الذين قادوا تاريخيا الحراك الشعبي الكويتي المطالب بالديمقراطية و مثلوا منذ الخمسينات صوت الضمير للناس و هي الحركة التي عبرت عن طبقات البحارة و الحرفيين و غواصين اللؤلؤ و ساكني القرى و البدو الرحل أي هم كانوا صوت المسحوقين و الفقراء , و لعل هذا الصوت القومي العربي و هذه القيادة للحراك الشعبي الكويتي هو ما أدي إلي المجتمع و الدولة بالكويت إلي التطور من حال سيء إلي حال أفضل.

 و قد يكون الدور المحوري الذي لعبه المرحوم الشيخ عبد الله السالم بالتوافق مع الحراك الشعبي الكويتي قبل خمسين سنة حاسما آنذاك, حيث كانت النظرة الثاقبة للأمير الكويت الراحل من حيث تثبيت حكم أسرته بحكم القانون الدستوري و من حيث اعتراف المجتمع الدولي بحكم الأسرة الصباحية علي دولة الكويت من خلال مصادقة الشعب الكويتي علي دستور 1962 الذي يعطي الامتيازات البرلمانية الحديثة للشعب الكويتي مقابل تثبيت حكم الأسرة الصباحية بحكم القانون الدستوري العام.

و هذا الأمر يدل علي النظرة الثاقبة و الجيدة للأمير الراحل, و أيضا علي التناغم الحاصل بين التيار القومي و رأس الإمارة المتمثلة بحاكم البلاد آنذاك الشيخ عبد الله السالم الصباح.. . وعاشت هذه المعارضة”الحقيقية” منذ ذلك التاريخ(1962) صراع ما بين من هم ضد الدستور و من هم مع الدستور كنتاج طبيعي لوجود حرس قديم في مجمل للمشهد السياسي الكويتي بكل مكوناته و هذا قانون طبيعي أذا صح التعبير حيث يرفض جزء من المجتمع من مختلف الطبقات ما هو جديد و يتمسك جزء بما هو حديث . لكي نفصل المسألة للقاري العربي علينا أن نقول أنه كانت هناك محاولات عديدة جرت لتخريب العملية الديمقراطية التي أنشأت في الكويت نتيجة لحراك التيار القومي العربي , و هذا الحراك الذي أسس لدولة الكويت الحديثة من حيث بناء الدولة القانوني المؤسساتي المستند علي دستور 1962 . و هذا الدستور الذي نجح الحراك الشعبي الكويتي بقيادة القوميون العرب قبل خمسين سنة بفرضه علي النظام الرسمي الحاكم نتيجة لعوامل دولية متعددة و كمحصلة للنظرة البعيدة للقيادة القومية في الكويت , التي استطاعت أن تتحرك بنجاح سياسي مذهل في بلد( المدينة الميناء) المستندة آنذاك علي قيم عشائرية قديمة بعيدة عن رتم التطور الحضاري للشعوب للحصول علي نظام قانوني حديث للدولة. أن هذا النجاح السياسي الذي أستحصل عليه التيار القومي العربي, أدي ألي حصول مقاومة من “الحرس القديم” الذين لا يريدون ما هو جديد و لا يريدون سقوط الارتباطات العشائرية القديمة التي كانت تعطيهم مزايا و مميزات بعيدا عن سطوة الدولة القانونية الحديثة المستندة علي مؤسسات دستورية. فحيث هناك تطبيق للقانون يختفي الدور العشائري

