جذور المؤامرة على فلسطين
قامت الماسونية العالمية بالتخطيط لتفتيت دولة الخلافة الإسلامية وذلك ببث بذور الفرقة والعنصرية بين الأتراك والعرب عن طريق إنشاء جمعية الاتحاد والترقي والتي تنادي بتفوق العنصر التركي على العنصر العربي مما ساعد على قبول فكرة الإنقسام العربي عن الحكم العثماني, وقاد عملية الإنقسام مكماهون وضابط المخابرات الانجليزي لورنس بالإتفاق مع الحسين بن علي سنة ١٩١٥ ووعدوه بإنشاء مملكة للعرب يكون هو ملكا عليها تضم الحجاز والعراق وسوريا والأردن وعاصمتها مكة المكرمة مع استثناء فلسطين وأن تقدم انجلترا كافة أشكال الدعم الإقتصادي والعسكري للمملكة الناشئة خلال الحرب العالمية الأولى فتآمر الحسين بن علي والذي كان حاكما على مكة المكرمة مع بريطانيا لإنهاء الخلافة العثمانية تمهيدا لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين وإنقلب على دولة الخلافة الإسلامية العثمانية بضربها من الجنوب في الوقت التي كانت تقاتل فيه روسيا القيصرية شرقا وأوروبا الشرقية وانجلترا وفرنسا وإيطاليا غربا وشمالا سميت هذه الخيانة بالثورة العربية الكبرى وكان على رأس جيش الحسين بن علي ابنه فيصل الذي تولى قيادة الجيش الشمالي إلى جانب القوات البريطانية ودخل سوريا سنة ١٩١٨ بعد جلاء الأتراك عنها.
بعد شهور قليلة من اتفاقية مكماهون مع الحسين بن علي أقامت انجلترا وفرنسا معاهدة سرية وهي معاهدة سايكس بيكو سنة ١٩١٦ اتفقوا فيها على تقسيم أملاك الخلافة العثمانية بينهما بعد انتهاء الحرب العالمية على أن تفرض انجلترا حمايتها على العراق والأردن وتفرض فرنسا حمايتها على سوريا ولبنان بينما تصبح لفلسطين إدارة دولية تحت إشراف روسيا وجاء بعدها وعد بلفور في ١٩١٧ ببناء وطن قومي لليهود في فلسطين بعد سقوط الخلافة الأسلامية . وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى في سنة ١٩١٨ بدأت انجلتر وفرنسا تقسيم الدولة العثمانية وطبقوا اتفاقية سايكس بيكو مع تعديل بجعل فلسطين تحت الانتداب الانجليزي فقط بدل الإشراف الدولي مقابل إطلاق يد فرنسا في الجزائر وتونس ووزعوا البلاد التي وعدوا بها الحسين بن علي فثار عليهم فاعتقلوه ونفوه إلى قبرص وجعلوا ابنه فيصل حاكما على العراق وابنه عبد الله أميرا على الأردن.
بدأ عبد الله بن الحسين ببناء إمارة شرق الأردن وبدعم إنجليزي كامل وأجرى أول انتخابات تشريعية عام ١٩٢٧ بعد إصداره للقانون الأساسي وبنى عدد من المدارس و بعض المركز الطبية والتي كانت نادرة الوجود في الأردن تحت ظل الدولة العثمانية. حاول الأمير عبد الله بعد نيل الأستقلال عام ١٩٤٦ تحويل إمارته إلى مملكة وحل المشكله الفلسطينية اليهودية سلميا وحاول اقناع العرب بقبول قرار تقسيم فلسطين وطبعا كان من الصعب جدا أن يتنازل الفلسطنيون عن أرضهم فاجتمعت الجامعة العربية وأصدرت مذكرات شديدة اللهجة لبريطانيا وقرروا إقامة معسكر لتدريب المتطوعين في قطنة بسوريا لتدريب الفلسطينيين على القتال وتكوين جيش عربي أطلق عليه جيش الإنقاذ برئاسة فوزي القوقجي وبدأ بالفعل تنفيذ القرارات بتدريب الفلسطينيين وتشكيل جيش الإنقاذ. ولكن بريطانيا إحتجت على تلك القرارات وأعتبرتها غير ودية.
فاجتمعت الجامعة العربية (ويا للمصادفة فبريطانيا هي التي قامت بتشكيل هذه الجامعة) وتشاورت واتخذت قرارا بغلق معسكر قطنة وتسريح المتطوعين وسحب أسلحة المعسكر والاكتفاء بتجهيز جيش إنقاذ بعدد ٧٧٠٠ مقاتل مقابل ٦٢ ألف مقاتل يهودي ولكن ولكي يقوم جيش الإنقاذ بمهامه وضع شرط أساسي واضح ألا وهو نزع سلاح حركة الجهاد الفلسطينية بقيادة المفتي أمين الحسيني ومن الجدير بالذكر إن فوزي القوقجي كانت تحوم حوله الشبهات لذا فقد بدأ المفتي بقيادة الجهاد المسلح ضد اليهود ومعه عبد القادر الحسيني واجتمع الناس على قيادة المفتي الذي أراد الحصول على التأييد العربي فاتجه إلى الجامعة العربية يعلن رغبته في تكوين حكومة فلسطينية وطنية ولكن الجامعة العربية رفضت الطلب دون تبرير ويبدوا بأن السبب كان رغبة عبد الله بن الحسين بضم الضفة الغربية (الجزء المخصص للعرب في مشروع التقسيم) إلى الأردن كما قال لجولدا مائير ممثلة الوكالة اليهودية آنذاك كما وأنه أبدى رغبته لإقامة علاقات سلام مع الدولة اليهودية وأكد لجولدا بأن عدوهم المشترك هو المفتي أمين الحسيني ويجب التخلص منه لإكمال الخطط وإتمام المشروع.