. أذن كان هناك صراع قديم في الكويت بين ما هو عشائري و ما هو دستوري وهو صراع من وجهة نظري أنتهي و ليس موجود إلا بالتاريخ .. ولعل أن ما كل جري من خلال تزوير مجلس 1967 و حل المجلسين 1976 و مجلس 1985 و الإصرار علي أقامة مجلس ورقي كرتوني مهلل, أقرب إلي المسرحية منها للبرلمان وهو ما تمت تسميته بالمجلس الوطني! 1990 . كان حلقات من هذا الصراع مع تاريخ طويل من الأزمات المفتعلة من محاولات تنقيح الدستور إلي أزمة المادة 70 إلي العديد من الأزمات المفتعلة المتعلقة بمحاولات إسقاط ما أستحصل عليه الشعب الكويتي من نضاله السلمي بخمسينات القرن الماضي. أذن حتما أن هناك من كان مع و من كان ضد الدستور الشعبي لذلك تعثرت التجربة في عدة مواقع و لكنها عادت بثبات منذ العام 1992 و أستمر الجميع يلعب اللعبة السياسية ضمن الدستور الشعبي و تحت سقفه و آلياته القانونية و لعل استمرار الديمقراطية في الكويت و قبول الجميع باللعبة السياسية تحت مظلة الدستور العبي لعام 1962 أدي لاستقرار البلد علي المستوي السياسي و ما تم تسريبه من قبل جريدة القبس الكويتية عن الدفع و التشجيع الذي كان يقوم به الأمير الوالد الراحل الشيخ سعد العبد الله الصباح لدول الخليج للحذو و الالتزام بالتجربة الكويتية و تعميمها علي كل دول الخليج العربي , لعل ذلك الأمر هو الدليل الاكبر علي أن هناك نهاية لصراع من مع و من ضد الدستور فالأمر أنتهي و أصبح تاريخيا..

 أذن ما حصل أن محاولات التخريب فشلت كلها , و كان قناعة الشعب الكويتي و إصراره علي التمسك بمكتسباته , أدت إلي تثبيت الالتزام باللعبة السياسية تحت أطار الدستور , و هذا ما التزم به النظام بتصوري منذ 1998 لذلك نقول أن هذا الصراع السابق أنتهي و أصبح من الماضي بل أن حتي شخوصه و أشخاصه توفاهم الله و أصبحت المسألة تاريخية بحتة للباحثين و الدارسين لذلك توصلنا إلي ما يشبه القناعة و هو أن أعادة طرح مسألة من مع و من ضد الدستور أصبحت مسألة إفلاس سياسي و فقدان لقضية أكثر من كونها واقع موجود. أن غياب خطاب جديد للمعارضة”الحقيقية” و أيضا ضعفها التي أصابها نتيجة ضربات النظام لها المتواصلة منذ الستينات و رغبته بالتخلص منها , ناهيك عن العوامل الذاتية لتلك المعارضة أدي ألي تدميرها ألي يوم النهاية الرسمية لهذه المعارضة”الحقيقية” بوفاة سامي المنيس , الذي أعتبره شهادة وفاة رسمية للمعارضة ” الحقيقية” و به انتهت مرحلة سياسية و ابتدأت مرحلة أخري و لعل الجانب الايجابي لذلك الصراع القديم الذي أنتهي هو فرض الالتزام بدستور 1962 علي كل الأطرف بل تبني النظام لنشر التجربة الكويتية خليجيا كما ذكرنا سابقا. أن صراع” من مع و من ضد الدستور” صحيح أنه أنتهي و لكنه في نفس الوقت قضي علي المعارضة الحقيقية فانتهت و إن بقي شخصيات من هنا و هناك و لكنها معارضة”حقيقية” ميتة.

 لذلك كتبنا قبل سنوات عديدة مطالبين المعارضة”الحقيقية” بإعادة تبني خطاب جديد لمرحلة جديدة وزمن مستقبلي لكي لا يتجاوزها الزمن و هو بالفعل تجاوزها ألان لأنها لا زالت تعيش صراع تاريخي انتهي بل و انتهت شخوصه و أشخاصه إلي ذمة الله تعالي و ذكرنا حينها بالنص ما يلي: ” أن تحليل الواقع السياسي هي أحد الأمور الأساسية لوضع الحلول لما هو مشكل و ما هو معضلة في أي بلد من البلدان, لذلك كان دور الإعلام الحقيقي و البناء أحد ركائز تقدم أي بلد و رقي أي شعب. و لا شك أن لكل تحليل سياسي, قواعد بانية له و مؤسسة لما يترتب عليه التحليل السياسي من نظريات تنتظر التطبيق من صاحب القرار السياسي في مختلف السلطات القائدة للدولة.

 أعتقد أن الأساس التحليلي لعدد كبير من السياسيين الكويتيين, هو أساس مبني علي القواعد التحليلية القديمة و المكررة التي كان و ما زال الإخوة الأفاضل من مجموعة الطليعة(القوميون العرب الكويتيون) يستخدمونها في التحليل السياسي, و هي القواعد و الأسس التي تفترض وجود أعداء للديمقراطية و مؤيدين لها.. أن المشكلة الأساس في هذا التحليل: أنه تحليل مستخدم منذ أكثر من نصف قرن من الزمان, بطريقة مبهمة و من دون أسماء محددة يستطيع الإنسان من تحديد من مع ذلك الطرف أو ذاك الطرف, و أيضا هو تحليل مكرر حتى مله الجميع.. و هي قواعد للتحليل يستخدمها أغلب السياسيين الكويتيين, أما من باب الإفلاس الفكري لقواعد تحليل جديدة, أو من باب تكرار ما هو مكرر علي مدي أكثر من نصف قرن.. أن الكويت كبلد يحتاج إلي شيئين أساسيين للحصول علي النهضة المفقودة منذ زمن الغزو الصدامي للبلد: الأول هو التحليل العلمي السليم المبني علي قواعد جديدة للتحليل العلمي لما وراء السطور أذا صح التعبير. و الثاني هو قراءة هذه التحاليل و معالجتها ضمن الاقنية الدستورية و السلطوية ليتم التحرك العملي الفعال علي أرض الواقع لتطبيق ما أتت به هذه التحاليل من نظريات يمكن أن تعيد النهضة الكويتية المفقودة , التي كانت تصنع الريادة و التميز الدولي لهذا البلد ,أو ما كان يعرف سابقا بدرة الخليج” .

و بغياب المعارضة”الحقيقية” علي الساحة السياسية حدث ما هو طبيعي حيث بغياب المنافس و الصوت الأخر , بدأ النظام أو الأسرة الحاكمة تتشكل فيها ما يشبه الأجنحة أو أطراف النظام و أخذت هي الإطراف تتنافس فيما بينها بعد أن اختفت المعارضة”الحقيقية” من علي الساحة. و وجود أطراف للنظام و أجنحة بتصوري حالة طبيعية قديمة لأن من طبيعة البشر الاختلاف و لكن الأهم غياب التناقض الطبيعي ما بين هو” معارض” و ما بين من هم “سلطة” أدي لتعميق انقسام أجنحة النظام لغياب أي منافس للنظام حيث أصبحوا سادة الساحة بامتياز , و هذا ما يجري ألان علي الساحة الكويتية منذ سنوات حيث تتصارع أطراف النظام مع بعضها البعض من خلال “أدوات” يسيطر عليها كل جناح من النظام و يحركها بالريموت كنترول أذا صح التعبير , و هذه الأدوات تتنوع من نواب برلمان إلي صحافيين و إعلاميين و تمت فبركة شخصيات يتم استخدامها في هذا الصراع علي النفوذ و الفوائض المالية بالدولة تحت مسميات ناشط سياسي و ناشط أعلامي و هؤلاء يستخدمون للردح الغير مباشر و ليس لهم علاقة لا بالسياسة و لا بالإعلام و لكن مرتزقة للردح الكلامي. لأن هناك غياب للمعارضة”الحقيقية” فهناك صراع علي النفوذ ,والمصالح , ضمن المشهد السياسي الكويتي, فناك “أدوات” يتحركون ضد “أدوات”.

“أدوات” لتجار من الحلف الطبقي ,أو “أدوات” لأجنحةأطراف داخل الأسرة الحاكمة. عندما نري من يخرج إلي الشوارع بالكويت في هذه التجمعات العبثية الفاقدة لأي هدف أو سبب منطقي , يري المراقب الواعي البصير أن من ينظم هذه المظاهرات هم من قواعد و كوادر الإخوان المسلمين , الذين هم تاريخيا صنيعة للنظام. إذن النظام يحارب نفسه! بأن يحرك أداة من أدواته ضده!