بعد إعلان دولة إسرائيل تقدمت الجيوش العربية إلى فلسطين وأخذ كل جيش المنطقة المقررة له حسب ترتيبات دولهم وقرروا حل منظمة الجهاد المقدس وهي الفرقة الشعبية الفلسطينية التي يقودها الحاج أمين الحسيني بحجة أن التناسق لن يكون كاملا إذا كانت هناك أطراف أخرى في الصراع غير الجيوش العربية. وكان الظن السائد وما تجده في كتب التاريخ العربي المزور بأن الجيوش العربية جاءت لمنع اليهود من التوسع في احتلال الأراضي الفلسطينية ولكن قيام هذه الدول بإرسال ما لديها من رعايا يهود إلى فلسطين ليزيدوا أعداد المستوطنين فضح مؤامرتهم وكذب إدعائهم فقد أرسلت مصر والسودان ٦٥ ألف مستوطن وأرسلت العراق ٢٦٧ ألف مستوطن وأرسلت اليمن ١٦٥ ألف مستوطن ووأرسلت المغرب ٤٣٨ ألف مستوطن وأرسلت تونس والجزائر ١٢٤ ألف مستوطن وأرسلت ليبيا ٧٧ ألف مستوطن وأرسلت تركيا ٩١ ألف مستوطن وأرسلت إيران ١٢٦ ألف مستوطن وأرسلت الهند وباكستان ٩٨ ألف مستوطن .ولم تقاتل الجيوش في أي منطقة خارج المناطق المقسمة للعرب في قرار تقسيم فلسطين إلا في بعض المناطق القليلة حين دخل الجيش العراقي مرج بن عامر المقسوم لليهود وحصار القدس التي يفترض في التقسيم أنها تحت الإشراف الدولي.
بعد تسليم عبدالله بن الحسين مدينتي اللد والرملة شاع نبأ ارتكاب الخيانة وبدأ اللغط بين الدول العربية فأخذت تسحب جيوشها وترك الأمر لعبد الله بن الحسين ولجيشه حماية البلاد ومن الجدير بالذكر بأن قائد الجيش الأردني في هذه الحرب كان الجنرال جون كلوب الإنجليزي! وكان هناك العديد من الضباط الأنجليز في الجيش الأردني وفي الجيش العراقي، كانوا يقاتلون ضد من يا ترى!!!
قال كلوب عن تلك الخيانة في مذكراته (جندي مع العرب): “لقد تم الاتفاق بين توفيق أبو الهدى رئيس وزراء الأردن مع أرنست بيفن وزير خارجية بريطانيا بحضوري على أن يدخل الجيش الأردني لا لتحرير فلسطين لكن ليضم الضفة الغربية إلى الأردن وهي من الجزء الذي قسمته الأمم المتحدة للعرب وذلك على ألا يقاتل اليهود مطلقا ولا يدخل أرضا قسمت لليهود” وكان الأمير عبدالله بن الحسين يأتمر بأمر الإنجليز والوكالة اليهودية الذان نصباه أميرا فكان كلوب يأمر القوات بالإنسحاب تدريجيا من المناطق ويسلمها لليهود حتى تمت الهدنة بين الطرفين .
وكانت منطقة الخليل قد استعصت على اليهود، فتقدم الجيش الأردني ليلا لمساعدة اليهود فاحتلوا ١٤ قرية من قرى الخليل خلال الهدنة وكان معظم الجنود مغررا بهم من قبل قيادتهم, حيث أعطى كلوب باشا أوامره للجنود الذين كانوا يتمركزون في رام الله وأمرهم بالتحرك غربا حتى الساحل ثم جنوبا فوصلوا إلى الفلوجة دون أن يعوا ذلك لقتال العدو وقبل الهجوم قامت هذه المجموعة بالتكبير والتهليل ليفاجئوا بالعدو يكبر أيضا فأدركوا أن العدو ما هو إلا جنود مصرين يرابطون للدفاع عن المنطقة فأنسحبوا مباشرة من القتال وهناك العديد من الأدلة الملموسة والتاريخ سوف لن يرحم أحد .
إستنجد الفلسطينيون بعبدالله بن الحسين لحمايتهم فأوهمهم كلوب باشا الذي أجتمع معهم في مدرسة دورا الخليل وأخبرهم بأن قوات كبيرة من اليهود يخططون للهجوم على الخليل وأن عبدالله بن الحسين لن يكون جاداً بحمايتهم إلا إذا أعلنوا ولائهم وانضموا للأردن تحت حكمه فكان ما كان وانضمت الضفة الغربية للأردن فسقطت الخليل كاملة بيد المستوطنين اليهود, وأقام النظام الأردني قوة من الدرك لحماية الحدود ومنع التسلل إلى فلسطين وكانت هذه القوة تعمل بالتنسيق الكامل مع حرس الحدود الإسرائيلي والويل كل الويل لمن يمسك من الفلسطينيين متسللاً إلى بلده.