 ضمن صراع أطرافأجنحة النظام مع نفسها و مع بعضها البعض. أن هناك غياب للفكر في المشهد السياسي الكويتي , فمن هم ساسة في الكويت لا يمثلون فكر أو أيديولوجية , أن “الساسة” في الكويت يمثلون “يافطات” لتجار أو أطراف داخل الأسرة الحاكمة. فمنذ متى كان الإخوان المسلمين و باقي الشخصيات “السياسيةالبرلمانية” الذين فبركهم و صنعهم النظام , منذ متى كان هؤلاء يمثلون التيار الوطني؟ و نقصد هنا “المعارضة الحقيقية الأصيلة” بالتسعينات أين كان هؤلاء المفبركين و هذه المعارضة”المزيفة” من المرحوم سامي المنيس؟ الم يكن هؤلاء ضد سامي المنيس؟ الم تكن قواعد و كوادر حزب جماعة الإخوان المسلمين في الجامعة تشتم الديمقراطية؟ الم يكونوا يشتمون حقوق المرأة؟

ألان و بقدرة قادر أصبحوا ديمقراطيين! و ينادون بالدستور! نحن نرفض أن يستغفل أحد شعبنا الكويتي , و لن نسمح بأن يستحمره حزب مفبرك من هنا , أو شخصيات تتحرك بالريموت كنترول من هناك. أن في كل حل للبرلمان و في كل تغيير للحكومة أو حتي إسقاط و تدوير للوزراء لا شي جديد يجري و لا فائدة من كل هذا؟ لأن المشهد السياسي الكويتي يعيد أنتاج أدواته في كل انتخابات , و لكن المشهد الكامل لا يتغير , فقد تقل حصة جناحطرف من النظام من “أدواته” النيابية , أو قد يفقد أحد مكونات”الحلف الطبقي” أداة نيابية من أدواته لصالح طرف أخر و لكن المشهد برمته لا ينتج شيئا جديدا , و هو مشهد عبثي لصراع علي النفوذ و الفوائض المالية أدي إلي “سكة سد” أو بمعني أخر أدي كل ما يجري و جري إلي طريق مغلق لا أنتاج فيه أو نهضة أو تقدم. حيث لا يوجد طرح قضايا حقيقية تخدم و تهم الشعب الكويتي.

 كل ما ذكرناه بالاعلي يجرنا إلي سؤال مهم و حيوي؟ أين الشعب الكويتي من كل هذه المكونات؟ و أين مكان الشعب الكويتي في هذه اللعبة؟ أن الشعب الكويتي يتكلم بالسياسة يتحدث بها و يتسلي فيها و لكنه في نفس الوقت لا يستطيع أن يمارسها؟! لماذا لا يستطيع الشعب الكويتي أن يمارس السياسة؟ أن من يتحكم بالمشهد السياسي الكويتي بالعموم و بمخرجات العملية الانتخابية بالخصوص هو: 1التنظيم. 2رأس المال. 3والإعلام الموجه. فمن يمتلكها هو من يتحكم بمخرجات العملية الانتخابية ولنا أن نستذكر و نتذكر تصريح مهم للنائب السابق الأستاذ خلف دميثير في مقابلة تلفزيونية و هو نائب مخضرم موجود بالبرلمان منذ ثلاثين سنة حيث ذكر أن التكلفة المالية لأصغر حملة انتخابية للبرلمان الكويتي تكلف أربعمائة إلف دينار كويتي بما يعادل ثمانمائة إلف جنيه إسترليني و ليركز القاري الكريم هنا علي كلمة”أصغر” فالمبلغ هنا للحملات الصغيرة أما الحملات الانتخابية العادية و الضخمة فحدث و لا حرج عن تكاليفها المالية؟ أن الشخص العادي بالكويت لا يملك مثل هذا المبلغ الطائل, فهل في مقدور أي شخصية عادية من الشعب الحصول علي هذا القدر من المال لينفقه بحملة انتخابية؟ أذن الواضح جدا و الجلي أن هناك تمويل لهذه الحملات الانتخابية و السؤال هنا مفتوح لكل الطبقة السياسية من أين لكم كل هذا؟

أن المراقب الذي يريد أن يعرف من يحارب من في الكويت, عليه أن يعرف من يتحكم بوسائل الإعلام المختلفة من فضائيات خاصة, و صحف ورقية و الكترونية….الخ أين هو الصراع و من ضد من؟ علي المراقبين السياسيين و الفضوليين! تحليل و معرفة من وراء الإعلام ليعرفون من ضد من في الكويت؟ أن الشعب الكويتي المغيب والغائب عن المشهد السياسي الكويتي أن هذا الشعب يريد نهضة صحية , نهضة تعليمية , حل للمشكلة الإسكانية , ومراقبة جشع التجار و وقف المضاربة بالعقار والأراضي وإيقاف الارتفاع الغير طبيعي للأسعار , حل المشكلة المرورية….الخ و هذا كله مفقود مع جمود المشهد السياسي الكويتي و عبثيته و دورانه في دائرة مفرغة من اللا شي. كساقية الماء التي تدور و تدور و لكن بالكويت حتي تلك الساقية هي فارغة من كل شي حتي الماء!؟

أن المشكل الأساس للكويتيين ليس الديمقراطية فهي موجودة منذ خمسين سنة و المؤسسات الدستورية مستقرة منذ اثنان و عشرين سنة , أن المشكل هو بفشل نفس المؤسسات من سلطة تنفيذية(حكومة) و سلطة تشريعية(برلمان) بحل مشكلات المواطن الخدمية من أسكان و تعليم و صحة من حيث الجودة المقدمة و مستواها , نعم ليس هناك مشكل معيشي مالي للمواطن الكويتي و صحيح ليس هناك مشكلة جوع و اضطهاد و قهر سياسي و لكن هناك مُشكل لرداءة المستوي خدمي المقدم للمواطن و قلة جودته.

 حيث أن البلد كان يعيش غياب لنهضة كانت القدوة للآخرين و ريادة مفقودة بكل المجالات تعود عليها الكويتيون و غابت عنهم منذ تحرير البلد من الغزو الصدامي وحدث تراجع لمستوي الخدمات المقدمة من جهاز الدولة للمواطن و إن ظل الكويتيون لا يعيشون مشكل معيشي مادي و لكن مستوي الخدمات هابط و سيء و تأخر و تعرقل المشاريع النهضوية للدولة شكل مصدر قلق و حزن و خيبة أمل لكل الكويتيين, هذا علي المستوي الداخلي.. أما علي المستوي الخارجي تمر الكويت بمنعطف خطير و سط غليان دولي و حرب مفتوحة ومحاولات لإعادة ترتيب المنطقة دوليا الذي يأخذ أكثر من مسمي من مشروع الشرق الأوسط إلي ما يتم تسريبه من سايس بيكو جديد لدول جديدة و مناطق نفوذ سياسي للنفوذ الإمبراطوري الدولي و الإقليمي , وضمن هذه الترتيبات و أعادة الترتيب تجري هناك الحرب و الصراع بين الجمهورية الإسلامية المقامة علي أرض إيران و مجمل الاستكبار العالمي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية , و هي حرب بكل ما تعنيه معني الكلمة وان لم تصل إلي مستوي الحرب المفتوحة أي بالمعني العسكري الكلاسيكي و لكنها حرب استخبارات و اغتيالات و أيضا حرب تكنولوجيا و أيضا حرب أعلام فضائي ومحاولات استخدام للثورات الناعمة.

أن الأمر الأخير و ما يحتويه من أعادة تقسيم المنطقة خطير جدا علي الكيان الكويتي كدولة مستقلة و هو يتحرك في خط نزع استقلالها السياسي و معروف ما تم تسريبه من وثائق ويكيليكس من أن الكويت لن يكون لها وجود في العام 2020 ! ناهيك عن ما تم تسريبه من مشروع لشرق أوسط الكبير الذي أيضا يلغي الكيان السياسي للدولة. أن دولة الكويت مفروض عليها “التعامل”مع الأمريكان لما ترتب عليه الغزو الصدامي من أمور و فواتير؟! حيث وجدت الكويت نفسها آنذاك ملغية من الخريطة بقرار مجنون من رئيس عربي؟!

 , و في نفس الوقت تفاجأت بحالة الغدر العربي و الكراهية المحيطة بها و بكم التشفي العربي و السعادة الشبقية لزوالها رغم ما كانت تقوم به الكويت حكومة و شعبا بمناصرة و دعم الأنظمة الرسمية العربية و أيضا دعم الشعوب و تنميتها و معروف دور الكويت المحوري الكبير في القضية الفلسطينية حيث تأسست فيها منظمة التحرير و الكثير من الفصائل الفلسطينية المسلحة ناهيك عن الدعم المالي و أيضا مشاركة الجيش الكويتي بحرب 1967 و حرب 1973.

 ففي حالة الغدر العربي الصادم و مطلب التحرير الواجب و إزالة الغزو كان مطلب أعادة البلد أهم شي تتحرك به الدولة التي تريد أن تعيش في وسط بحر يريد لها الموت. لذلك كان التعامل مع الأمريكي ضروري و حتمي و واقعي و مطلوب, لذلك نحن دائما نقول: أن دولة الكويت وجدت نفسها “بكماشة” أمريكية عربية مشتركة فليس للمؤمن أن يثق بعروبة مزيفة تريد الموت لأخ عربي و لا الكويت أيضا ساذجة لتواصل الاعتماد علي الأمريكان لما يحملونه من غدر بأصدقائهم و لا أصدقاء لهم كما يحكي لنا التاريخ ومعروف ما يتحركون به الأمريكان من تقلبات و غدر و مصلحيه براغماتية علي طول خط تاريخهم و أيضا معروف نفاقهم سياسي وعلينا أن لا ننسي الضوء الأخضر الأمريكي لصدام حسين لغزو الكويت كان موجودا كما كان نفس الضوء الأخضر موجودا عند غزو الجمهورية الإسلامية في العام 1981.

 في ظل هذه الظروف البركانية ظهرت فكرة للخروج من هذه الكماشة العربية الأمريكية و تتلخص هذه الفكرة بإعادة دور الميناء إلي الكويت وتحويلها لمركز تجارة عالمي كما كانت عليه و هو تاريخيا أساس وجودها و نقطة انطلاقها السياسي القديم وهذه الفكرة بإعادة أحياء دور الكويت كميناء هو لربط مصالح الدوائر المحيطة بوجود الكويت كدولة. فعند هذه النقطة تصبح أي محاولات لتدمير و محاولة إلغاء الكيان السياسي للكويت سيعود بالضرر علي هذه الدوائر الدولية, لذلك تحرك جهاز الدولة لوضع الخطط الشاملة للتنفيذ و هو ما تم التعارف بخطة التنمية و التي تكلف الدولة رقما فلكيا مرعبا و هو يقارب مائة إلف مليون دولار أمريكي. و ضمن قراءتي لما يحدث تم التنادي للمؤتمر الأسيوي الاقتصادي الذي تم عقده بالكويت و هو بتصوري استكمال لتحقيق هذه الفكرة علي نطاق دولي. كل هذا جيد و ممتاز علي مستوي النظرية و لكن عبثية المشهد السياسي الكويتي و عدم وجود أي إنتاجية ملموسة علي أرض الواقع غير الهياط و الاستعراض الكلامي نتيجة لجمود المشهد كله , عرقل هذه الخطة التي لا نعرف ماذا حصل لأموالها الطائلة؟ وهذا هو منتوج مباشر لصراع عبثي مستمر بين أطراف النظام باستخدام أدواتهم من المعارضة المزيفة.

 أن ما يحصل بالكويت باختصار هو عبث و مضيعة للوقت بامتياز فيما ما يُسمي صراع أطراف ضد أطراف أخري داخل النظام , و يمكن الاستدلال علي ذلك من خلال معرفة ملاك القنوات الفضائية الخاصة و باقي وسائل الإعلام من صحف الكترونية و ورقية و أيضا أذا تمت ملاحظة العاملين في وسائل الإعلام سنجد عددا كبيرا منهم من المرتبطين بأعضاء البرلمان كمفاتيح وكوادر انتخابية أو من غير الكويتيين ,الذين يتم استخدامهم كأدوات ضمن صراع الإطراف هذا.. أننا محايدين في صراع أطراف النظام في الكويت, و نقف علي نفس المسافة من الجميع, و لسنا مع أي طرف ضد أخر, لأنه صراع ليس سياسي أو اختلاف فكري بل هي شخصانية و حالة اختلاف اجتماعي و ليس لنا موقع فيه ألا الحياد , و من يدخل في هذا الصراع كأداة من نائب برلماني مرورا بوسائل أعلام إلي أحزاب و شخصيات فردية , لا أتصور أنهم يمثلون حالة من النزاهة و الشرف و الضمير ناهيك علي الكياسة الاجتماعية الشعبية التي تمنع التدخل بأمور شخصية عائلية بشرية , و لكن ما يجري هو أن لكل مجتمع بطبيعة الحال مجموعة من المرتزقة الوصوليين و يمكن أن نقول أيضا عن وجود سذج و طفيليون الذين يدخلون علي خط الخلافات العائلية من باب مصلحة من هنا أو تكسب من هناك أو في الحالة الكويتية بغياب المشكل المعيشي تصبح تسلية من هنالك. ليس لأي وطني وكويتي حقيقي دخل في صراع أطراف النظام مع بعض و ليس هناك شخص يحترم نفسه و تاريخه يرضي إن يكون أداة تحريكية , و ليس لنا دخل بمن يريد إن يصنع بطولة ورقية و وطنية مزيفة في ظل هذا الصراع فالكويتيون يعرفون بعضهم البعض و هذه الحالة الاستعراضية من الأدوات(أعضاء برلمان,شخصيات متسلقة..الخ) لا تخفي علي الكويتيون الواعيين. .

 في” صراع أدوات ضد أدوات” فكل جناح من أجنحة النظام لديه أدوات من برلمانيين يحارب بها الجناح الأخر من النظام , فبالكويت أصبح النظام يحارب نفسه بنفسه في صراع عبثي لا معني له و لا فائدة إلا التنافس علي النفوذ و الصراع علي الفوائض المالية للدولة. و هذا الصراع في مراحله الأخيرة و إلي طريقة للنهاية بعد إن وقفت التنمية و تذمر الناس و أيضا أتصور أن مجمل النظام مل من هذه العبثية الغير منتجة فما حدث مؤخرا و بالسابق من تجمعات عبثية لا هدف لها و لا قضية زاد الإسفاف فيها و الانحدار إلي أقصي مدي و حد تقبله أي دولة في العالم. و لغة الحوار السياسي الجاري حاليا في الكويت لا تسر أحد, فهناك انحدارا لمستوي التخاطب لما دون لغة الشوارع السفلية ( أذا صح التعبير) و سقوط الحوارات إلي درجة خطيرة من غياب للآداب العامة لما يجب أن يتحلي به الفرد في مواقع المسئولية

. و أيضا هناك تسيد لغة الإثارة و الاستعراض الهستيري , حيث طغت الرغبة في الهستيريا الاستعراضية و الإثارة الإعلامية علي لغة العقل و الحكمة و علي ما هو مطلوب من أشخاص يفترض أن يكونون في مستوي رجالات دولة (أذا صح التعبير) إلي إن وصل الأمر إلي ضرب النظام العام للبلد و مخالفة النظام الدستوري الشعبي الذي أستحصله الكويتيين فهنا نجد إن جزء من الطبقة السياسية الفاسدة في البرلمان تضرب القضاء و تخالف مبدأ فصل السلطات و تحاول إلغاء أحكام قضائية و علي أي مراقب أن يلاحظ إن القضاء الكويتي ألغي مراسيم أميرية عندما اشتكت مواطنة كويتية عادية علي قانونية هذه المراسيم و تقبل” النظام”ذلك الأمر و التزم بالحكم القضائي في حين حاولت جزء من طبقة سياسية فاسدة إلغاء أحكام قضائية؟! أن هناك من يريد الاستعراض و خلق الشو الإعلامي علي نفسه من باب العقدة النفسية و الرغبة بأحداث نشوة تلبي العقدة النفسية بعيدا عن المسئولية الواجب تحملها و العمل بها لمن يفترض فيه أن يكون مسئولا وصوتا للعقل و الحكمة و أن لا تحركه العواطف كما تحرك العامة من الناس. !

أن هناك من” الأدوات” من تم اتهامه بأنه يستلم أموال و تم و صفهم بالقبيضة أي المرتشيين. و هناك من الأدوات من يعيش المشاكل النفسية و الاختلال العقلي و إمراض الهستيريا العصبية التي تزيدها كاميرات الإعلام و يعيش بعض” الأدوات” وهم الزعامة و الشو الاستعراضي أمام الكاميرات بشكل هستيري تمثيلي كوميدي هو تفريغ لعقد نفسية أكثر من كونه كلام لعاقلين. و هناك من الأدوات من كان يعيش السقوط المجتمعي و تم رفعه اجتماعيا و سياسيا لأرقي المواقع السياسية , و للقاري الكريم أن يتخيل نفسية أشخاص مثل هؤلاء. أن تفصيل “الأدوات” سيطول لأن لكل” أداة” قصة و حكاية و بالتفاصيل ستضيع الحقيقة التي تتحرك حاليا بخط التطبيق و هي كما يلي من سطور:

. ألان من هم “أدوات”من برلمانيين وأحزاب و تنظيمات و يافطات و شخصيات كلها بكل تفاصيلهم و شخصياتهم و أحزابهم بطريقهم إلي الاستبدال و التبديل فالنظام سيغير أدواته التي هو من صنعها و فبركها و فرضها علي الواقع لسياسي و الاجتماعي الكويتي ضمن صراعه مع المعارضة “الحقيقية” المتمثلة بالتيار القومي العربي , و الذي أنهار و تدمر نتيجة لهذا الصراع الطويل, و بالمحصلة أنتهي” النظام” إلي مجموعة معقدة من أشباه السياسيين و المستثقفين أصبحوا عالة عليه كنظام يحكم , و أصبحوا مرض سرطاني قتل الكويت كدولة و أن بقي “النظام” حسب وجهة نظري قويا متماسكا و فلولا هذه القوة و التماسك لما أصبح هناك أطراف للنظام تتصارع فيما بينها , فهذا الصراع منتوج تضخم القوة و ليس ضعفها و منتوج غياب أي منافس حقيقي , حيث لا توجد “معارضة حقيقية” و ما هو موجود معارضة” من داخل النظام”.. بكل بساطة النظام يريد تغيير أدواته من البرلمانيين و مجمل الطبقة السياسية الحالية فهو لا يريدها و لا يرغب بالتعامل معها , و هو بالأساس من صنعها و فبركها و فرضها علي الواقع السياسي الكويتي لظروف مرحلة سابقة انتهت وذهبت ظروفها كما شرحنا سابقا , فهو أي “النظام” في مرحلة تجديد و تغيير أدواته من برلمانيين أي أن النظام يعيد هندسة الطبقة السياسية و الاجتماعية الكويتية , و لذلك ما يحدث هي صرخة غريق يعرف أنه أنتهي و ميت يدرك أن ذاهب إلي الوفاة فهي صرخة في وادي و بداية النهاية” لأدوات” تم استخدامهم و أصبحوا كروت محروقة لا يريدها النظام. أن “الربيع الكويتي” هو ربيع نظام و ليس ربيع “شعب” و أتصور أن النظام حسم قراره بإعادة هندسة الطبقة السياسية الكويتية لما وصلت إليه من فساد و سقوط أنتهي إلي غياب و دمار للدولة و أن بقي “النظام” قويا و لكن عبث المشهد السياسي الكويتي أسقط الدولة و أن بقي “النظام” قويا متماسكا يمسك كل الخيوط بيده بقوة. أن الربيع الكويتي هو ربيع سقوط طبقة سياسية فاسدة لكي تعود الدولة من جديد في الكويت.

 الدكتور عادل رضا

[email protected]

 

Similar Posts

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *